وعن الشيخ الأكبر قدس سره : الأطهر أنه قال : تبقى جهنم خالية ومراده الطبقة العالية فإنها مقر عصاة المؤمنين ولا ريب أن من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان أي من معرفة الله تعالى فإنه لا يبقى مخلداً فتبقى جهنم خالية، وأما الطبقات السافلة فأهلها مخلدة.
يقول الفقير : لكلامه محمل آخر عندي معلوم عند القوم لا يصح كشفه وللطبقة الثانية اليهود، وللثالثة النصارى، وللرابعة الصابئون.
وللخامسة المجوس، وللسادسة المشركون، وللسابعة المنافقون.
واختلف الروايات في ترتيب طبقات النار، وفي الأكثر جهنم أولها وفيما بعدها اختلاف أيضاً كما في حواشي سعدى لبى المفتي.
وسميت جهنم لما سبق.
ولظى لشدة إيقادها.
والحطمة لأنها تحطم.
والسعير لتوقدها.
وسقر لشدة الالتهاب.
والجحيم لعمقها.
والهاوية لهويها وتسفلها.
وفي بحر العلوم أعلم أنه لا يتعين
٤٧٠
لتلك الأبواب السبعة إلا من عصى الله تعالى بالأعضاء السبعة العين والأذن واللسان والبطن والفرج والرجل والأولى في الترتيب ما في الفتوحات أن كونها سبعة أبواب بحسب أعضاء التكليف وهي السمع والبصر واللسان واليدان والقدمان والفرج والبطن فالأعضاء السبعة مراتب أبواب النار فاحفظها كلها من كل ما نهاه الله وحرمه وإلا يصير ما كان لك عليك وتنقلب النعمة عقوبة.
هفت در دوز خند در تن تو
ساخته نقششان درو در بند
هين كه دردست تست قفل امروز
در هر هفت محكم اندر بند
وفي التأويلات النجمية : وإن جهنم البعد والاحتراق من الفراق لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب من الحصر والشرة والحقد والحسد والغضب والشهوة والكبر لكل باب من الأرواح المتبعين لإبليس النفس المتصفين بصفاتها جزؤ مقسوم بحسب الاتصاف بصفاتها.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦٩
وقيل خلق الله تعالى للنار سبعة أبواب دركات بعضها تحت بعض.
وللجنة ثمانية أبواب درجات بعضها فوق بعض لأن الجنة فضل والزيادة في الفضل والثواب كرم وفي العذاب جور.
وقيل الأذان سبع كلمات والإقامة ثمان فمن أذن وأقام غلقت عنه أبواب النيران وفتحت له أبواب الجنة الثمانية.
واعلم أن أشد الخلق عذاباً في النار إبليس الذي سن الشرك وكل مخالفة وعامة عذابه بما يناقض ما هو الغالب عليه في أصل خلقته، وهي النار فيعذب غالباً بما في جهنم من الزمهرير.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦٩
إن المتقين الاتقاء على ثلاثة أوجه اتقاء عن محارم الله بأوامر الله، واتقاء عن الدنيا وشهواتها بالآخرة ودرجاتها واتقاء عما سوى الله تعالى بالله وصفته والأول تقوى العوام والثاني تقوى الخواص والثالث تقوى الأخص في جنات وعيون مستقرون فيها لكل واحد منهم جنة وعين على ما تقتضي قاعدة مقابلة الجمع بالجمع والاستغراق هو المجموعي أو لكل منهم عدة منهما على أن يكون الألف واللام للاستغراق الأفرادي.
قال الكاشفي يعني :(باغهاكه درن شمها روان بود از شير وخمر وانكبين وآب).
يقول الفقير : جعل ما يستقرون فيه في الآخرة كأنهم مستقرون فيه في الدنيا لشدة أخذهم بالأسباب المؤدية إليه ونظيره في حق أهل النار إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً}(النساء : ٢٠).
﴿ادْخُلُوهَا﴾ أي يقال لهم من ألسنة الملائكة عند وصولهم إلى الباب وعند توجههم من جنة إلى جنة ادخلوا أيها المتقون تلك الجنات ملتبسين بسلام أي حال كونكم سالمين من كل مخوف أو مسلماً عليكم يسلم الله تعالى عليكم والسلام من الله هو الجذبة الإلهية كما في التأويلات النجمية.
آمنين من الآفات حال أخرى.
وفي التأويلات : آمنين من الموانع للدخول والخروج بعد الوصول وفيه إشارة إلى أن السير في الله لا يمكن إلا بالله وجذباته، كما كان حال النبي ليلة المعراج حين تأخر عنه جبريل في سدرة المنتهى.
نان كرم در تيه قربت براند
كه درسدره جبريل ازو باز ماند
ونفى عنه الرفرف في مقام قاب قوسين، وما وصل إلى مقام أو أدنى وهو كمال القرب إلا بجذبة أدن مني فبسلام الله سلم من موانع الدخول والخروج بعد الوصول.
ونزعنا (وبيرون
٤٧١
كشيم) ما في صدورهم (آنه درسينهاى بهشتيان باشد) من غلٍ أي : حقد كامن في القلب بسبب عداوة كانت منهم في الدنيا.
عن علي رضي الله عنه : أرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم.
وفيه إشارة إلى أن غل أوصاف البشرية من أمارية النفس وصفتها الذميمة لا ينتزع من النفوس إلا بنزع الله تعالى إياه ومن لم ينزع عنه الغل لم يأمن من الخروج بعد الدخول كما كان حال آدم عليه السلام لما أدخل الجنة قبل تزكية النفس ونزع صفاتها عنها أخرج منها بالغل الذي كان من نتائجه، وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه ونزع عنه الغل بالتوبة وهداه إلى الجنة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٧١


الصفحة التالية
Icon