وفي التأويلات النجمية يمكنهم في مقام الإيمان بملازمة كلمة لا إله إلا الله والسير في حقائقها في مدة بقائهم في الدنيا وبعد مفارقة البدن، يعني أن سير أصحاب الأعمال ينقطع عند مفارقة الروح عن البدن وسير أرباب الأحوال يثبت بتثبيت الله أرواحهم بأنوار الذكر وسيرهم في ملكوت السموات والأرض بل طيرهم في عالم الجبروت بأجنحة أنوار الذكر وهي جناحا النفي والإثبات فإن نفيهم بالله عما سواه وإثباتهم بالله في الله لا ينقطع أبد الآباد.
والآية : دليل على حقية سؤال القبر وعلى تنعيم المؤمنين في القبر فإن تثبيت الله عبده في القبر بالقول الثابت هو النعمة كل النعمة.
قال الفقيه أبو الليث قد تكلم العلماء في عذاب القبر.
قال بعضهم يجعل الروح في جسده كما كان في الدنيا ويجلس أي يأتيه ملكان أسودان أزرقان فظان غليظان أعينهما كالبرق الخاطف وأصواتها كالرعد القاصف معهما مرزبة فيقعدان الميت ويسألانه فيقولان له من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول المؤمن الله ربي والإسلام ديني ومحمد نبي فذلك هو الثبات وأما الكافر والمنافق فيقول لا أدري فيضرب بتلك المرزبة فيصيح صيحة يسمعها ما بين الخافقين إلا الجن والأنس.
وقال بعضهم : يكون الروح بين جسده وكفنه.
وقال بعضهم : يدخل الروح في جسده إلى صدره وفي كل ذلك قد جاءت الآثار والصحيح أن يقر الإنسان بعذاب القبر ولا يشغل بكيفيته.
وفي أسئلة الحكم : الأرواح بعد الموت ليس لها نعيم ولا عذاب حسي جسماني لكن ذلك نعيم أو عذاب معنوي حتى تبعث أجسادها فترد إليها فتنعم عند ذلك حساً ومعنى.
ألا ترى إلى بشر الحافي رحمه الله لما رؤى في النوم قيل ما فعل الله بك قال غفر لي وأباح لي نصف الجنة يعني روحه منعمة بالجنة فإذا حشر ودخل الجنة ببدنه يكمل النعيم بالنصف الآخر، وهل عذاب القبر دائم أو ينقطع؟ فالجواب نوع دائم بدليل قوله تعالى :
٤١٦
النار يعرضون عليها غدواً وعشيا}(غافر : ٤٦) ونوع منقطع وهو بعض العصاة الذين خفت جرائمهم فيعذب بحسب جرمه ثم يخفف عنه كما يعذب في النار مدة ثم يزول عنه العذاب وقد ينقطع عنه العذاب بدعاء أو صدقة أو استغفار أو ثواب بحج أو قراءة تصل إليه من بعض أقاربه أو غيرهم كما في "الفتح القريب" وفي الحديث :"اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن أرّد إلى أرذل العمل وأعوذ بك من فتنة الدجال وأعوذ بك من عذاب القبر"، وكان صلى الله عليه وسلّم إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه وقال :"استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبت فإنه الآن يسال" ـ ـ وروى ـ ـ أن النبي صلى الله عليه وسلّم لما دفن ولده إبراهيم وقف على قبره فقال :"يا بني القلب يحزن والعين تدمع ولا نقول ما يسخط الرب إناوإنا إليه راجعون يا بني قل الله ربي والإسلام ديني ورسول الله أبي" فبكت الصحابة منهم عمر رضي الله عنه حتى ارتفع صوته فالتفت إليه رسول الله فقال :"ما يبكيك يا عمر" فقال : يا رسول الله هذا ولدك وما بلغ الحلم ولا جرى عليه القلم ويحتاج إلى تلقين مثلك يلقنه التوحيد في مثل هذا الوقت، فما حال عمر وقد بلغ الحلم وجرى عليه القلم وليس له ملقن مثلك فبكى النبي عليه السلام وبكت الصحابة معه فنزل جبريل بقوله تعالى :﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ بالقول الثابت في الحيوة الدنيا وفي الآخرة فتلا النبي عليه السلام الآية فطابت الأنفس وسكنت القلوب وشكروا الله.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤١٤
وقال بعضهم : الأنبياء والصبيان والملائكة لا يسألون وقد اختص نبينا بسؤال أمته عنه بخلاف بقية الأنبياء وما ذاك إلا أن الأنبياء قبل نبينا كان الواحد منهم إذا أتى أمته وأبوا عليه اعتزلهم وعوجلوا بالعذاب، وأما نبينا عليه السلام فبعث رحمة بتأخير العذاب ولما أعطاه الله السيف دخل في دينه قوم مخافة من السيف فقيض الله فتاني القبر ليستخرجا بالسؤال ما كان في نفس الميت فيثبت المسلم ويزل المنافق.
وفي بعض الآثار : يتكرر السؤال في المجلس الواحد ثلاث مرات وفي بعضها أن المؤمن يسأل سبعة أيام والمنافق أربعين يوماً.
ولا يسأل من مات يوم الجمعة وليلته من المؤمنين.
وكذا في رجب وشعبان ورمضان وهو بعد العيد في مشيئته الله تعالى لكن الله تعالى هو أكرم الأكرمين فالظن على أنه لا يؤمر بالسؤال كما في الواقعات المحمودية.
وفي كلام الحافظ السيوطي لم يثبت في التلقين حديث صحيح أو حسن بل حديثه ضعيف باتفاق جمهور المحدثين والحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال.
فعلى العاقل أن يموت قبل أن يموت ويحيي بالحياة الطيبة وذلك بظهور سر الحياة له بتربية مرشد كامل كما قال في المثنوى :
هين كه اسرافيل وقتند اوليا
مرده را زيشن حياتست ونما
جانهى مرده اندر كورتن
برجهد زآوازشان اندر كفن
كويداين آواز زآواها جداست
زنده كردن كار آواز خداست
ما بمرديم وبكلى كاستيم
بان حق آمد همه بر خاستيم
مطلق ان آواز خودازشه بود
كره از حلقوم عبد الله بود
كفت اورامن زبان وشم تو