اي كه در دل نهان كنى سرى
آنكه دل آفريد ميداند
٩٤
ومعنى الآية : أن الذين اضمروا الكفر والعداوة لا يخفون علينا وسنجازيهم على ما أبطنوا من سوء أعمالهم حق جزائهم فحقه أن يتقى ويحذر ولا يجترىء على شيء مما يخالف رضاه :
صورت ظاهر ندارد اعتبار
باطني بايد مبرا از غبار
واعلم أن إصلاح القلب أهم من كل شيء ؛ إذ هو كالملك المطاع في إقليم البدن النافذ الحكم وظاهر الأعضاء كالرعية والخدم له والنفاق صفة من صفاته المذمومة وهو عدم موافقة الظاهر للباطن والقول للفعل.
وقال ناس لابن : عمر أنا لندخل إلى سلطاننا وأمرائنا فنقول : لهم : بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم فقال : كنا نعد هذا نفاقاً على عهد رسول الله.
وقال حذيفة : أن المنافقين اليوم شر منهم على عهد رسول الله، قالوا : وكيف ذلك؟ قال : كانوا يومئذٍ يسرون واليوم يجهرون :
هركه سازد نفاق يشه خويش
خوار كردد بنزد خالق وخلق
ومن آفات القلب العداوة.
وعن علي رضي الله عنه أنه قال العداوة شغل.
هركه يشه كند عداوت خلق
از همه خيرها جدا كردد
كه دلش خسته عنا باشد
كه تنش بسته بلا كردد
وفي هذا المعنى قال حضرة الشيخ السعدي قدس سره :
دلم خانه مهر يا رست وبس
ازان جا نكنجد درو كين كس
وفي الآية إشارة إلى حال أهل الإنكار فأن كفار الشريعة كانوا يتغطون بثيابهم لئلا يسمعوا القرآن وكلام رسول الله وكذا كفار الحقيقة لا يصغون إلى ذكر الصوفية بالجهر ولا يقبلون على استماع أسرار المشايخ وحقائق القرآن بل يثنون صدورهم ويظنون أن الله تعالى لا يعلم سرهم ونجواهم ولا يجازيهم على إعراضهم عن الحق وعداوتهم لأهله.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٩٤
﴿وَمَا﴾ نافية من صلة دابة عام لكل حيوان يحتاج إلى الرزق صغيراً كان أو كبيراً ذكراً أو أنثى سليماً أو معيباً طائراً أو غيره لأن الطير يدب أي : يتحرك على رجليه في بعض حالاته في الأرض متعلق بمحذوف هو صفة لدابة أي : ما فرد من أفراد الدواب يستقر في قطر من أقطار الأرض إلا على الله رزقها غذاؤها ومعاشها اللائق لتكفله إياه تفضلاً ورحمة.
قال في التبيان : هو إيجاب كرم لا وجوب حق، انتهى.
لأنه لا حق للمخلوق على الخالق ولذا قال : في الجامع الصغير يكره أن يقول الرجل في دعائه بحق نبيك أو بيتك أو عرشك أو نحوه إلا أن يحمل على معنى الحرمة كما في شرح الطريقة.
وقال : في بحر العلوم أنما قال : على الله بلفظ الوجوب
٩٥
دلالة على أن التفضل رجع واجباً كنذور العباد.
وقال غيره : أتى بلفظ الوجوب مع أن الله تعالى لا يجب عليه شيء عند أهل السنة والجماعة اعتباراً لسبق الوعد وتحقيقاً لوصوله إليها البتة وحملاً للمكلفين على الثقة به تعالى في شأن الرزق، والإعراض عن إتعاب النفس في طلبه ففي كلمة على هنا استعارة تبعية شبه إيصال الله رزق كل حيوان إليه تفضلاً وإحساناً على ما وعده بإيصال من يوصله، وجوباً في انتفاء التخلف فاستعملت كلمة على (وكفته اند بمعنى من است يعني روزي همه ازخداست يا بمعنى إلى يعني روزي مفوض بخداي تعالى است اكر خواهد بسط كند واكر اراده نمايد قبض كند).
ويعلم مستقرها ومستودعها يحتمل وجوهاً.
الأول : ما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن مستقرها المكان الذي تأوي إليه ليلاً، أو نهاراً، أو تستقر فيه وتستكن ومستودعها الموضع الذي تدفن فيه إذا ماتت بلا اختيار منها كالشيء المستودع قال عبد الله : إذا كان مدفن الرجل بأرض أدته الحاجة إليها حتى إذا كان عند انقضاء أمره قبض فتقول الأرض يوم القيامة هذا ما استودعتني.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٩٥
والثاني : مستقرها محل قرارها في أصلاب الآباء، ومستودعها موضعها في الأرحام وما يجري مجراها من البيض ونحوه، وسميت الأرحام مستودعاً، لأنها يوضع فيها من قبل شخص آخر بخلاف وضعها في الأصلاب فأن النطفة بالنسبة إلى الأصلاب في حيذها الطبيعي ومنشأها الخلقي.
والثالث : مستقرها مكانها من الأرض حين وجودها بالفعل، ومستودعها حيث تكون مودعة فيه قبل وجودها بالفعل من صلب أو رحم أو بيضة، ولعل تقديم محلها باعتبار حالتها الأخيرة لرعاية المناسبة بينها وبين عنوان كونها دابة في الأرض.


الصفحة التالية
Icon