قال الكاشفي :(س برون بر ازشهر اهل خودرا بشب) بقطع من الليل في طائفة من الليل أي بعض منه.
وبالفارسية (در اره كه ازشب بكذرد) واتبع أدبارهم جمع دبر وهو من كل شيء عقبه، ومؤخره، أي : وكن على أثرهم لتسوقهم وتسرع بهم وتطلع على أحوالهم فلا تفرط منهم التفاتة استحياء منك ولا غيرها من الهفوات.
قال في برهان القرآن : لأنه إذا ساقهم وكان من ورائهم علم بنجاتهم ولا يخفى عليه حالهم ولا يلتفت منكم أي : منك ومنهم أحد فيرى ما وراءه من الهول فلا يطيقه أو جعل الالتفات كناية عن مواصلة السير وترك التواني والتوقف، لأن من يلتفت لا بد له من أدنى وقفة ولم يقل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك، كما في هود اكتفاء بما قبله وهو قوله إلا امرأته وامضوا (وبرويد) حيث تؤمرون حيث أمركم الله بالمضي إليه وهو الشام أو مصر أو زغر وهي قرية بالشام.
قال الكاشفي :(شهرستان نجم است اهل آن هلاك نخواهندشد).
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٧٥
[الحجر : ٦٦-٨١]﴿وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ﴾ وأوحينا إلى لوط مقتضياً مبتوتاً ذلك الأمر مبهم يفسره أن دابر هؤلاء المجرمين أي آخرهم مقطوع (بريده وبركنده است) أي مهلك يستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحد مصبحين حال من هؤلاء، أي : وقت دخولهم في الصبح وهو تعين وقت هلاكهم كما قال الله تعالى : إن موعدهم الصبح}(هود : ٨١) وتلخيصه أوحينا إليه أنهم يهلكون جميعاً وقت الصبح فكان كذلك.
وفي الآيات إشارات :
الأولى أن لا عبرة بالنسب والقرابة والصحبة بل بالعلم النافع والعمل الصالح ألا ترى أن الله استثنى امرأة لوط فجعلها في الهالكين ولم تنفعها الزوجية بينها وبين لوط كما لم تنفع الأبوة والبنوة بين نوح وابنه كنعان ولله در من قال :
٤٧٦

بابدان يا ركشت همسر لوط


خاندان نبوتش كم شد
وذلك أنها صحبت لوطاً صورة لا سيرة وصحبت الكفرة صورة وسيرة فلم تنفعها الصورة.
بي اند ناس صورت ونسناس سيرتان
خلقي كه آدم اند بخلق وكرم كم اند
والنسناس حيوان بحري صورته كصورة الإنسان وقيل غير ذلك.
والثانية : أن الشك من صفات الكفرة كما أن اليقين من صفات المؤمنين.
وفي "المثنوى" :
افت وخيزان ميرود مرغ كمان
با يكى ر بر اميد آشيان
ون زظن وارست علمش رونمود
شد دور آن مرغ رها را كشود
والثالثة : أن سالك طريق الحق ينبغي أن لا يلتفت إلى شيء سوى الله تعالى لأنه المقصد الأقصى والمطلب الأعلى بل يمضي إلى حيث أمر وهو عالم الحقيقة ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يلتفت إلى يمينه ويساره ليلة المعراج بل توجه إلى مقام قاب قوسين وهو عالم الصفات ثم إلى مقام أو أدنى وهو عالم الذات ولم يعقه عائق أصلاً، وهكذا شأن من له علو همة من المهاجرين من بلد إلى بلد ومن مقام إلى مقام.
قال المولى الجامي قدس سره :
نشان عشق ه رسى زهر نشان بكسل
كه تا اسير نشاني به بي نشان نرسى
نسأل الله العصمة من الوقوف في موطن النفس والوصول إلى حضيرة القدس والأنس.
﴿وَجَآءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ﴾ (ون زن لوط مهمانان نيكورورا ديد خبر بقوم فرستاد) وجاء أهل سدوم التي ضرب بقاضيها المثل في الجور منزل لوط ومدائن قوم لوط كانت أربعا وقيل سبعاً وأعظمها سدوم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٧٦
وفي درياق الذنوب لابن الجوزي : كانت خمسين قرية يستبشرون الاستبشار (شاد شدن) أي مظهرين السرور بأنه نزل بلوط عدّة من المرد في غاية الحسن والجمال قصدا إلى ارتكاب الفاحشة.
قال لوط لهم لما قصدوا أضيافه إن هؤلاء ضيفي إطلاق الضيف على الملائكة بحسب اعتقاده عليه السلام لكونهم في زي الضيف فلا تفضحون (س مرا رسواى مكنيد درنزد ايشان) بان تتعرضوا لهم بسوء فيعلموا أنه ليس لي قدر وحرمة أو لا تفضحون بفضيحة ضيفي فإن من أهين ضيفه أو جاره فقد أهين كما أن الإكرام كذلك.
يقال فضحه كمنعه كشف مساويه وأظهر من أمره ما يلزمه العار.
واتقوا الله في مباشرتكم لما يسوءني أو في ركوب الفاحشة واحفظوا ما أمركم به ونهاكم عنه ولا تخزون ولا تذلوني ولا تهينوني بالتعرض لمن أجرتهم بمثل تلك الفعلة القبيحة.
وبالفارسية (ومرا خار وخجل مسازيد يش مهمانان) من الخزي وهو الهوان.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٧٦
﴿قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَـالَمِينَ﴾ (از حمايت عالميان يعني غريبان كه فاحشه ايشان مخصوص بغربا بوده).
قال في الإرشاد الهمزة للانكار والواو للعطف على مقدر أي ألم نقدم إليك ولم ننهك عن التعرض لهم بمنعهم عنا وكانوا يتعرضون لكل واحد من الغرباء بالسوء، وكان عليه السلام يمنعهم عن ذلك بقدر وسعه، وهم ينهونه عن أن يجير أحد أو يوعدونه بقولهم لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين، ولما رآهم لا يقلعون عما هم عليه.
قال هؤلاء بناتي أي بنات قومي فازوجهن إياكم أو تزوجوهن ففي الكلام حذف وإنما جعل بنات
٤٧٧


الصفحة التالية
Icon