قيل : مجرد الإرسال ليس بتشريف وإنما يكون لإقامة الحجة بدلالة أن موسى عليه السلام أرسل إلى فرعون وهامان ولم يقصد إكرامهما وتشريفهما كذا في آكام المرجان.
إلى يوم الوقت المعلوم أي : المعين عند الله تعالى لا يتقدم ولا يتأخر وهو وقت موت الخلق عند النفخة الأولى ثم لا يبقى بعد ذلك حي إلا الله تعالى أربعين سنة إلى النفخة الثانية.
همه تخت وملكي ذيرد زوال
بجز ملك فرمان ده لا يزال
قال الكاشفي يعني :(زمان فناء خلق بنفخه أول كه نفخه صعقه كويند ه قول جمهور آنست كه نفخه اول نفخه موت باشد ونفخه ثاني نفخه أحياء وميان دو نفخه بقول اشهر هل سال خواهد بود س إبليس هل سال مرده باشد س انكيخته شود).
قال في السيرة الحلبية هذه النفخة التي هي نفخة الصعق مسبوقة بنفخة الفزع التي يفزع بها أهل السموات والأرض فتكون الأرض، كالسفينة في البحر تضربها الأمواج، وتسير الجبال كسير السحاب وتنشق السماء وتكسف الشمس ويخسف القمر.
وعن وهب أن اليوم المعلوم الذي أنظر إليه إبليس هو يوم بدر قتلته الملائكة في ذلك اليوم.
وقيل وقت طلوع الشمس من مغربها بدليل قول النبي عليه السلام : إذا طلعت الشمس من مغربها خر إبليس ساجداً ينادي ويجهر إليه مرني أن أسجد لمن شئت فيجتمع ذرياته فيقولون يا سيدنا ما هذا التضرع فيقول إنما سألت ربي أن ينظرني إلى الوقت المعلوم وهذا الوقت المعلوم ثم تخرج دابة الأرض من صدع في الصفا فأول خطوة تضعها بأنطاكية فيأتي إبليس فتلطمه وتقتله بوطئها والقول الأول أشهر.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦٤
قال أحنف بن قيس : قدمت المدينة أريد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، فإذا أنا بحلقة عظيمة وكعب الأحبار فيها يحدث الناس ويقول لما حضر آدم عليه السلام الوفاة قال : يا رب سيشمت بي عدوي إبليس إذا رآني ميتاً وهو منظر إلى يوم القيامة، فأجيب أن يا آدم إنك سترد إلى الجنة ويؤخر اللعين إلى النظرة ليذوق ألم الموت بعدد الأولين والآخرين ثم قال لملك الموت صف كيف تذيقه الموت؟ فلما وصفه، قال : يا رب حسبي فضج الناس وقالوا يا أبا إسحاق كيف ذلك فأبى فألحوا فقال : يقول الله تعالى لملك الموت عقيب النفخة الأولى قد جعلت فيك قوة أهل السموات السبع وأهل الأرضين السبع وإني البستك اليوم أثواب السخط والغضب كلها فانزل بغضبي وسطوتي على رجيمي إبليس، فأذقه الموت واحمل عليه مرارة الأولين والآخرين من الثقلين أضعافاً مضاعفة، وليكن معك من الزبانية سبعون
٤٦٦
الفا قد امتلأوا غيظاً وغضباً وليكن مع كل منهم سلسلة من سلاسل جهنم وغل من أغلالها وانزع روحه المنتن بسبعين ألف كلاب من كلاليبها وناد مالكاً ليفتح أبواب النيران، فينزل ملك الموت بصورة لو نظر إليها أهل السموات والأرضين لماتوا بغتة من هو لها فينتهي إلى إبليس فيقول قف لي يا خبيث لأذيقنك الموت كم من عمر أدركت وقرون أضللت؟ وهذا هو الوقت المعلوم، قال فيهرب اللعين إلى المشرق فإذا هو بملك الموت بين عينيه فيهرب إلى المغرب فإذا هو بين عينيه فيغوص البحار فتتنزه عنه البحار فلا تقبله فلا يزال يهرب في الأرض ولا محيص له ولا ملاذ ثم يقوم في وسط الدنيا عند قبر آدم عليه السلام ويتمرغ في التراب من المشرق إلى المغرب، ومن المغرب إلى المشرق حتى إذا كان في الموضع الذي اهبط فيه آدم عليه السلام، وقد نصبت له الزبانية الكلاليب وصارت الأرض كالجمرة احتوشته الزبانية وطعنوه بالكلاليب ويبقى في النزع والعذاب إلى حيث شاء الله تعالى.
هركسى آن درود عاقبت كاركه كشت
ويقال لآدم وحواء عليهما السلام اطلعا اليوم إلى عدوكما كيف يذوق الموت فيطلعان فينظران إلى ما هو فيه من شدة العذاب فيقولان ربنا أتممت علينا نعمتك.
شكر خداكه هره طلب كردم ازخدا
بر منتهاى همت خود كامران شدم
قال في أسئلة الحكم إنما استجاب الله دعاءه بإنظاره إلى يوم الدين مكافاة له بعبادته التي مضت في السماء وعلى وجه الأرض ليعلم أنه لا يضيع أجر العاملين فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره إما في الدنيا معجلاً مثوبته وأما في الآخرة في حق المؤمن.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦٤
وقال في موضع آخر : أهلك الله تعالى أعداء سائر الأنبياء كفرعون ونمرود وشداد وأبقى عدو آدم الصفي وهو إبليس وذريته لأن إبليس لم يكن عدو آدم فحسب إنما كان عدو الله فأمهله وأبقاه إلى آخر الدهر استدراجاً من حيث لا يعلم ليتحمل من الأوزار ما لا يتحمله غيره من الأشرار والكفار فأنظره إلى يوم القرار ليحصل به الاعتبار لذوي الأبصار بأن أطول الأعمار في هذه الدار لرئيس الكفار وقائد زمرة الفجار وأساء الأدب ودعا لنفسه بالبقاء والكبرياء والفراعنة لم يدعوا بالبقاء لأنفسهم وما أصروا على الاستكبار في جميع أعمارهم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦٤


الصفحة التالية
Icon