قال السعدي المفتي : قد يقال : عن للسببية كما في قوله تعالى : إلا عن موعدة وعدها إياه}(التوبة : ١١٤) فيتعلق بتاركي أي : بقولك المجرد عن حجة ﴿وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ أي : بمصدقين فيما تدعونا إليه من التوحيد وترك عبادة الآلهة وهو إقناط له من الإجابة والتصديق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٤٧
﴿إِن نَّقُولُ﴾ إلا اعتريك قوله اعتراك جملة مفسرة لمصدر محذوف تقديره ما نقول في شأنك إلا قولنا اعتراك أي : أصابك من عراه يعره إذا أصابه بعض آلهتنا بسوء الباء للتعدية.
والمعنى بالفارسية (مكر آنكه رسانيده اند بتو برخى ازخدايان ما رنجى وكزندى وعلتي) أي : بجنون لسبك إياها وصدك عنها وعداوتك مكافاة لك منها على سوء فعلك بسوء الجزاء فمن ثم تتكلم بكلام المجانين وتهذي بهذيان المبرسمين قال هود إني أشهد الله واشهدوا أي : وأقول أشهدوا لئلا يلزم عطف الإنشاء على الخبر أني بريىء تنازع فيه أشهد الله واشهدوا أي : على أني برييء مما تشركون أي : من إشراككم.
من دونه أي : من دون الله أو مما تشركون من آلهة غير الله فما موصولة وإشهاد الله تعالى حقيقة، وإشهادهم استهزاء بهم واستهانة، إذ لا يقول أحد لمن يعاديه أشهدك على أني بريء منك إلا وهو يريد عدم المبالاة ببراءته والاستهانة بعداوته.
واعلم أنهم لما سموا أصنامهم آلهة وأثبتوا لها الضرر نفى هود بقوله إني أشهد الله الآية كونهم آلهة رأساً ثم نفى الضرر بقوله : فكيدوني الكيد إرادة مضرة الغير خفية وهو من الخلق الحيلة السيئة، ومن الله التدبير بالحق لمجازاة أعمال الخلق، أي : إن صح ما تفوهتم به من كون آلهتكم مما تقدر على إضرار من يسبها ويصد عن عبادتها، فإني بريء منها فكونوا أنتم وآلهتكم جميعاً حال من ضمير كيدوني على قصد إهلاكي بكل طريق.
ثم لا تنظرون لا تمهلوني ولا تسامحوني في ذلك فالفاء لتفريع الأمر على زعمهم في قدرة آلهتهم على ما قالوا : وعلى البراءة كليهما كما في الإرشاد.
وفيه إشارة إلى أن النفس وصفاتها والشيطان والهوى والدنيا في كيد القلب على الدوام والقلب المؤيد بالتأييد الرباني لا يناله كيدهم.
جمله عالم اكر دريا شود
ون تو باحق ترنكردد اي تو
١٤٨
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٤٨
﴿إِنِّى تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّى وَرَبِّكُمْ﴾ يعني : إنكم وإلهتكم لا تقتدرون على ضرري فإني متوكل على الله القادر القوي وهو مالكي ومالك كل شيء إذ ما من دابة نسمة تدب على الأرض.
إلا هو أي : رب تعالى آخذ بناصيتها الناصية عند العرب منبت الشعر في مقدمة الرأس ويسمى الشعر النابت هناك أيضاً ناصية تسمية له باسم منبته، والأخذ بناصية الإنسان عبارة عن قهره والغلبة عليه وكونه في قبضة الآخذ بحيث يقدر على التصرف فيه كيف يشاء، والعرب إذا وصفوا إنساناً بالذلة والخضوع لرجل قالوا : ما ناصيته إلا بيد فلان، أي : إنه مطيع له لأن كل من أخذت بناصيته فقد قهرته وأخذ الله بناصية الخلائق استعارة تمثيلية لنفاذ قدرته فيهم.
والمعنى إلا وهو مالك لها قادر عليها يصرفها على ما يريد بها والغرض من هذا الكلام الدلالة على عظمته وجلالة شأنه وكبرياء سلطانه وباهر قدرته وأن كل مقدور وإن عظم وجل في قوته وجثته فهو مستصغر إلى جنب قدرته مقهور تحت قهره وسلطانه منقاد لتكوينه فيه ما يشاء غير ممتنع عليه إن ربي على صراط مستقيم يعني : إنه على الحق والعدل في ملكه لا يفوته ظالم ولا يضيع عنده معتصم به.
وفي التأويلات النجمية ما من دابة تدب في طلب الخير والشر إلا هو آخذ بناصيتها يجرها بها إلى الخير والشر وهي في قبضة قدرته مذللة له إن ربي على صراط مستقيم في إصلاح حال أهل الخير وإفساد حال أهل الشر.
وفيه إشارة أخرى : إن ربي على صراط مستقيم يدل طالبيه به عليه يقول من طلبه فليطلبه على صراط مستقيم الشريعة على أقدام الطريقة فإنه يصل إليه بالحقيقة وأيضاً يعني : الصراط المستقيم هو الذي ينتهي إليه لا إلى غيره كقوله : وأن إلى ربك المنتهى}(النجم : ٤٢) (ودرنقد النصوص قدس سر جامعه مذكور است درباب احديت افعال وبيان تأثيرات ومؤثرات كه آن ذات متعاليه كه في الحقيقة مصدر جميع أفعال ومؤثر درتمام منفعلاتست بحكم تربيت هريكى را بحسب قابليات بسوى حضرت خود مي كشاند انيست سر آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم)
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٤٩
كش كشاند مى كشد كانا إليه راجعون
وروى جاى دكر فكر غلط باشد جنون
وازين مقوله ها ست قول قائل :
ون همه راه اوست ازب وراست
تو بهرره كه ميروى اوراست
ون از وبود ابتداى همه
هم بدو باشد انتهاى همه