وفي تهذيب المصادر : السكر (بند بستن) كما قال الكاشفي (جزين نيست كه بربسته اند شمهاى مارا و خيره ساخته) بل نحن قوم مسحورون}(القمر : ٢) قد سحرنا محمد كما قالوه عند ظهور سائر الآيات الباهرة كما قال تعالى حكاية عنهم ﴿وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ﴾ تلخيصه لو أوتوا بما طلبوا لكذبوا لتماديهم في الجحود والعناد وتناهيهم في ذلك كما في الكواشي.
وفي كلمتي الحصر والاضراب دلالة على أنهم يبتون القول بذلك وأن ما يرونه لا حقيقة له وإنما هو أمر خيل إليهم بنوع من السحر، قالوا : كلمة إنما تفيد الحصر في المذكور آخراً فيكون الحصر في الأبصار لا في التسكير فكأنهم قالوا سكرت أبصارنا لا عقولنا فنحن وإن
٤٤٦
نتخايل بأبصارنا هذه الأشياء لكنا نعلم بعقولنا أن الحال بخلاقه، ثم قالوا : بل نحن كأنهم اضربوا عن الحصر في الأبصار وقالوا بل جاوز ذلك إلى عقولنا بسحر سحره لنا.
أي رسول ما تو جادوا نيستى
آننانكه هي مجنون نيستى
واعلم أن السحر من خرق العادة، وخرق العادة قد يصدر من الأولياء فيسمى كرامة، وقد يصدر من أصحاب النفوس القوية من أصل الفطرة وإن لم يكونوا أولياء وهم على قسمين : إما خير بالطبع أو شرير، والأول : إن وصل إلى مقام الولاية فهو وليّ وإن لم يصل فهو من الصلحاء المؤمنين والمصلحين، والثاني : خبيث ساحر ولكل منهما التصرّف في العالم الشهادي بحسب مساعدة الأسباب المهيأة لهم فإن ساعدتهم الأسباب الخارجية استولوا على أهل العالم كالفراعنة من السحرة وإن لم تساعدهم ليس لهم ذلك إلا بقدر قوّة اشتغالهم بأسبابهم الخاصة والسحر لا بقاء له بخلاف المعجزة كالقرآن فإنه باق على وجه كل زمان والسحر يمكن معارضته بخلافها ولا يظهر السحر إلا على يد فاسق، وكذا الكهانة والضرب بالرمل والحصى ونحو ذلك والضرب بالحصى هو الذي يفعله النساء ويقال له الطرق وقيل الخط في الرمل وأخذ العوض عليه حرام كما في فتح القريب.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٤٥
قال الشيخ صلاح الدين الصفدي في كتاب اختلاف الأئمة السحر رقى وعزائم وعقد تؤثر في الأبدان والقلوب فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه وله حقيقة عند الأئمة الثلاثة.
وقال الإمام أبو حنيفة : لا حقيقة له ولا تأثير له في الجسم وبه قال جعفر الاسترابادي من الشافعية وتعلمه حرام بالإجماع، وكذا تعلم الكهانة والشعبذة والتنجيم والضرب بالشعير وأما المعزم الذي يعزم على المصروع ويزعم أنه يجمع الجن وإنها تطيعه فذكره أصحابنا في السحرة روى عن الإمام أحمد أنه توقف فيه، وسئل سعيد بن المسيب عن الرجل الذي يؤخذ عن امرأته ويلتمس من يداويه فقال إنما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع فإن استطعت أن تنفع أخاك فافعل انتهى ما في اختلاف الأئمة باختصار، وكون السحر إشراكاً مبنى على اعتقاد التأثير منه دون الله والتطير والتكهن والسحر على اعتقاد التأثير كفر، وكذا الذي تطير له أو تكهن له أو سحر له إن اعتقد ذلك وصدقه كفر وإلا فحرام وليس بكفر، فعلى الأول معنى قوله عليه السلام : ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له أنه كافر وعلى الثاني ليس من أهل سنتنا وعامل طريقتنا ومستحق شفاعتنا، وأما تعليق التعويذ وهو الدعاء المجرب أو الآية المجربة أو بعض أسماء الله تعالى لدفع البلاء فلا بأس، ولكن ينزعه عند الخلاء والقربان إلى النساء كذا في التتارخانية، وعند البعض يجوز عدم النزع إذا كان مستوراً بشيء والأولى النزع كذا في شرح الكردي على الطريقة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٤٥
﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا﴾ الجعل هنا بمعنى الخلق والابداع.
والمعنى : بالفارسية (وبدرستى كه ما آفرديم ويدا كرديم).
في السماء متعلق بجعلنا.
بروجاً قصوراً ينزلها السيارات السبع في السموات السبع كما أشار إليها في نصاب الصبيان على الترتيب بقوله :
هفت كوكب هست كيتى را
كاه ازيشان مدار وكاه خلل
قمرست وعطارد وزهره
شمس ومريخ ومشترى وزحل
٤٤٧
وهي البروج الاثنا عشر المشهورة المختلفة الهيئات والخواص وأسماؤها : الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت.
وقد بسطنا القول في البروج والمنازل في أوائل سورة يونس فليراجع ثمة، وإنما سميت البروج التي هي القصور المرفوعة لأنها لهذه الكواكب كالمنازل لسكانها، واشتقاق البرج من التبرج لظهورها.


الصفحة التالية
Icon