وفي التأويلات النجمية : إن لكل شيء خزائن مختلفة مناسبة له كما لو قدرنا شيئاً من الأجسام فله خزانة لصورته وخزانة لاسمه وخزانة لمعناه وخزانة للونه وخزانة لرائحته وخزانة لطعمه وخزانة لطبه وخزانة لخواصه وخزانة لأحواله المختلفة الدائرة عليه بمرور الأيام وخزانة لنفعه وضره وخزانة لظلمته ونوره وخزانة لملكوته وغير ذلك وهو خزانة لطف الله وقهره وما من شيء إلا وفيه لطف الله وقهره مخزون وقلوب العباد خزائن صفات الله تعالى بأجمعها وما ننزل شيئاً مما في خزائنه إلا بقدر ما هو معلومنا في الأزل لحكمتنا البالغة المقتضية لإ يجاده وإنزاله وأرسلنا الرياح لواقح حال مقدرة جمع ريح لاقح إذا أتت بسحاب ماطر من لقحت الناقة تلقح حبلت والقحها الفحل إذا أحبلها وحملها الماء فكان الريح حملت الماء وحملته السحاب فشبهت الريح التي تجيء بالخير من إنشاء سحاب ماطر بالحامل كما شبه بالعقيم ما لا يكون كذلك.
وقال أبو عبيدة : لواقح بمعنى ملاقح جمع ملقحة لأنها تلقح السحاب والأشجار بأن تقويها وتنميها إلى أن يخرج ثمرها وقيل بأن تجري الماء فيها حتى تهتز وتخرج الزهر.
قالوا الرياح للخير والريح للشر لقوله عليه السلام : اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً وأما قوله تعالى : وجرين بهم بريح طيبة}(يونس : ٢٢) فقد جاء فيه الريح المفردة بمعنى الخير والنفع باعتبار قيدها لا باعتبار إطلاقها.
قال محمد بن علي ـ ـ رضي الله عنه ـ ـ ما هبت ريح ليلاً ولا نهاراً إلا قام رسول الله صلى الله عليه وسلّم وقعد وقال :"اللهم إن كان بك اليوم سخط على أحد من خلقك بعثتها تعذيباً له فلا تهلكنا في الهالكين وإن كنت بعثتها رحمة فبارك لنا فيها" فإذا قطرت قطرة قال "رب لك الحمد ذهب السخظط ونزلت الرحمة".
قال مطرف رحمه الله لو حبست الريح عن الناس لانتن ما بين السماء والأرض ﴿فَأَنزَلْنَا﴾ بعدما أنشأنا بتلك الرياح سحاباً ماطراً من
٤٥٣
السماء من جانب العلو فإن كل ما علاك سماء وهو ظاهر هناك لا الفلك ماء أي بعض الماء كما يفيده التنكير فإنه معلوم عند الناس علماً يقينياً أنه لم ينزل من السماء الماء كله بل قدر ما يصلون به إلى المنفعة ويسلمون معه من المضرة فأسقينا كموه أي جعلنا المطر لكم سقيا تشربونه وتسقونه المواشي والضياع.
وبالفارسية (س بخوار انيديم شمارا آن آب وتصرف داديم دران) وسقى وأسقى واحد.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥١
قال في الإرشاد هو أبلغ من سقيناكموه لما فيه من الدلالة على جعل الماء معداً لهم يرتفقون به متى شاؤوا وهى أطول كلمة في القرآن وحروفها أحد عشر وحروف انلزمكموها عشرة وما أنتم له أي للمطر المنزل بخازنين أي نحن القادرون على إيجاده وخزنه في السحاب وإنزاله وما أنتم على ذلك بقادرين، وقيل ما أنتم بخازنين له بعدما أنزلناه في الغدران والآبار والعيون بل نحن نخزن في هذه المخازن ونحفظ فيها لنجعلها سقيا لكم مع أن طبيعة الماء تقتضي الغور وهو بالفارسية (فروشدن آب درزمين امام ماتريدي در تأويلات فرموده كه نيستند شمامر خدايرا خزينه داران يعني خزاين او دردست شمانيست زآنه شما خزينه نهيد همه ازان اوست).
وإنا لنحن نحيي بإيجاد الحياة في بعض الأجسام القابلة لها وتقديم الضمير للحصر وهو إما تأكيد للأول أو مبتدأ خبره الفعل والجملة خبر لأنا ولا يجوز كونه ضمير الفصل لأنه يقع بين الاسمين ونميت بإعدامها وإزالتها عنها وقد يعم الإحياء والإماتة لما يشمل الحيوان والنبات والله تعالى يحيي الأرض بالمطر أيام الربيع ويميتها أيام الخريف ويحيي بالإيمان ويميت بالكفر (در لطائف قشيري مذكوراست كه زندكى ميدهيم دلهارا بأنوار مشاهده ومي ميرانيم نفوس را درنار مجاهده يا زنده مي سازيم بمواقت طاعات ومرده مي كردانيم بمتابعت شهوات).
ومن مقالات حضرة الشيخ الأكبر لولده صدر الدين القنوى قدس الله سرهما وكم قتلت وأحييت من الأولاد والأصحاب مات من مات وقتل من قتل ولم يحصل له ما حصل لك وهو شهود تجلي الذات الدائم الأبدي الذي لا حجاب بعده ولا مستقر للكمل دونه فقال صدر الدين يا سيدي الحمدعلى اختصاصي بهذه الفضيلة اعلم أنك تحيي وتميت وتفصيله في شرح الفصوص.


الصفحة التالية
Icon