يقول الفقير : الظاهر أن الامام الغزالي خصص الحجرين بالذكر بناء على أنهما أعظم ما يضل الناس وقد شبه رسول الله صلى الله عليه وسلّم طلاب الدراهم والدنانير بعبدة الحجارة فقال :"تعس عبد الدراهم تعس عبد الدنانير" وإلا فكل ما هو من قبيل الهوى فهو صنم ألا ترى إلى قوله تعالى :﴿أَفَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَاهَه هَوَااهُ﴾ (الجاثية : ٢٣) ولذا قال في "التأويلات النجمية".
صنم النفس الدنيا.
وصنم القلب العقبى.
وصنم الروح الدرجات العلى.
وصنم السر عرفان القربات.
وصنم الخفي الركون إلى المكاشفات والمشاهدات وأنواع الكرامات فلا بد من الفناء عن الكل.
سالك اك رو نخوانندش
آنكه ازما سوى منزه نيست
قال شيخي وسندي روّح الله روحه في بعض المجالس، معي أهل الدنيا كثير وأهل العقبى قليل، وأهل المولى أقل من القليل وذلك كالسلاطين والملوك فإنهم بالنسبة إلى الوزراء أقل وهم بالنسبة إلى سائر أرباب الجاه كذلك، وهم بالنسبة إلى الرعية كذلك فالرعايا كثيرون وأقل منهم أرباب الجاه وأقل منهم الوزراء وأقل منهم السلاطين فلا بد من ترك الأصنام مطلقاً وأعظم الحجب والأصنام الوجود المعبر عنه بالفارسية.
هستى بودو جود مغربي لات ومنات أو بود
نيست بتى و بود او درهمه سو منات تو
وفي الآية : دليل على أن عصمة الأنبياء بتوفيق الله تعالى وحقيقة العصمة أن لا يخلق الله تعالى في العبد ذنباً مع بقاء قدرته واختياره ولهذا قال الشيخ أبو منصور : العصمة لا تزيل المحنة أي التكليف فينبغي للمؤمن أن لا يأمن على إيمانه وينبغي أن يكون متضرعاً إلى الله ليثبته على الإيمان كما سأل إبراهيم لنفسه ولبنيه الثبات على الإيمان ـ ـ وروى ـ ـ عن يحيى بن معاذ أنه كان يقول : اللهم أن جميع سروري بهذا الايمان وأخاف أن تنزعه مني فما دام هذا الخوف معي رجوت أن لا تنزعه مني.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٢٠
[يوسف : ٣٣-٥١]﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ﴾ (اي رورد كار من) أي : الأصنام أضللن كثيراً من الناس ولذلك سألت منك أن تعصمني وبني من إضلالهن، واستعذت بك منه، يقول : بهن ضل كثير من الناس، فكان الأصنام سبباً لضلالتهم فنسب الاضلال إليهن وإن لم يكن منهن عمل في الحقيقة كقوله تعالى : وغرتهم الحيوة الدنيا}(الأنعام : ٧٠) أي اغتروا بسببها وقال بعضهم كان الاضلال منهن لأن الشياطين كانت تدخل أجواف الأصنام وتتكلم ـ ـ كما حكى ـ ـ أن واحداً من الشياطين دخل جوف صنم أبي جهل فأخذ يتحرك ويتكلم في حق النبي عليه السلام كلمات قبيحة فأمر الله واحداً من الجن فقتل ذلك الشيطان ثم لما كان الغد واجتمع الناس حول ذلك الصنم أخذ يتحرك ويقول لا إله إلا الله محمد رسول الله وأنا صنم لا ينفع ولا يضر ويل لمن عبدني من دون الله فلما سمعوا ذلك قام أبو جهل وكسر صنمه وقال إن محمداً سحر الأصنام.
قال الكمال الخجندي قدس سره :
بشكن بت غرور كه دردين عاشقان
يك بت كه بشكنند به ازصد عبادتست
﴿فَمَن تَبِعَنِى﴾ (هركس كه) منهم فيما ادعوا إليه من التوحيد وملة الإسلام فإنه مني
٤٢٥
من تبعيضية فالكلام على التشبيه أي كبعضي في عدم الانفكاك عني، وكذلك قوله : من غشنا فليس منا أي ليس بعض المؤمنين على أن الغش ليس من أفعالهم وأوصافهم ومن عصاني أي لم يتبعني فإنه في مقابلة تبعني كتفسير الكفر في مقابلة الشكر بترك الشكر.
فإنك غفور رحيم قادر على أن تغفر له وترحمه ابتداء وبعد توبته.
وفي دليل على أن كل ذنب فللَّه تعالى أن يغفره حتى الشرك إلا أن الوعيد فرق بينه وبين غيره فالشرك لا يغفر بدليل السمع وهو قوله تعالى : إن الله لا يغفر أن يشرك به}(النساء : ١١٦) وإن جاز غفرانه عقلاً فإن العقاب حقه تعالى فيحسن إسقاطه مع أن فيه نفعاً للعبد من غير ضرر لأحد وهو مذهب الأشعري.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٢٥
وفي "التأويلات النجمية" قد حفظ الأدب فيما قال ومن عصاني وما قال ومن عصاك لأنه بعصيان الله لا يستحق المغفرة والرحمة والإشارة فيه أن من عصاني لعلي لا أغفر له ولا أرحم عليه فإن المكافاة في الطبيعة واجبة ولكن من عصاني فتغفر له وترحم عليه فيكون من غاية كرمك وعواطف إحسانك فإنك غفور رحيم وفي الحديث :"ينادي مناد من تحت العرش يوم القيامة يا أمة محمد أمّا ما كان لي من قبلكم فقد وهبت لكم" (يعني كناهى كه درميان من وشماست بخشيدم) "وبقيت التبعات فتواهبوها وادخلوا الجنة برحمتي" والتبعات جمع تبعة بكسر الباء ما اتبع به من الحق.
وذكر أن يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله قال إلهي إن كان ثوابك للمطيعين فرحمتك للمذنبين إني وإن كنت لست بمطيع فارجو ثوابك وأنا من المذنبين فارجو رحمتك.
نصيب ماست بهشت اي خداشناش برو
كه مستحق كرامت كنا هكارانند