قال ابن سيرين : والحمرة التي مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين، وحكمته على ما قال ابن الجوزي : إن غضبنا يؤثر حمرة الوجه والحق منزه عن الجسمية فأظهر تأثير غضبه على من قتل الحسين بحمرة الأفق إظهاراً لعظيم الجناية ولم يرفع حجر في الدنيا يوم قتله إلا وجد تحته دم عبيط.
وأخرج أبو الشيخ أن جمعاً تذاكروا أنه ما من أحد أعان على قتل الحسين إلا أصابه بلاء قبل أن يموت، فقال شيخ : أنا أعنت وما أصابني شيء فقام ليصلح السراج فأخذته النار فجعل ينادي النار النار وانغمس في الفرات ومع ذلك لم يزل ذلك به حتى مات، وبعضهم ابتلى بالعطش فكان يشرب راوية ولا يُروى، وبعضهم عوقب بالقتل أو العمى أو سواد الوجه أو زوال الملك في مدة يسيرة وغير ذلك، فإذا عرفت فكن على جانب ممن يعادى أهل البيت ومن صحبتهم فإن موالاتهم معاداة لأهل البيت وبغض لهم، واحفظ الحرمة يحفظك الله تعالى وفي الحديث : إنتعالى ثلاث حرمات فمن حفظهن حفظ الله دينه ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله تعالى دينه ولا دنياه حرمة الإسلام وحرمتي وحرمة رحمي ومن لم يعرف حق عترتي والأنصار والعرب فهو لإحدى ثلاث، إما منافق، وإما لزنية وإما حملت به أمه في غير طهر.
دركار دين زمردم بي دين مدد مخواه
ازماه منخسف مطلب نور صبحكاه
اللهم احفظنا من الانقطاع عن الوسائل الحقة وألحقنا في الدنيا والآخرة بالطائفة المحقة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٣٩
﴿تِلْكَ﴾ إشارة إلى قصة نوح عليه السلام ومحلها الرفع بالابتداء وخبرها قوله : من أنباء الغيب أي : بعض أخباره فإنه لتقادم عهده لم يبق علمه إلا عند الله تعالى.
نوحيها أي : تلك القصة بواسطة جبريل خبر ثانٍ إليك ليكون لك هداية وأسوة فيما لقيه غيرك من الأنبياء عليهم السلام ما كنت تعلمها أنت ولا قومك خبر آخر، أي : مجهولة عندك وعند قومك من قبل هذا أي : من قبل إيحائنا إليك وإخبارنا بها، وفي ذكر جهلهم تنبيه على إنه عليه السلام لم يتعلمه إذ لم يخالط غيرهم وأنهم مع كثرتهم لم يسمعوه فكيف يؤخذ منهم.
قال سعدي المفتي : أعلمناهم بها ليكون لهم مثالاً وتحذيراً أن يصيبهم إذا كذبوك ما أصاب أولئك فاصبر متفرع على الإيحاء أي : وإذ قد أوحيناها.
وفي تفسير أبي الليث يعني : إن لم يصدقوك فاصبر على مشاق تبليغ الرسالة وأذية قومك وتكذيبهم كما صبر نوح في هذه المدة المتطاولة.
إن العاقبة أي : آخر الأمر بالظفر في الدنيا وبالفوز في الآخرة.
١٤٤
للمتقين أي : المؤمنين الموحدين الصابرين كما شاهدته في نوح وقومه ولك فيه أسوة حسنة.
وفيه تسلية لرسول الله وللمؤمنين.
قال الحافظ :
سروش عالم غيبم بشارتي خوش داد
كه كس هميشه كرفتار غم نخواهد ماند
قال الكاشفي :(ير طريقت فرمودكه صبر كليد همه بستكيها است وشكيبايي علاج همه خستكيها است نتيجه شكيباي ظفراست وكار بي صبر ازهر روز بترست :
صبراست كليد كنج مقصود
بي صبر درمراد نكشود
كر صبر كنى مراد يابى
وزباي در افتى ازشتابى
روى عن خباب بن الأرت قال : أتينا رسول الله وهو متوسد بردائه في ظل الكعبة فشكونا إليه فقلنا : يا رسول الله، ألا تدعو الله لنا وتستنصرنا فجلس محماراً لونه ثم قال : إن من كان قبلكم ليؤتى بالرجل فيحفرله في الأرض حفرة فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه، وفي الحديث : يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الأرض فيغمس في النار غمسة فيخرج أسود محترقاً فيقال : له هل مر بك نعيم قط أو كنت فيه فيقول لا لم أزل في هذا البلاء منذ خلقني الله تعالى ويؤتي باشد أهل الدنيا بلاء فيغمس في الجنة غمسة يعني : يدخل فيها ساعة فيخرج كأنه القمر ليلة البدر فيقال : له هل مر بك شدة قط فيقول لا لم أزل في هذا النعيم منذ خلقني الله تعالى.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٤٤