قال الله تعالى لإبليس هذا أي : تخلص المخلصين من إغوائك.
صراط (راهيست كه حق است) عليّ (برمن رعايت آن) أي كالحق الذي يجب مراعاته في تأكد ثبوته وتحقق وقوعه إذ لا يجب على الله شيء عند أهل السنة مستقيم لا عوج فيه ولا انحراف عنه.
ويجوز أن يكون هذا إشارة إلى الإخلاص على معنى أنه طريق يؤدي إلى الوصول إلي من غير اعوجاج وضلال فإيثار حرف الاستعلاء على حرف الانتهاء لتأكيد الاستقامة والشهادة باستعلاء من ثبت عليه فهو أدل على التمكين من الوصول وهو تمثيل إذ لا استعلاء لشيء على الله تعالى.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦٧
﴿إِنَّ عِبَادِى﴾ وهم المشار إليهم بالمخلصين الجديرون بالإضافة إلى جنابه تعالى لخلوصهم في الإيمان وسلامتهم من إضافة الوجود إلى أنفسهم وحريتهم عما سوى الله تعالى ليس لك عليهم على قلوبهم سلطان تسلط وتصرف بالأغواء.
قال في الأسئلة قيل للشيطان ما حالك مع أبي مدين؟ قال كمثل رجل يبول في البحر المحيط يريد أن يلوثه هل أسفه منه، أو كمثل رجل يريد أن يطفىء أنوار الشمس بنفسه هل ترى أجهل منه.
وقيل لبعضهم : كيف مجاهدتك للشيطان؟ قال ما الشيطان نحن قوم صرفنا هممنا إلى الله تعالى فكفانا من دونه وفي معناه أنشد.
تسترت عن دهري بظل جنابه
فعيني ترى دهري وليس يرانيا
فلو تسأل الأيم ما اسمي ما درت
واين مكاني ما عرفن مكانيا
إلا من اتبعك من الغاوين (مكر آنكس كه متابعت تو كند ازكمراهان كه توبد ومسلط توانى شد).
وفيه إشارة إلى أن إغواءه للغاوين ليس بطريق السلطان بمعنى القهر والجبر بل بطريق اتباعهم له بسوء اختيارهم فيتسلط عليهم بالوسوسة والتزيين.
فإن قلت : إن الله تعالى لم يمنع إبليس عن النبي.
قلت : سلطه عليه ثم عصمه منه ولذا أسلم شيطانه على يديه وأخذه مرة وجعل رداءه في عنقه حتى استعاذ منه فهو كمثل الفراش يريد أن يطفىء نور السراج فيحرق نفسه.
قال علي رضي الله عنه : الفرق بين صلاتنا وصلاة أهل الكتاب وسوسة الشيطان لأنه فرغ من عمل الكفار لأنهم وافقوه يقول إذا كفر أحد إني بريىء منك والمؤمن يخالفه والمحاربة تكون مع المخالفة قال رسول الله : إن الشيطان يوسوس
٤٦٩
لكم ما لو تكلمتم به لكفرتم فعليكم بقراءة قل هو الله أحد.
قال حضرة شيخي وسندي روح الله روحه وعباد الرحمن العلماء الصلحاء الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً}(الفرقان : ٦٣) وهم الذين قال الله تعالى في حقهم ﴿إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـانٌ﴾ والعلماء الفسقاء الجهلاء الذين يمشون على الأرض كبراً وتعظماً وإذا خاطبهم العالمون قالوا كلاماً شنيعاً وملاماً قبيحاً وهم الذين قال الله في حقهم إلا من اتبعك من الغاوين فاتقوا الله يا أولي الألباب من العلم الخبيث الذي مال إلهي الخبيثون إذ الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات واطلبوا يا ذوي القلوب العلم الطيب الذي قصد إليه الطيبون إذ الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك هم الراشدون المهديون لعلكم تفلحون في الدنيا والآخرة بالعلم النافع والعمل الصالح وأنفع جميع العلوم النافعة هو العلم الإليه الحاصل بالتجلي الإلهي والفيض الرحماني والإلهام الرباني المؤيد بالكتاب الإلهي والحديث النبوي، ولا يحصل ذلك العلم بهذا التجلى والفيض والإلهام إلا عند إصلاح الطبيعة بالشريعة وتزكية النفس بالطريقة وتخلية القلب وتحلية الفؤاد بالمعرفة وتجلية الروح وتصفية السر بالحقيقة بأكمل التوحيد وأشمل التجريد وأفضل التفريد من جميع ما سوى الله، حتى لا يبقى في الطلب والقصد والتوجه والمحبة شيء مما سواه من السلفات الفانية ففروا إلى الله من جميع ما سوى الله سبق المفردون السابقون السابقون أولئك المقربون انتهى كلام الشيخ في اللائحات البرقيات.
قال الجامي :
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦٩
از عالم صورت كه همه نقش خيالست
ره سوى حقيقت نبري در ه خيالي
وإن جهنم معرب فارسي الأصل، يقال : ركية جهنام، أي : بعيدة الغور وكأنه في الفرس (ه نم) وفي تفسير الفاتحة للفناري سميت جهنم لبعد قعرها يقال بئر جهنام إذا كانت بعيدة القعر وقعرها خمس وسبعون مائة من السنين وهي أعظم المخلوقات وهي سجن الله في الآخرة لموعدهم مكان الوعد للمتبعين أي مصيرهم أجمعين تأكيد للضمير والعامل الإضافة يعني الاختصاص لا اسم مكان فإنه لا يعمل.
لها سبعة أبواب يدخلون منها كل باب فوق باب على قدر الطبقات لكل طبقة باب لكل باب من تلك الأبواب المنفتح على طبقة من الطبقات، وقوله : منهم أي من الاتباع حال من قوله جزء مقسوم ضرب معين مفرز من غيره حسبما يقتضيه استعداده فللطبقة الأولى وهي العليا العصاة من المسلمين.


الصفحة التالية
Icon