وقيل : بمعنى المعصوم كقوله تعالى : من ماء دافق} (الطارق : ٦) أي : مدفوق ﴿عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ﴾ (الحاقة : ٢١) بمعنى مرضية، أي : لا معصوم من عذاب الله إلا من رحم الله.
وقيل : لا عاصم بمعنى لا ذا عصمة على حذف المضاف على أن يكون بناء النسبة، وذو عصمة يطلق على عاصم وعلى معصوم، والمراد هنا المعصوم فهو مصدر من عصم المبنى للمفعول ويكون من رحم بمعنى المرحومين والاستثناء متصلاً كالأولين، لأن المرحوم من جنس المعصوم.
﴿وَحَالَ﴾ (وحائل شد) بينهما الموج أي : بين نوح وبين ابنه فانقطع ما بينهما من المجاوبة فكان من المغرقين من المهلكين بالماء.
وفيه دلالة على هلاك سائر الكفرة على أبلغ وجه فكان ذلك أمراً مقرر الوقوع عير مفتقر إلى البيان وفي إيراد كان دون صار مبالغة في كونه منهم.
وفي المثنوى :
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٣١
همو كنعان كآشنا ميكرد او
كه نخواهم كشتى نوح عدو
هين بيا در كشتى بابا نشين
تانكردى غرق طوفان اي مهين
كفت نى من آشنا آموختم
من بجز شمع تو شمع افرو ختم
هين مكن كين موج طوفان بلاست
دست واى آشنا امروز لاست
باد قهرست وبلاى شمع كش
جز كه شمع حق نمى بايد خمش
كفت مى رفتم بران كوه بلند
عاصمست آن كه مرا ازهر كزند
هين مكن كه كوه كاهست اين زمان
جز حبيب خويش را ندهدامان
كفت من كى ند تو بشنوده ام
كه طمع كردى كه من زين دوده ام
خوش نيامد كفت توهر كز مرا
من برى ام ازتو در هر دوسرا
اين دم سردتو در كوشم نرفت
خاصه اكنون كه شدم دانا وزفت
كفت باباه زيان دارد اكر
بشنوى يكبار توند در
همنين مى كفت اوبند لطيف
همنان ميكفت او دفع عنيف
نى در از نصح كنعان سير شد
نى دمى دركوش ان ادبير شد
اندرين كفتن بدند وموج تيز
بر سر كنعان زد وشد رزيريز
وقيل : إنه بني قبة في أعلى الجبل وسدها عليه حتى لا يدخل فيها ماء فجاءه البول فبال داخل
١٣٢
القبة فما برح البول يتزايد حتى غرق فيه والكفار غرقوا بالماء روى عن ابن عباس أنه قال : أمطرت السماء أربعين يوماً وليلة، وخرج ماء الأرض كذلك وذلك قوله تعالى : ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر}(القمر : ١١ ـ ـ ١٢) فارتفع الماء على أطول جبل في الأرض بخمسة عشر زراعاً أو بثلاثين أو بأربعين وطافت بهم السفينة الأرض كلها في خمسة أشهر لا تستقر على شيء حتى أتت الحرم، فلم تدخله ودارت حول الحرم أسبوعاً وقد أعتق الله البيت من الغرق كما في "بحر العلوم".
وقال في "تفسير" أبي الليث : ورفع البيت الذي بناه آدم عليه السلام إلى السماء السادسة وهو البيت المعمور واستودع الحجر الأسود أبا قبيس إلى زمن إبراهيم عليه السلام وسمى أبا قبيس باسم رجل من جرهم اسمه قبيس هلك فيه كما في "إنسان العيون".
قال الحكيم : خرج قوس قزح بعد الطوفان أماناً لأهل الأرض من أن يغرقوا جميعاً، وسمي به، لأنه أول ما رؤى في الجاهلية على قزح جبل بالمزدلفة، أو لأن قزح هو الشيطان ومن ثمة قال علي رضي الله عنه :"لا تقل قوس قزح" لأن قزح هو الشيطان "ولكنها قوس الله" هي علامة كانت بين نوح وبين ربه تعالى وهي أمان لأهل الأرض من الغرق كما في "الصواعق" لابن حجر.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٣١
قال حضرة الشيخ الشهير : بأفتاده افندي قدس سره : تأثير طوفان نوح يظهر في كل ثلاثين سنة مرة واحدة لكن على الخفة فيقع مطر كثير ويغرق بعض القرى والبيوت من السيل وفي الحديث :"سألت ربي ثلاثاً" أي : ثلاث مسائل "فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة" أي : القحط أراد به قحطاً يعم أمته "فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم" أراد بها الحرب والفتن "فمنعنيها".
وفي "التأويلات النجمية" ﴿وَهِىَ﴾ تجري يعني سفينة الشريعة بهم بمن ركبها بالأمر في موج أي : موج الفتن كالجبال من عظمتها ونادى نوح الروح ابنه كنعان النفس المتولدة بينه وبين القلب وكان في معزل من معرفة الله وطلبه يا بني اركب معنا سفينة الشريعة ولا تكن مع الكافرين من الشياطين المتمردة وألابالسنة الملعونة المطرودة.
قال يعني كنعان النفس.
سآوى إلى جبل أي : جبل العقل يعصمني من الماء من ماء الفتن قال لا عاصم اليوم من أمر الله يعني : إذا نبع ماء الشهوات من أرض البشرية ونزول ماء ملاذ الدنيا وفتنها من سماء القضاء لا يتخلص منه إلا بسفينة الشريعة، فلا عاصم منه غيرها، وذلك قوله : إلا من رحم أي : يرحمه الله بالتوفيق للاعتصام بسفينة الشريعة، وحال بينهما الموج أي : بين كنعان النفس المعتصم بجبل العقل وبين العقل موج الشهوات النفسانية الحيوانية، وفتن زخارف الدنيا فكان من المغرقين يعني : كل نفس لا تعتصم بسفينة الشريعة وتريد أن تعتصم بجبل العقل لتتخلص به من طوفان الفتن المهلكة، كما هو حال الفلاسفة لا يتهيأ له متمناه وهو من الهالكين.
وفي المثنوى :
س بكوشى وباخر از كلال
خود بخود كوئى كه العقل عقال
همو آن مرد مفلسف روز مرك