جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٨٦
يقول الفقير : لما كانت الفاتحة أعظم أبعاض القرآن من حيث اشتمالها على حقائقه صح اطلاق الكل عليها وأما كونها مثاني فباعتبار تكرر كل آية منها في كل ركعة ولا يبعد كل البعد أن يقال أن تسميتها بالمثاني باعتبار كونها من أوصاف القرآن والجزؤ إذا كان كأنه الكل صح اتصافه بما اتصف به الكل.
﴿لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ﴾ أي : نظر عينيك ومد النظر تطويله وأن لا يكاد يرده استحساناً للمنظور إليه أي ولا تطمح ببصرك طموح راغب ولا تدم نظركد إلى ما متعنا به من زخارف الدنيا وزينتها ومحاسنها وزهرتها إعجاباً به وتمنيا أن يكون لك مثله.
أزواجاً منهم أصنافاً من الكفرة كاليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأصنام فإن ما في الدنيا من أصناف الأموال والذخائر بالنسبة إلى ما أوتيته من النبوة والقرآن والفضائل والكمالات مستحقر لا يعبأ به فإن ما أوتيته كمال مطلوب بالذات مفض إلى دوام اللذت يعني قد أعطيت النعمة العظمى.
يش درياي قدر حرمت تو
نه محيط فلك حبابي نيست
داري آن سلطنت كه در نظرت
ملك كونين در حسابي نيست
فاستغنِ بما أعطيت ولا تلتفت إلى متاع الدنيا ومنه الحديث : ليس منا من لم يتغن بالقرآن ذكر الحافظ لهذا الحديث أربعة أوجه : أحدها أن المراد بالتغني رفع الصوت.
والثاني : الاستغناء بالقرآن عن غيره من كتاب آخر ونحوه لفضله كما قال أبو بكر رضي الله عنه من أوتى القرآن فرأى أن أحداً أوتى من الدنيا أفضل مما أوتى فقد صغر عظيماً وعظم صغيراً.
والثالث : تغريد الصوت بحيث لا يخل بالمعنى فاختار رسول الله أن يترك العرب التغنى بالأشعار بقراءة القرآن على الصفة التي كانوا يعتادونها في قراءة الأشعار.
والرابع : تحسين الصوت وتطييبه بالقراءة من غير تغريد الصوت ولا تحزن عليهم أي على الكفرة حيث لم يؤمنوا ولم ينتظموا في سلك اتباعك ليتقوى بهم ضعفاء المسلمين لأن مقدوري عليهم الكفر.
وقال الكاشفي :(واندوه مخور برياران خودبه بي نوايي ودرويشى) واخفض جناحك للمؤمنين وتواضع لمن معك من فقراء المؤمنين وارفق بهم وطب نفساً عن إيمان الأغنياء مستعار من خفض الطائر جناحه إذا أراد أن ينحط.
قال في تهذيب المصادر : الخفض (فرو بردن) وهو ضد الرفع قال الله تعالى : خافضة رافعة}(الواقعة : ٣) أي ترفع قوماً إلى الجنة وتخفض قوماً إلى النار (ودر كشف الأسرار كفته كه خفض جناح كنايتست از خوش خويى ومقرراست كه خلعت خلق عظيم جزبر بالاي آن حضرت نيامده).
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٨٦
ذات ترا وصف نكو خوييست
خوى توسرمايه نيكوييست
روز ازل دوخته حكيم قديم
برقد تو خلعت خلق عظيم
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٨٦
﴿وَقُلْ إِنِّى أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ﴾ أي المنذر المظهر لنزول عذاب الله وحلوله.
وقال في إنسان
٤٨٧
العيون ذكر في سبب نزول قوله تعالى : ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم أن عيرا لأبي جهل قدمت من الشام بمال عظيم وهي سبع قوافل ورسول الله وأصحابه ينظرون إليها وأكثر أصحابه بهم عرى وجوع فخطر ببال النبي عليه السلام شيء لحاجة أصحابه فنزلت، أي : أعطيناك سبعاً من المثاني مكان سبع قوافل فلا تنظر لما أعطيناه لأبي جهل وهو متاع الدنيا الدنية ولا تحزن على أصحابك واخفض جناحك لهم فإن تواضعك لهم أطيب لقلوبهم من ظفرهم بما يحب من أسباب الدنيا.
ففي زوائد الجامع الصغير لو أن فاتحة الكتاب جعلت في كفة الميزان والقرآن في الكفة الأخرى لفضلت فاتحة الكتاب على القرآن سبع مرات.
وفي لفظ فاتحة الكتاب شفاء من كل داء ذكر في خواص القرآن إنه إذا كتبت الفاتحة في إناء طاهر ومحيت بماء طاهر وغسل وجه المريض بها عوفى بإذن الله تعالى، وإذا كتبت بمسك في إناء زجاج ومحيت بماء الورد وشرب ذلك الماء البليد الذهن الذي لا يحفظ سبعة أيام زالت بلادته وحفظ ما يسمع.


الصفحة التالية
Icon