عليه السلام : أحد يحبنا ونحبه وكان مهبط آدم عليه السلام بأرض الهند بجبل عال يراه البحريون من مسافة أيام وفيه أثر قدم آدم مغموسة في الحجر ويرى على هذا الجبل كل ليلة كهيئة البرق من غير سحاب ولا بد له في كل يوم من مطر يغسل قدمي أدم وذروة هذا الجبل أقرب ذري جبال الأرض إلى السماء كما في إنسان العيون ويضاف هذا الجبل إلى سرنديب وهو بلد بالهند والجبال خزائن الله في أرضه لمنافع عباده وإنها بمنزلة الرجال في الأكوان يقال للرجل الكامل جبل حكى أن بعض الأولياء رأى مناماً في الليلة التي ألك فيها رجال بغداد على يد هولاكوخان إن جبال العراقين ذهبت من وجه الأرض بهبوب الرياح المظلمة على بغداد فوصل الخبر أن هولاكوخان قد دخل مدينة بغداد في تلك اليلة وقتل من الأولياء والعلماء والصلحاء والأمراء وسائر الناس ما لا يحصى عدداً.
سركشته بودخواه ولى خواه نبي
دروادي ما أدري ما يفعل بي
وفي التأويلات النجمية : والأرض مددناها أي : أن أرض البشرية تميد كنفس الحيوانات إلى أن أرساها الله بجبال العقل وصفات القلب.
كشتى بي لنكر آمد مردشر
كه زباد كنمى يابد حذر
لنكر عقلست عاقل را امان
لنكرى دربوزه كن از عاقلان
وأنبتنا فيها أي في الأرض لأن الفواكه الجبلية غير منتفع بها في الأكثر أو لأن الأرض تعمها فإنها لما ألقيت فيها صارت منها من كل شيء موزون بميزان الحكمة ذاتا وصفة ومقداراً أي مستحسن مناسب من قولهم كلام موزون.
يعني (برويانيديم اززمين يزهاى نيكو مشتمل بر منافع كليه از اشجار ومزروعات باآنكه وزن كنند وبه يمانند).
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥١
وجعلنا لكم فيها معايش بالياء التصريحية لأنه من العيش فالياء أصلية فوجب تصريحاً وهو جمع معيشة أي ما تعيشون به من المطاعم والملابس وغيرها مما يتعلق به البقاء ومن لستم له برازقين (روزى دهند كان) وهو عطف على معايش كأنه قيل جعلنا لكم معايش وجعلنا لكم من لستم له برازقيه من العيال والمماليك والخدم والدواب وما أشبهها على طريقة التغليب، وذكرهم بهذا العنوان لرد حسبانهم إنهم يكفون مؤوناتهم، ولتحقيق أن الله تعالى هو الذي يرزقهم وإياكم، أو عطف على محل لكم وهو النصب كأنه قيل وجعلنا لكم معايش ولمن لستم له برازقين فيكون من عطف الجار والمجرور على الجار والمجرور وإن من شيء أي : ما من شيء من الأشياء الممكنة إلا عندنا يعني (درتحت فرماننا) خزائنه جمع خزانة بمنى المخزن وهي ما يحفظ فيه نفائس الأموال لا غير، غلب في العرف على ما للملوك والسلاطين من خزائن أرزاق الناس شبهت مقدوراته تعالى في كونها مستورة عن علوم العالمين ومصونة من وصول أيديهم مع كمال افتقارهم إليها ورغبتهم فيها وكونها مهيأة متأتية لا يجاده وتكوينه بحيث متى تعلقت الإرادة بوجودها وجدت بلا تأخير بنفائس الأموال المخزونة في الخزائن السلطانية فذكر الخزائن على طريقة الاستعارة التخييلية.
يقول الفقير : سمعت من حضرة شيخي وسندي قدس سره أن الإشارة بالخزائن إلى الأعيان الثابتة فلا يفيض شيء إلا من
٤٥٢
الأعيان الثابتة وعلم الله تابع المعلوم وما يقتضيه من الأحوال فما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون وما ننزله أي ما نوجد وما نكون شيئاً من تلك الأشياء ملتبساً بشي من الأشياء إلا بقدر معلوم أي إلا ملتبساً بمقدار معين يقتضيه الحكمة ويستدعيه المشيئة التابعة لها.
وفي الكواشي : وما نوجده مع كثرته وتمكننا منه إلا بحد محسوب على قدر المصلحة.
وبالفارسية (مكر باندازه دانسته شده كه نه كم ازان شايدونه زياده بران بايد) وحيث كان إنشاء ذلك بطريق التفضل من العالم العلوي إلى العالم السفلي كما في قوله تعالى : وانزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج}(الزمر : ٦) وكان ذلك بطريق التدريج عبر عنه بالتنزيل.
وفي "تفسير أبي الليث" ﴿وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلا عِندَنَا خَزَآااِنُهُ﴾ أي مفاتيح رزقه ويقال خزائن المطر وما ننزله أي المطر إلا بقدر معلوم يعني بكيل ووزن معروف.
قال ابن عباس رضي الله عنها : يعني : يعلمه الخزان إلا يوم الطوفان الذي اغرق الله فيه قوم نوح فإنه طغى على خزائنه وكثر فلم يحفظوا ما خرج منه يومئذٍ أربعين يوماً.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥١
وفي بحر العلوم وما من شيء ينتفع به العباد إلا ونحن قادرون على إيجاده وتكوينه والانعام بأضعاف ما وجد، وما نعطيه إلا بمقدار فعلم أن ذلك خير لهم وأقرب إلى جمع شملهم أو بتقدير علمنا، أنهم يسلمون معه من المضرة ويصلون إلى المنفعة ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في لأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير.


الصفحة التالية
Icon