أسماء أشياء لم توجد ولم تكن
وتزعم العرب أنه إذ انفرد رجل في الصحراء ظهرت له في خلقة إنسان ورجلاها رجلاً حمار انتهى.
وأما قول صاحب المثنوى قدس سره :
ذكر حق كن بانك غولاً نرا بسوز
شم نركس را ازين كركس بدوز
فيشير إلى الشياطين الخبيثة المفسدة بل إلى كل مضل للطالب عن طريق الحق على سبيل التشبيه وفائدة الذكر كونه دافعاً لوساوسه لأنه إذا ذكر الله خنس الشيطان أي تأخر، ولعل المراد والله أعلم أن الجن ليس لهم دماغ كأدمغة بني آدم فلا تحمل لهم على استماع الصوت الجهوري الشديد فالذاكر إذا رفع صوته بالذكر طرد عن نفسه الشيطان وأحرقه بنور ذكره وأفسد عقله بشدة صوته وشهاب نفسه المؤثر.
ذكر أبو بكر الرازي أن التكبير جهرا في غير أيام التشريق لا يسن إلا بإزاء العدو واللصوق تهييباً لهم انتهى.
يقول الفقير : لما كان أعدى العدو هي النفس وأشد اللصوص والسراق هو الشيطان اعتاد الصوفية بجهر الذكر في كل زمان ومكان تهييباً لهما وطرداً لوسوستهما والقاآتهما.
والعاقل لا يستريب فيه أصلاً
٤٥٠
ولا يصيخ إلى قول المنكر رأساً.
وقال محمد بن طلحة في العقد الفريد : قد اختار الحكماء للسلطان جهارة الصوت في كلامه ليكون أهيب لسامعيه وأوقع في قلوبهم انتهى.
وفيه إشارة إلى أن الروح مع القوى والأعضاء كالسلطان مع الاتباع والرعايا فما هو ملتزم في الآفاق ملتزم في الأنفس إلى أن ترتفع الحاجة والضرورة بأن أوقع المكالمة مع الندماء لكون المقام مقام الانبساط وقس عليه حال أهل الشهود والوصول إلى الله والحصول عنده بحيث ما غابوا لحظة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٤٧
﴿وَالارْضَ﴾ نصب على الحذف على شريطة التفسير.
مددناها بسطناها ومهدناها للكسنى.
وبالفارسية (وزمين را باز كشيدم برروى آب ازز يرخانه كعبه) عن أبي هريرة رضي الله عنه خلقت الكعبة أي موضعها قبل الأرض بالفي سنة كانت حشفة على الماء عليها ملكان يسبحان الله فلما أراد الله أن يخلق الأرض دحاها منها أي بسطها فجعلها في وسط الأرض.
وفي بعض الآثار : أن الله سبحانه وتعالى قبل أن يخلق السموات والأرض كان عرشه على الماء أي العذب، فلما اضطرب العرش كتب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن، فلما أراد أن يخلق السموات والأرض أرسل الريح على ذلك الماء فتموج فعلاه دخان فخلق من ذلك الدخان السموات، ثم أزال ذلك الماء عن موضع الكعبة فيبس.
وفي لفظ أرسل على الماء ريحاً هفافة فصفقت الريح الماء أي ضرب بعضه بعضاً فأبرز عنه خشفة بالخاء المعجمة وهي حجارة يبست بالأرض في موضع البيت كأنها قبة وبسط الحق سبحانه من ذلك الموضع جميع الأرض طولها وعرضها وهي أصل الأرض وسرتها أي وسط الأرض المعمورة المسكونة وأما وسط الأرض عامرها وخرابها فقبة الأرض وهو مكان معتدل فيه الأزمان في الحر والبرد ومستوفية الليل والنهار أبداً.
واعلم أن من الأمكنة الأرضية ما يلحق بعالم الجنان كمكة والمدينة وبيت المقدس والمساجد والبقاع للعبودية، خصوصاً ما بين قبر النبي عليه السلام ومنبره روضة من رياض الجنة ومن دخله وزاره بالاعتقاد الخالص والنية الصادقة كان آمناً من المكاره والمخاوف في الدنيا والآخرة.
اين ه زمين است كه عرش برين
رشك برد باهمه رفعت بدين
ونكه نيم محرم ديوار تو
مى نكرم بردر وديوار تو
آنكه شرف يافت بديدار تو
جان ه بود تاكند ايثار تو
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥١
وألقينا فيها رواسي أي : جبالاً ثوابت، لولا هي لمارت، فلم يستقر له أحد على ظهرها يقال رسارسوا ورسوّا ثبت كأرسى، شبه الجبال الرواسي استحقاراً لها واستقلالاً لعددها وإن كانت خلقاً عظيماً بحصيات قبضهن قابض بيده فنبذهن وما هو إلا تصوير لعظمته وتمثيل لقدرته وإن كان فعل عظيم يتحير فيه الأذهان فهو هين عليه.
والمعنى وجعلنا في الأرض رواسي بقدرتنا الباهرة وحكمتنا البالغة وذلك بأن قال لها كوني فكانت، فأصبحت الأرض وقد أرسيت بالجبال بعد أن كانت تمور موراً، فلم يدر أحد مم خلقت، وعدد الجبال سوى التلول ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون على ما في زهرة الرياض وأول جبل نصب على وجه الأرض أبو قبيس وهو جبل بمكة وأفضل الجبال على ما قاله السيوطي أحد بضمتين وهو جبل بالمدينة لقوله
٤٥١


الصفحة التالية
Icon