فما أغنى عنهم أي لم يدفع عنهم ما نزل بهم يقال ما يغنى عنك هذا أي ما يجدي عنك وما ينفعك ما كانوا يكسبون من بناء البيوت الوثيقة والأموال الوافرة والعدد المتكاثرة روى أن صالحاً عليه السلام انتقل بعد هلاك قومه إلى الشام بمن أسلم معه فنزلوا رملة فلسطين ثم انتقل إلى مكة فتوفى بها وهو ابن ثمان وخمسين سنة وكان أقام في قومه عشرين سنة.
وعن جابر رضي الله عنه، مررنا مع رسول الله على الحجر فقال لنا لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين حذراً أن يصيبكم مثل ما أصاب هؤلاء ثم زجر رسول الله راحلته فأسرع حتى خلفها، وكان هذا في غزوة تبوك خشي على أصحابه رضي الله عنهم أن يجتازوا على تلك الديار غير متعظين بما أصاب أهل تلك الديار فنبه عليه الصلاة والسلام على أن الإنسان لا ينبغي له السكنى في أماكن الظلمة، مخافة أن يصيبهم بلاء فيصاب به أو تسرق طباعه من طباعهم، ولو كانت خالية منهم، لأن آثارهم مذكرة بأحوالهم وربما أورثت قسوة وجبروتا.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٨٣
يقول الفقير : إذا كان لا ينبغي للمؤمن السكنى في أماكن الظلمة لا ينبغي له أداء الصلاة فيها ولا الحركة إليها بلا ضرورة قوية فإن الله تعالى خلق الأماكن على التفاوت كما خلق الأزمان كذلك وشان التقوى العزيمة دون الرخصة، والمرؤ إذا أطلق أعضاءه الظاهرة أطلق قواه الباطنة وفيه اختلال الحال وميل القلب إلى ما سوى الله المتعال ولن يكون عارفاً إلا بالتوجه إلى الحضرة العلياء.
ذو النون المصري قدس سره (ميكويد روزي در أثناء سفر بدر شهري رسيدم خواستم كه دراندرون شهر روم ردر آن شهر كوشكى ديدم وجويي روان بنزديك جوى رفتم وطهارت كردم ون شم بربام كوشك افتاد كنيزكى ديدم ايستاده درغايت حسن وجمال ون نظر أو بمن افتاد كفت أي ون النون ون ترا ازدور ديدم نداشتم كه مجنوني وون طهارت كردى تصور كردم كه عالمي وون از طهارت فارغ شدى ويش آمدي نداشتم كه عارفي اكنون محقق شدم كه نه مجنوني ونه عالمي ونه عارفي فتم را كفت اكر ديونه بودي طهارت نكردي واكر عالم بودي نظر بخانه بيكانه ونا محرم نكردى واكر عارف بودي دل تو بما سوى الله مائل نبودي.
قال الخجندي :
سالك اك رو نخوانندش
آنكه از ما سوى منزه نيست
آستين كوتهى ه سودانرا
كه زدنياش دست كوته نيست
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٨٣
﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ﴾ أي بين جنسي السموات والأرضين ولو أراد بين أجزاء المذكور لقال بينهن.
وفيه إشارة إلى أن أصل السموات واحدة عند بعضهم ثم قسمت كذا في الكواشي إلا بالحق أي إلا خلقا ملتبساً بالحق والحكمة لا باطلاً وعبثاً أو للحق والباء توضع موضع اللام يعني لينظر عبادي إليهما فيعتبروا.
٤٨٤
دو شم ازى صنع بارى نكوست
زعيب برادر فرو كير ودوست
در معرفت ديده آدميست
كه بكشوده بر آسمان وزميست
وإن الساعة أي القيامة لتوقعها كل ساعة كما في المدارك.
وقال ابن ملك : هي اسم لوقت تقوم فيه القيامة سمى بها لأنها ساعة خفيفة يحدث فيها أمر عظيم.
وقال ابن الشيخ : سميت الساعة ساعة لسعيها إلى جانب الوقوع ومسافتها الأنفاس.
لآتية لكائنة لا محالة، كما قيل :(كره قيامت دير آمد ولى مي آمد) أي فينتقم الله لك يا محمد فيها من أعدائك وهم المكذبون ويجازيك على حسناتك وإياهم على سيئاتهم فإنه ما خلق السموات والأرض وما بينهما إلا ليجزى كل محسن بإحسانه وكل مسيء بإساءته فاصفح الصفح الجميل يقال صفح عنه عفا، وصفح أعرض وترك، أي فاعرض عن المكذبين إعراضاً جميلاً وتحميل أذيتهم ولا تعجل بالانتقام منهم وعاملهم معاملة الصفوح الحليم.
قال الكاشفي يعني :(عفوكن حق نفس خودرا ودر صدد مكافات مباش).
إن ربك الذي يبلغك إلى غاية الكمال هو الخلاق لك ولهم ولسائر الموجودات على الإطلاق.
قال الكاشفي :(اوست آفريننده خلائق وأفلاك نظم خالق أفلاك وأنجم ب علا مردم وديو ورى ومرغ را).
خالق دريا ودشت وكوه وتيه
ملكت او بي حد وأوبى شبيه
نقش اوكردست ونقاش من أوست
غير اكر دعوى كندا وظلم جوست
العليم (دانا بأهل وفاق ونفاق).
وفي الإرشاد : بأحوالك وأحوالهم بتفاصيلها فلا يخفى عليه شيء مما جرى بينك وبينهم فهو حقيق بأن تكل جميع الأمور إليه ليحكم بينهم.
وفي الآية أمر بالمخالفة بالخلق الحسن وكان أحسن الناس خلقاً وأرجح الناس حلماً وأعظم الناس عفواً وأسخى الناس كفا.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٨٤
قال الفضيل : الفتوة الصفح عن عثرات الأخوان.
وكان زين العابدين عظيم التجاوز والصفح والعفو حتى أنه سبه رجل فتغافل عنه فقال له إياك أعني فقال وعنك أعرض أشار إلى آية خذا العفو وائمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين.


الصفحة التالية
Icon