جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤١٣
﴿وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ﴾ هي كلمة الكفر ويدخل
٤١٤
فيها كل كلمة قبيحة من الدعاء إلى الكفر وتكذيب الحق ونحوهما كشجرة خبيثة كمثل شجرة خبيثة أي صفتها كصفتها وهي الحنظل ويدخل فيها كل ما لا يطيب ثمرها من الكسوب وهو نبت يتعلق بأغصان الشجر من غير أن يضرب بعرق في الأرض، ويقال له اللبلاب، والعشقة والثوم قد يقال إنها من النجم لا الشجر والظاهر إنه من باب المشاكلة.
قال في التبيان وخبثها غاية مرورتها ومضرتها وكل ما خرج عن اعتداله فهو خبيث.
وقال الشيخ الغزالي رحمه الله : شبه العقل بشجرة طيبة والهوى بشجرة خبيثة فقال : ألم تر كيف إلخ انتهى.
فالنفس الخبيثة الأمارة كالشجرة الخبيثة تتولد منها الكلمة الخبيثة وهي كلمة تتولد من خباثة النفس الخبيثة الظالمة لنفسها بسوء اعتقادها في ذات الله وصفاته، أو باكتساب المعاصي والظالمة لغيرها بالتعرض لعرضه أو ماله.
اجتثت الجث القطع باسئصال أي اقتلعت جثتها وأخذت بالكلية.
من فوق الأرض لكون عروقها قريبة منها.
مالها من قرار استقرار عليها.
يقال قر الشيء قراراً نحو ثبت ثباتاً.
قال الكاشفي :(نيست اورا ثبات واستحكام يعني نه بيخ دارد برزمين ونه شاخ درهوا)
نه بيخى كه آن باشد اورا مدار
نه شاخى كه كردد بدان سايه دار
كيا هيست افتاده بر روى خاك
ريشان وبى حاصل وخورناك
(حق سبحانه وتعالى تشبيه كرد درخت ايما نراكه أصل آن در دل مؤمن ثابتست وأعمال أو بجانب أعلاي عليين مرتفع وثواب أو در هر زمان بدو واصل بدرخت خرماكه بيخ أو مستقراست درمنبت أو وفرع متوجه بجانب علو ونفع أو در هر وقت دهنده بخلق وتمثيل نموده كلمه كفر وعبادت أصنام راكه دردل كافر مقلد بجهت عدم حجت وبرهان بران ثباتي ندارد وعملي كه نيز بمقصد قبول رسد ازو صادر نبميشود بشجره حنظل كه نه اصل اورا قراريست ونه فرع اورا اعتباري)
نهال سايه ورى شرع ميوه دارد
نان لطيف كه برهي شاخسارى نيست
درخت زندقه شاخيست خشك وبى سايه
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤١٤
كه يش هيكسش هي اعتباري نيست
وفي الكواشي قالوا : شبه الإيمان بالشجرة لأن الشجرة لا بد لها من أصل ثابت وفرع قائم ورأس عال فكذا الايمان لا بد له من تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالأبدان.
وقال أبو الليث : المعرفة في قلب المؤمن العارف ثابتة بل هي أثبت من الشجرة في الأرض لأن الشجرة تقطع ومعرفة العارف لا يقدر أحد أن يخرجها من قلبه إلا المعرف الذي عرفه.
يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت هو كلمة التوحيد لأنها راسخة في قلب المؤمن كما قال الكاشفي (قول ثابت كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله اسكت كه خداي تعالى بران ثابت ميدارد مؤمنانرا).
في الحيوة الدنيا أي : قبل الموت فإذا ابتلوا ثبتوا ولم يرجعوا عن دينهم ولو عذبوا أنواع العذاب كمن تقدمنا من الأنبياء والصالحين، مثل زكريا ويحيى وجرجيس وشمعون والذين قتلهم أصحاب الأخدود والذين مشطت لحومهم بأمشاط الحديد.
قال سعدي المفتي : روى أن جرجيس كان من الحواريين علمه الله الاسم الذي يحيي به الموتى وكان بأرض الموصل جبار يعبد الصنم فدعاه جرجيس إلى عبادة الله وحده فأمر به فشد جلاه ويداه ودعا بأمشاط من الحديد فشرح بها
٤١٥
صدره ويديه ثم صب عليه ماء الملح فصبره الله تعالى ثم دعا بمسامير من حديد فسمر بها عينيه وأذنيه فصبره الله تعالى عليه ثم دعا بحوض من نحاس فأوقد تحته حتى أبيض ثم القي فيه فجعله الله برداً وسلاماً ثم قطع أعضاءه إرباً إرباً فأحياه الله تعالى ودعاهم إلى الله تعالى ولم يؤمن الملك فأهلكه الله مع قومه بأن قلب المدينة عليهم وجعل عاليها سافلها.
وشمعون كان من زهاد النصارى وكان شجاعا يحارب عبدة الأصنام من الروم ويدعوهم إلى الدين الحق، وكان يكسر بنفسه جنوداً مجندة واحتال عليه ملك الروم بأنواع من الحيل ولم يقدر عليه إلى أن خدع امرأته بمواعيد فسألته في وقت خلوة كيف يغلب عليه، فقال أن أشد بشعري في غير حال الطهارة فإني حينئذٍ لم أقدر على الحل فأحاطوا به في منامه وشدوه كذلك والقوه من قصر الملك فهلك.
وفي نفائس المجالس عمدوا إلى قتله بالأذية فدعا الله تعالى أن ينجيه من الأعداء فأنجاه الله تعالى فأخذ عمود البيت وخرّ عليهم السقف فهلكوا.
وفي الآخرة أي : يثبتهم في القبر عند سؤال منكر ونكير وفي سائر المواطن والقبر من الآخرة فإنه أول منزل من منازل الآخرة.
ويضل الله الظالمين أي يخلق الله في الكفرة والمشركين الضلال فلا يهديهم إلى الجواب بالصواب كما ضلوا في الدنيا ويفعل الله ما يشاء من تثبت أي خلق ثبات في بعض واضلال أي خلق ضلال في آخرين من غير اعتراض عليه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤١٤