وعن إسماعيل المحاملي قال رأيت في المنام كأني على فضاء من الأرض انظر شرق الأرض وغربها وكأن شخصاً نزل من السماء فبسط يمينه وشماله إلى أطراف الأرض فجمع بكلتا يديه شيئاً من وجه الأرض ثم ضمهما إلى صدره وارتفع إلى السماء ثم نزل كذلك وفعل كالأول ثم نزل في المرة الثالثة وبسط يديه وهم بأن يجمع شيئاً ثم ترك وأرسل يديه ولم يأخذ.
وهمّ بالصعود فقال ألا تسألني فقلت بلى من أنت قال أنا ملك أرسلني الله في المرة الأولى أن أخذ الخير والبركة عن وجه الأرض فأخذت، وفي الثانية أن أخذ الشفقة والرحمة، فأخذت وفي الثالثة أن آخذ الإيمان فنوديت أن محمداً يشفع إليّ وإني قد شفعته فلا أسلب الإيمان من أمته فاترك فتركت فصعد إلى السماء ويداه مرسلتان كذا في "زهرة الرياض" وعند قرب القيامة يسلب الله الإيمان والقرآن فيبقى الناس في صورة الآدميين دون سيرتهم ثم يذهبهم الله جميعاً ويظهر أن العزة والملكتعالى.
قال الجامي :
باغير او اضافت شاهى بود نانك
بريك دو وب اره ز شطرنج نام شاه
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٠٩
[إبراهيم : ٤٨-٦٨]﴿وَبَرَزُوا﴾ أي : بزر الموتى من قبورهم يوم القيامة إلى أرض المحشر أي يظهرون
٤١٠
ويخرجون عند النفحة الثانية حين تنتهي مدة لبثهم في بطن الأرض، قال الله تعالى : ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}(الزمر : ٦٨) وإيثار صيغة الماضي للدلالة على تحقق وقوعه [الكهف : ١٢-٤٧]﴿لامْرِ اللَّهِ﴾ ومحاسبته فاللام تعليلية، وصلة برزوا محذوفة أي برزوا من القبور الموتى جميعاً أي جميعهم من المؤمنين والكافرين، كما في تفسير الكاشفي أو القادة والاتباع اجتمعوا للحشر والحساب وهذا كقوله وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً}(الكهف : ٤٧) كما في "تفسير أبي الليث" ﴿فَقَالَ الضُّعَفَاؤُا﴾ الاتباع والعوام جمع ضعيف والضعف خلاف القوة، وقد يكون في النفس وفي البدن وفي الحال وفي الرأي والمناسب للمقام هو الأخير فإنه لو كان في رأيهم قوة لما اتبعوهم في تكذيب الرسل والإعراض عن نصائحهم.
يقول الفقير في هذه الشرطية نظر لأنه ربما يكون الرجل قوة رأى وجودة فكر مع إنه لا يستقل به لكونه ضعيف الحال خائفاً من سطوة المتغلبة من أهل الكفر والضلال فالأولى أن يكون الضعيف بمعنى المستذل المقهور كما في قوله تعالى : والمستضعفين}(النساء : ٧٥) ﴿لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾ أي لرؤسائهم المستكبرين الخارجين عن طاعة الله إنا كنا في الدنيا لكم تبعاً جمع تابع كخدم جمع خادم وهو المستنّ بآثار من يتبعه أي تابعين في تكذيب الرسل والأعراض عن نصائحهم مطيعين لكم فيما أمرتمونا به.
فهل أنتم (س هي هستيد شما) مغنون دافعون عنا من عذاب الله من شيء من الأولى للبيان واقعة موقع الحال قدمت على صاحبها لكونه نكرة والثانية للتبعيض واقعة موقع المفعول أي بعض الشيء الذي هو عذاب الله والفاء للدلالة على سببية الاتباع للأغناء، والمراد التوبيخ والعتاب لأنهم كانوا يعلمون أنهم لا يغنون عنهم شيئاً مما هم فيه قالوا أي المستكبرون جواباً عن معاتبة الاتباع واعتذارا عما فعلوا بهم يا قوم لو هدينا الله إلى الإيمان ووفقنا له لهديناكم ولكن ضللنا فأضللناكم أي اخترنا لكم ما اخترنا لأنفسنا.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤١٠
وقال الكاشفي :(اكر خداي تعالى نمودى طريق نجات را از عذاب هر آيينه ما نيز شمرا راه مينموديم بدان أما طرق خلاصي مسدود است وشفاعت ما درين دركاه مردود).
وفي التأويلات النجمية قالوا يعني أهل البدع للمتقلدة لو هدينا الله إلى طريق أهل السنة والجماعة وهو الطريق إلى الله وقربته لهديناكم إليه وفيه إشارة إلى أن الهداية والضلالة من نتائج لطف الله وقهره ليس إلى أحد من ذلك شيء فمن شاء جعله مظهراً لصفات لطفه ومن شاء جعله مظهراً لصفات قهره.
قال الحافظ :
درين من نكنم سر زنش بخودرويى
نانكه رورشم ميدهند ميرويم
سواء علينا أجزعنا في طلب النجاة من ورطة الهلاك والعذاب والجزع عدم الصبر على البلاء.
أم صبرنا على ما لقينا انتظاراً للرحمة أي مستو علينا الجزع والصبر في عدم الانجاء ففيه إقناط الضعفاء، والهمزة وأم لتأكيد لتسوية ونحوه اصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم ولما كان عتاب الاتباع من باب الجزع ذيلوا جوابهم ببيان أن لا جدوى في ذلك فقالوا ما لنا من محيص من منجى ومهرب من العذاب.
وبالفارسية (كريز كاهى وناهى)
٤١١
من الحيص وهو العدول على جهة الفرار يقال حاص الحمار إذا عدل بالفرار.
وفي التأويلات : ما لنا من محيص من مخلص للنجاة لأنه ضاع منا آلة النجاة وأوانها ويجوز أن يكون قوله سواء علينا كلام الضعفاء والمستكبرين جميعاً ويؤيده أنهم يقولون تعالوا نجزع فيجزعون خمسمائة عام فلا ينفعهم فيقولون تعالوا نصبر أي رجاء أن يرحمهم الله بصبرهم على العذاب كما رحم المؤمنين بصبرهم على الطاعات فيصبرون كذلك فلا ينفعهم (يعني ازهي يك فائده نمى رسد) فعند ذلك يقولون ذلك.
قال السعدي قدس سره :


الصفحة التالية
Icon