سرير سليمان عليه السلام
بآخر نديدي كه برباد رفت
خنك آنكه بادانش وداد رفت
ثم بعث عبد الله بن جدعان إلى أبيه بالمال الذي دفعه في جناياته ووصل عشيرته كلهم فسادهم وجعل ينفق من ذلك الكنز ويطعم الناس ويفعل المعروف، وكانت جفنته يأكل منها الراكب على البعير وسقط فيها صبي فغرق أي مات قالت عائشة رضي الله عنها يا رسول الله ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ينفعه ذلك يوم القيامة فقال لا لأنه لم يقل يوماً يا رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين أي لم يكن مسلماً لأنه ممن أدرك البعثة ولم يؤمن كما في إنسان العيون روى لما أتى عليه السلام بسبايا طيّ وقعت جارية في السبى فقالت : يا محمد إن رأيت أن تخلى عني ولا تشمت بي أحياء العرب فإني بنت سيد قومي وإن أبي كان يحمي الذمار ويفك العاني ويشبع الجائع ويطعم الطعام ويفشي السلام ولم يرد طالب حاجة قط إني بنت حاتم طي فقال لها رسول الله : يا جارية هذه صفة المؤمنين حقاً ولو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه وقال : خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق وإن الله يحب مكارم الأخلاق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٠٧
قال في أنيس الوحدة : وجليس الخلوة قيل لما عرج النبي عليه السلام اطلع على النار فرأى حظيرة فيها رجل لا تمسه النار فقال عليه السلام ما بال هذا الرجل في هذه الحظيرة لا تمسه النار فقال جبريل عليه السلام هذا حاتم طي صرف الله عنه عذاب جهنم بسخائه وجوده.
قال السعدي :
كنون بركف دست نه هره هست
كه فردا بدندان كزى شت دست
مكردان غرب ازدرت بي نصيب
مباداكه كردى بدرها غريب
نه خواهنده بر در ديكران
بشكران خواهنده از درمران
ريشان كن امروز كنجينه ست
كه فردا كليدش نه دردست تست
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٠٧
﴿أَلَمْ تَرَ﴾ خطاب لرسول الله والمراد أمته بدليل يذهبكم والأمة أمة الدعوة والرؤية رؤية القلب.
وفي التأويلات النجمية يخاطب روح النبي فإن أول ما خلق الله روحه ثم خلق السماوات والأرض وروحه ناظر مشاهد خلقتها، أي : ألم تعلم أو لم تنظر والاستفهام للتقرير أي قدر رأيت أن الله خلق السموات والأرض قال في بحر العلوم آثار فعل الله بالسموات والأرض وسعة الأخبار به متواترة فقامت لك مقام المشاهدة.
بالحق ملتبسة بالحكمة البالغة والوجه الصحيح الذي ينبغي أن يخلق عليه لا باطلاً ولا عبثاً.
إن يشأ
٤٠٩
يذهبكم يعدمكم بالكلية أيها الناس ويأت بخلق جديد أي يخلق بدلكم خلقاً آخر من جنسكم آدميين أو من غيره خيراً منكم وأطوع.
وفي التأويلات النجمية٣ أن يشأ يذهبم أيها الناس المستعد لقبول فيض اللطف والقهر ويأتي بخلق جديد مستعد لقبول فيض لطفه وقهره من غير الإنسان انتهى.
رتب قدرته على ذلك على خلق السماوات والأرض على هذا النمط البديع إرشاداً إلى طريق الاستدلال فإن من قدر على خلق مثل هاتيك الأجرام العظيمة كان على تبديل خلق آخر بهم أقدر ولذلك قال :
وما ذلك أي إذهابكم والإتيان بخلق جديد مكانكم على الله بعزيز بمتعذر أو متعسر، بل هو هين عليه يسير فإنه قادر لذاته على جميع الممكنات لا اختصاص له بمقدور دون مقدور إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون.
كار اكر مشكل اكر آسانست
همه درقدرت او يكسانست
ومن هذا شأنه حقيق بأن يؤمن به ويعبد ويرجى ثوابه ويخشى عقابه.
والآية تدل على كمال قدرته تعالى وصبوريته حيث لا يؤاخذ العصاة على العجلة.
وفي صحيح البخاري ومسلم عن أبي موسى لا أحد اصبر على أذى سمعه من الله إنه يشرك به ويجعل له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم ثم إن تأخير العقوبة يتضمن لحكم منها رجوع التائب وانقطاع حجة المصر.
فعلى العاقل أن يخشى الله تعالى على كل حال فإنه ذو القهر والكبرياء والجلال.
وعن جعفر الطيار رضي الله عنه قال : كنت مع النبي في طريق فاشتد علي العطش فعلمه النبي عليه السلام وكان حذاءنا جبل فقال عليه السلام : بلغ مني السلام إلى هذا الجبل وقل له يسقيك إن كان فيه ماء قال : فذهبت إليه وقلت السلام عليك أيها الجبل فقال الجبل بنطق لبيك يا رسول رسول الله فعرضت القصة فقال بلغ سلامي إلى رسول الله قل له منذ سمعت قوله تعالى : فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة}(البقرة : ٢٤) بكيت بخوف أن أكون من الحجارة التي هي وقود النار بحيث لم يبق في ماء، ثم إن هذا التهديد في الآية إنما نشأ من الكفر والمعصية ولو كان مكانهما الإيمان والطاعة لحصل التبشير وكل منهما جار إلى يوم القيامة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٠٩


الصفحة التالية
Icon