قال الكاشفي :(وذكر بمعنى شرف نيز مى آيد يعني اين كتاب موجب شرف خوانند كانست) يعني في الدنيا والآخرة كما قال تعالى : بل أتيناهم بذكرهم}(المؤمنون : ٧١) أي : بما فيه شرفهم وعزهم وهو الكتاب ﴿وَإِنَّا لَه لَحَافِظُونَ﴾ في كل وقت من كل ما لا يليق به كالطعن فيه والمجادلة في حقيته والتكذيب له والاستهزاء به، والتحريف والتبديل
٤٤٣
والزيادة والنقصان ونحوها، وأما الكتب المتقدمة فلما لم يتول حفظها واستحفظها الناس تطرق إليها الخلل.
وفي التبيان أو حافظون له من الشياطين من وساوسهم وتخاليطهم.
يعني (شيطان نتواندكه درويزى از باطل بيفزايد يا يزى از حق كم كند).
قال في بحر العلوم : حفظه إياه بالصرفة على معنى أن الناس كانوا قادرين على تحريفه ونقصانه كما حرفوا التوراة والإنجيل لكن الله صرفهم عن ذلك أو بحفظ العلماء وتصنيفهم الكتب التي صنفوها في شرح الفاظه ومعانيه ككتب التفسير والقراآت وغير ذلك.
وفي المثنوى :
مصطفى را وعده كرد الطاف حق
كر بميرى تونميرد اين سبق
من كتاب معجزت را رافعم
بيش وكم كن را زقرآن مانعم
من ترا اندر دو عالم حافظم
طاعنا نرا از حديثت دافعم
كس نتاند بيش وكم كردن درو
تو به ازمن حافظي ديكر مجو
رونقت را روز روز افزون كنم
نام توبر زر و بر نقره زنم
منبر ومحراب سازم بهرتو
در محبت قهر من شد قهرتو
ا كرانت شهرها كيرند وجاه
دين توكيرد زماهى تابماه
تا قيامت باقيش داريم ما
تومترس ازنسخ دين اي مصطفى
وعن أبي هريرة قال رسول الله : إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ذكره أبو داود في سننه.
وفيما ذكر إشارة إلى أن القرآن العظيم ما دام بين الناس لا يخلو وجه الأرض عن المهرة من العلماء والقراء والحفاظ روي أنه يرفع القرآن في آخر الزمان من المصاحف فيصبح الناس فإذا الورق أبيض يلوح ليس فيه حرف ثم ينسخ القرآن من القلوب فلا يذكر منه كلمة ثم يرجع الناس إلى الأشعار والأغاني وأخبار الجاهلية كما في فصل الخطاب.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٤٣
فعلى العاقل التمسك بالقرآن وحفظه نظما ومعنى فإن النجاة فيه، وفي الحديث : من استظهر القرآن خفف عن والديه العذاب وإن كانا مشركين، وفي حديث آخر اقرأوا القرآن واستظهروه فإن الله لا يعذب قلباً وعى القرآن وفي حديث آخر لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقى في النار ما احترق أي من جعله الله حافظاً للقرآن لا يحترق.
وسئل الفرزدق لِمَ يهجوك جرير بالقيد فقال : قال لي أبي يوماً : تعال فذهبت أثره حتى جئنا إلى بادية فرأينا من بعيد شخصاً يجلس تحت شجرة مشغولاً بالعبادة، فغير أبي أو ضاعة فمشى على مسكنة وذلة، فلما قرب منه خلع نعليه وسلم بالخضوع والخشوع عليه وهو لم يلتفت إليه ثم تضرع ثانياً فرفع رأسه ورد سلامه ثم خاطبه أبي بالتواضع إليه، وقال : إن هذا ابني وله قصائد من نفسه، فقال مرة : قل لابنك تعلم القرآن واحفظه قال ثم رجعنا من عنده فبكيت، فقال أبي : لِمَ تبكي يا بني ونور عيني؟ قلت : لِمَ لا أبكي وقد التفت إلى شخص وأنت من فضلاء الدهر وفصحائه وهو لم يلتفت إليك أصلاً؟ قال : اسكت هو أمير علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قلت : الآن هو أمرني بحفظ القرآن، فقال : نعم فعهدت أن أحفظه وقيدت قدميّ بالأدهم حتى حفظته ثم أطلقت فانظر إلى اهتمامه وحفظه.
درقيامت نرسد شعر بفرياد كسى
كه سراسر سخنش حكمت يونان كردد
كما قال مولانا سيف الدين المناري : وكان من كبار العلماء رأيت لبعضهم كلمات في الدنيا عالية ثم رأيته حال الرحلة عن الدنيا في اية الضعف والتشويش وقد ذهب عنه التحقيقات والمعارف في ذلك الوقت فإن الأمر الحاصل بالتعمل والتكلف كيف يستقر حال الهرم والأمراض
٤٤٤
وضعف الطبيعة سيما حال مفارقة الروح.
قيل : اشتغل الامام زفر رحمه الله في آخر عمره بتعليم القرآن وتلاوته سنتين ثم مات ورآه بعض شيوخ عصره في منامه فقال لولا سنتان لهلك زفر.
قال الكاشفي :(وكويند ضمير عائد بحضرت رسالت است يعني نكهبان وييم از مضرت اعدا) كما قال تعالى : والله يعصمك من الناس.
كر جمله جهانم خصم كردند
نترسم ون نكهدارم توباشى
زشادى درهمه حالم نكنجم
اكريك لحظه غمخوارم توباشى
والإشارة : إنا نحن نزلنا الذكر}(المجادلة : ٢٢) في قلوب المؤمنين وهو قول لا إله إلا الله نظيره قوله تعالى :﴿أولئك كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الايمَانَ﴾ (الفتح : ٤) وقوله :﴿هُوَ الَّذِى أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِى قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ فالمنافق يقول لا إله إلا الله ولكن لم ينزله الله في قلبه ولم يحصل فيه الإيمان وإنا له لحافظون أي في قلوب المؤمنين ولو لم يحفظ الله الذكر والإيمان في قلوب المؤمن لما قدر المؤمن على حفظه لأنه ناسٍ.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٤٣


الصفحة التالية
Icon