قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره : في روح القدس إعلم أنه لا شيء أنكى على إبليس من آدم في جميع أحواله في صلاته من سجوده لأنها خطيئته فكثرة السجود وتطويله يحزن الشيطان وليس الإنسان بمعصوم من إبليس في صلاته إلا في سجوده لأنه حينئذٍ يتذكر الشيطان معصيته فيحزن فيشتغل بنفسه عنه ولهذا قال رسول الله : إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول يا ويلتي أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار فالعبد في سجوده معصوم من الشيطان غير معصوم من النفس فخواطر السجود إما ربانية أو ملكية أو نفسية وليس للشيطان عليه من سبيل فإذا أقام من سجوده غابت تلك الصفة عن إبليس فزال حزنه فاشتغل به.
وفي المثنوى :
آدمي را دشمن نهان بسيست
آدمى باحذر عاقل كسيست
خلق نهان زشتشان وخوبشان
مى زند بردل بهر دم كوبشان
بهر غسل اردر روى درجويبار
بر تو آسيبى زند در آب خار
كره نهان خار درآبست ست
ونكه دو تومى خلد دانى كه هست
خار خارو حيلها ووسوسه
از هزاران كس بوديك كسه
باش تاخسهاى تو مبدل شود
تا بيني شان ومشكل حل شود
قال استئناف مبني على سؤال من قال فماذا قال تعالى عند ذلك فقيل قال الله يا إبليس ما لك أي أي سبب لك أن لا تكون في أن لا تكون مع الساجدين لآدم مع أنهم ومنزلتهم في الشرف منزلتهم، وما كان التوبيخ عند وقوعه لمجرد تخلفه عنهم بل لكل من المعاصي الثلاث المذكورة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦٢
قال إبليس وهو أيضاً استئناف بياني.
لم أكن لا سجد اللام لتأكيد النفي أي ينافي حالي ولا يستقيم مني أن أسجد.
لبشر أي : جسم كثيف وأنا جوهر روحاني خلقته من صلصال (از كل خشك) من حمأ مسنون (ازلاى سياه بوي ناك) وقد تقدم تفسيره.
يعني :(اورا از اخس عناصر آفريدي كه خاكست ومرا ازاشرف آن كه آتش است س روحانى لطيف را فرمان جسمانى كثيف بردواورا سجده كند إبليس نظر بظاهر آدم داشت واز باطن أو غافل بود صورتش را ويرنه ديد ندانست كه كنج أسرار دران خرابه مدفونست.
كجست درين خانه كه در كون نكنجد
اين كنج خراب از ى آن كنج نهانست
في الجملة هرآنكس كه درين خانه رهى يافت
سلطان زمين است وسليمان زمانست
وفي التأويلات النجمية : فسجد الملائكة كلهم أجمعون لما فيهم من خصوصية انقياد النورية
٤٦٣
واختصاص العلم بقبول النصح إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين لاختصاصه بالتمرد وتمرد النارية والجهل الذي هو مركوز فيه ولحسبانه أنه عالم إذ قال له ربه يا إبليس مالك أن لا تكون مع الساجدين أي ما حجتك في الامتناع عن السجود قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون أي حجتي أنك خلقتني من نار وهي جوهر لطيف نوراني علوي وخلقته من طين وهو كثيف ظلماني سفلي فأنا خير منه بهذا الدليل فأشار بهذا الاستدلال إلى أن آدم لا ينبغي أن يسجد له لفضله عليه، ومن غاية جهالته وسخافة عقله يشم من نتن كلامه أن الله أخطأ فيما أمره وأمر الملائكة من السجود لآدم وحسب الله جعل استحقاق آدم لسجود الملائكة في بشرية آدم وخلقته من الطين وهو بمعزل عما جعل الله استحقاقه للسجود في سر الخلافة المودعة في روحه المشرف بشرف الإضافة إلى حضرته المختص باختصاص نفخته المتعلم للأسماء كلها المستعد لتجلى جماله وجلاله فيه، ومن ههنا قيل لإبليس إنه أعور لأنه كان بصيراً بإحدى عينيه التي يشاهد بها بشرية آدم وما أودع فيها من الصفات الذميمة الحيوانية السبعية المذمومة المتولدة منها الفساد وسفك الدماء وإنه كان أعمى بإحدى عينيه التي يشهد بها سر الخلافة المودع في روحانيته وما كرم به من علم الأسماء والنفخة الخاصة وشرف الإضافة إلى نفسه وغير ذلك من الاصطفاء والاجتباء.
قال حضرة شيخي وسندي في بعض تحريراته : الأرض وحقائق الأرض في الطمأنينة والإحسان بالوجود لذلك لا يزال ساكناً وسكوناً وساكتاً وسكوتاً لفوزه بوجود مطلوبه فكان أعلى مرتبة العلو في عين السفل وقام بالرضى المتعين من قلب الأرض فمقامه رضى وحاله تسليم ودينه إسلام انتهى.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦٢
ويشير إلى سر كلام حضرة الشيخ قول من قال :
ارس را دربيابان جوش باشد
بدريا ون رسد خاموش باشد
وقول الصائب أيضاً :
عاشقا نرا تافنا ازشادى وم اره نيست
سيل را ست وبلندى هست تادريا شدن
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦٢
[المائدة : ١١٥-٩٧]﴿قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا﴾ أمر إهانة وإبعاد كما في قوله تعالى :﴿قَالَ فَاذْهَبْ﴾ (طه : ٩٧) والضمير للجنة وخروجه منها لا ينافي دخولها بطريق الوسوسة وكذا يستلزم خروجه من السموات أيضاً ومن زمرة الملائكة المقربين ومن الخلقة التي كان عليها وهي الصورة الملكية وصفاتها كما هو شأن المطرودين المغضوبين وقد كان يفتخر بخلقته فغير الله خلقته فاسود بعد ما كان أبيض وقبح بعد ما كان حسناً وأظلم بعد ما كان نورانياً.