وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه السلام أن رجلاً كان يبيع الخمر في سفينة له ومعه قرد في السفينة وكان يشوب الخمر بالماء فأخذ القرد الكيس فصعد الذروة وفتح الكيس فجعل يأخذ ديناراً فيلقيه في السفينة وديناراً في البحر حتى جعله نصفين وفي الحديث :"إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة" وفي الحديث :"ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرؤ مم أخذ المال من حلال أو من حرام" يا ابن آدم عينك مطلقة في الحرام ولسانك مطلق في الآثام وجسدك يتعب في كسب الحطام تيقظ يا مسكين مضى عمرك وأنت في غفلتك فأين الدليل على سلامتك.
عليك بالقصد لا تطلب مكاثرة
فالقصد أفضل شيء أنت طالبه
فالمرؤ يفرح بالدنيا وبهجتها
ولا يفكر ما كانت عواقبه
حتى إذا ذهبت عنه وفارقها
تبين الغبن فاشتدت مصائبه
قال السعدي قدس سره :
قناعت كن أي نفس براند كي
كه سلطان ودرويش بيني يكى
مبر طاعت نفس شهوت رست
كه هرساعتش قبله ديكرست
﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَـابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ﴾ الحجر بكسر الحاء اسم لأرض ثمود قوم صالح عليه السلام بين المدينة والشام عند وادي القرى، كانوا يسكنونها وكانوا عرباً، وكان صالح عليه السلام من أفضلهم نسباً فبعثه الله إليهم رسولاً وهو شاب فدعاهم حتى شمط ولم يتبعه إلا قليل مستضعفون.
٤٨٢
كوى توفيق وسلامت درميان افكنده اند
كس بميدان درنمى آيد سوار انراه شد
فكذب أصحاب الحجر، أي : ثمود المرسلين أي صالحاً فإن من كذب واحداً من الأنبياء فقد كذب الجميع لاتفاقهم على التوحيد والأصول التي لا تختلف باختلاف الأمم والأعصار، ونظيره قولهم فلان يلبس الثياب ويركب الدواب وماله إلا ثوب ودابة.
يقول الفقير : كما لا اختلاف بين الأنبياء في أصول الشرائع كذلك لا اختلاف بين الأولياء في أصول الحقائق بل وقد تتحد العبارات أيضاً إذ الكل آخذون من مشرب واحد مكاشفون عن ذات الله تعالى وصفاته وأفعاله ومن فرق بنيهم كان مكذباً للكل.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٨١
بي خبر كازاراين آزار اوست
آب اين خم متصل بآب وست
وآتيناهم أي ثمود آياتنا هي الناقة كان فيها آيات كما قال الكاشفي (خروج ناقة ازسنك معجزه ايست مشتمل بربسيارى از غرائب ون بزركى خلقت كه هركز شترى بعظمت او نبوده وزادن بعد از خروج يعني ولادتها مثلها في العظم في الحال وبسيارى شيركه همه ثمودرا افي بود وبر سراه آمدن آب در روز نوبت او وخوردن تمام آب را بيك نوبت).
قال في الفتح القريب : لما طال دعاؤه اقترحوا أن يخرج لهم الناقة آية فكان من أمرها وأمرهم ما ذكر الله تعالى في كتابه العزيز.
فكانوا عنها أي : عن تلك الآيات معرضين أعراضاً كلياً بل كانوا معارضين لها حيث فعلوا بالناقة ما فعلوا، والإعراض (روى بكردانيد ازيز) وكان عقر الناقة وقسم لحمها يوم الأربعاء.
قال ابن الجوزي : لا بالناقة اعتبروا ولا بتعويضهم اللبن شكروا عتوا عن المنعم وبطروا وعموا عن الكرم، فما نظروا وكلما رأوا آية من الآيات كفروا الطبع الخبيث لا يتغير والمقدر عليه ضلالة لا يزول.
قال الحافظ :
بآب زمزم وكوثر سفيد نتوان كرد
كليم بخت كسى راكه بافتند سياه
وكانوا ينحتون النحت بالفارسي (بتراشيدن) من الجبال جمع جبل.
وبالفارسية (كوه).
قال في القاموس : الجبل محركة كل وتد للأرض عظم وطال فإن انفرد فاكمة أوقنة بيوتاً جمع بيت وهي اسم مبني مسقف مدخله من جانب واحد بنى للبيتوتة سواء كان حيطانه أربعة أو ثلاثة والدار تطلق على العرصة المجردة بلا ملاحظة البناء معها.
آمنين من الانهدام ونقب اللصوص وتخريب الأعداء لوثاقتها فهو حال مقدرة، أو من العذاب والحوادث لفرط غفلتهم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٨١
﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ﴾ أي صيحة جبريل فإنه صاح فيهم صيحة واحدة فهلكوا جميعاً.
وقيل : أتتهم من السماء صيحة فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شيء في الأرض فتقطعت قلوبهم في صدورهم، وفي سورة الأعراف فأخذتهم الرجفة}(الأعراف : ٧٨) أي الزلزلة ولعلها لوازم الصيحة المستتبعة لتموج الهواء تموجاً شديداً يفضي إليها فهي مجاز عنها [الحجر : ٦٦-٣٨]﴿مُّصْبِحِينَ﴾ حال من الضمير المنصوب أي داخلين في وقت الصبح في اليوم الرابع وهو يوم الأحد، والصبح يطلق على زمان ممتد إلى الضحوة وأول يوم من الثلاثة اصفرت وجوه القوم وفي الثاني احمرت وفي الثالث اسودت فلما كملت الثلاثة صح استعدادهم للفساد والهلاك فكان اصفرار وجوه الأشقياء في موازنة أسفار وجوه السعداء قال تعالى : وجوه
٤٨٣
يومئذٍ مسفرة}(عبس : ٣٨) ثم جاء في موازنة الاحمرار قوله تعالى في السعداء ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ﴾ فإن الضحك من الأسباب المولدة لاحمرار الوجوه فالضحك في السعداء احمرار الوجنات ثم جعل في موازنة تغيير بشرة الأشقياء بالسواد قوله تعالى : مستبشرة وهو ما أثره السرور في بشرتهم كما أثر السواد في بشرة الأشقياء.


الصفحة التالية
Icon