جزء : ٤ رقم الصفحة : ٩٠
تو اكر درزير حاكى خفته
ون عصايش دان تو آنه كفته
قاصد انرا برعصايت دست نى
توبخسب اي شه مبارك خفتني
ثم فصلت يقال عقد مفصل إذا جعل بين كل لؤلؤتين خرزة.
والمعنى زينت آياته بالفوائد كما تزين القلائد بالفرائد أي : ميزت وجعلت تفاصيل في مقاصد مختلفة ومعان متميزة من العقائد والأحكام والمواعظ والأمثال وغير ذلك، وثم للتفاوت في الحكم أي : الرتبة لا للتراخي في الوجود
٩٠
والوقوع في الزمان أو للتراخي في الأخبار لا في الوقت، فأن الشائع في الجمل أن يراد بها نفس مفهومها، إلا أنه قد يراد بها الأخبار بمفهومها كما تقول فلان كريم الأصل، ثم كريم الفعل والمراد بالتراخي مجرد الترتيب مجازاً لظهور أن حقيقة التراخي منتفية بين الإخبارين ضرورة أن الإخبار بالتفصيل وقع عقيب الإخبار بالأحكام، أو يقال : بوجود التراخي باعتبار ابتداء الخبر الأول وانتهاء الثاني والفعلان من قبيل قولهم سبحان من صغر البعوض وكبر الفيل يعني أنه لم يكن البعوض كبيراً أولاً، ثم جعله الله صغيراً لكنه كان ممكناً فنزل هذا الإمكان منزلة الوجود كما في شرح الهندي على الكافية من لدن حكيم خبير صفة ثانية للكتاب وصف أولاً بجلالة الشان من حيث الذات ثم وصف من حيث الإضافة، ولدن بمعنى عند لكنها مختصة بأقرب مكان وعند للبعيد والقريب، ولهذا تقول : عندي كذا لما تملكه حضرك أو غاب عنك، ولا تقول لدي كذا إلا لما هو بحضرتك.
والحكيم الخبير هو الله تعالى، حكيم فيما أنزل خبير بمن أقبل على أمره أو أعرض عنه.
أن لا تعبدوا إلا الله مفعول له حذف منه اللام مع فقدان الشرط أعني كونه فعلاً لفاعل الفعل المعلل بناء على القياس المطرد في حذف حرف الجر مع أن المصدرية كأنه قيل كتاب أحكمت آياته ثم فصلت لأجل أن لا تعبدوا إلا الله، أي : تتركوا يا أهل مكة عبادة غير الله وتتمحضوا في عبادته دل على أن لا مقصود من هذا الكتاب الشريف إلا هذا الحرف الواحد فكل من صرف عمره إلى سائر المطالب فقد خاب وخسر.
إنني لكم منه نذير وبشير كلام على لسان الرسول.
قوله : منه، إما حال من نذير وبشير أي : كائناً من جهة الله تعالى أو متعلق بنذير أي : أنذركم من عذابه أن كفرتم، أي : بقيتم على الكفر وعبادة غير الله تعالى وأبشركم بثوابه أن آمنتم، وتقديم النذير لأن التخويف هو الأهم، إذ التخلية قبل التحلية.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٩٠
﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ﴾ عطف على أن لا تعبدوا، سواء كان نهياً أو نفياً وأن مصدرية وسوغ سيبويه أن توصل أن بالأمر والنهي لأن الأمر والنهي دالان على المصدر دلالة غيرهما من الأفعال، والاستغفار طلب المغفرة وهي أن يستر على العبد ذنوبه في الدنيا ويتجاوز عن عقوبته في العقبى ثم توبوا إليه ثم أخلصوا التوبة واستقيموا عليها كما في بحر العلوم للسمرقندي.
وقال في الإرشاد : المعنى فعل ما فعل من الأحكام والتفصيل لتخصوا الله بالعبادة وتطلبوا منه ستر ما فرط منكم من الشرك ثم ترجعوا إليه بالطاعة، انتهى.
فثم أيضاً على بابها في الدلالة على التراخي الزماني ويجوز أن يكون ثم لتفاوت ما بين الأمرين وبعد المنزلة بينهما من غير اعتبار تعقيب وتراخ، فأن بين التوبة وهي انقطاع العبد إليه بالكلية وبين طلب المغفرة بونا بعيداً كذا ذكره الرضى.
قال الفراء : ثم ههنا بمعنى الواو، لأن الاستغفار توبة انتهى.
يقول الفقير : فرقوا بينهما كما قال الحدادي : عند قوله تعالى : ومن يعمل سوأ أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله}(النساء : ١١) أي : بالتوبة الصادقة وشرطت التوبة ؛ لأن الاستغفار لا يكون توبة بالإجماع ما لم يقل معه تبت، وأسأت ولا أعود إليه أبداً فاغفر لي يا رب ﴿يُمَتِّعْكُم مَّتَـاعًا حَسَنًا﴾ انتصابه على أنه مصدر بمعنى تمتيعا حذف منه الزوائد.
والتمتيع جعل الشخص متمتعاً منتفعاً بشيء.
والمعنى يعيشكم عيشاً مرضياً لا يفوتكم فيه شيء مما تشتهون ولا ينغصه شيء من المكدرات إلى أجل مسمى إلى آخر الأعمار المقدرة وتموتوا على فرشكم كما حكى أن الله
٩١
تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام قل لفرعون أن آمنت بالله وحده عمرك في ملك وردك شاباً طرياً، فمنعه هامان وقال : له أنا أردك شاباً طرياً فأتاه بالوسمة فخضب لحيته بها، وهو أول من خضب بالسواد، ولذا كان الخضاب بالسواد حراماً.
وقال العتبي : أصل الامتاع الإطالة فيقال : جبل ماتع وقد متع النهار إذا طال.
والمعنى لا يهلككم بعذاب الاستئصال إلى آخر أيام الدنيا.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٩١


الصفحة التالية
Icon