وفي الآية إشارة إلى النفس فإنها من ذوي قربى القلب ولها حق كما قال عليه الصلاة والسلام :"إن لنفسك عليك حقاً" المعنى لا تبالغ في رياضة النفس وجهادها لئلا تسأم وتمل وتضعف عن حمل أعباء الشريعة وحقها رعايتها عن السرف في المأكول والملبوس والاثاث والمسكن وحفظها عن طرفي الإفراط والتفريط كما في "التأويلات النجمية" ﴿وَالْمَسَـاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ أي : وآتهما حقهما مما كان مفترضاً بمكة بمنزلة الزكاة.
المسكين من لا شيء له والفقير من له شيء دون نصاب وقيل بالعكس.
وابن السبيل أي : الملازم لها هو من له مال لا معه وهو المسافر المنقطع عن ماله ﴿وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ بصرف المال إلى من سواهم ممن لا يستحقه فإن التبذير تفريق في غير موضعه وأما الإسراف الذي هو تجاوز الحد في صرفه فقد نهى عنه بقوله :﴿وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ سعدي :
نه هركس سراوار باشد بمال
يكى مال خواهد يكى ك شمال
﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَـاطِينِ﴾ أي : أعوانهم في إهلاك أنفسهم ونظراءهم في كفران النعمة والعصيان كما قال ﴿وَكَانَ الشَّيْطَـانُ لِرَبِّه كَفُورًا﴾ مبالغاً في الكفر به لا يشكر نعمه بامتثال
١٥٠
أوامره ونواهيه وكان قريش ينحرون الإبل ويبذرون أموالهم في السمعة وسائر ما لا خير فيه من المناهي والملاهي (مجاهد فرموده كه اكر برابركوه زردر وجوه خير صرف كنند اسراف نباشدا كر جوى ياحبه در باطل خرج نمايند اسراف باشد) وقد أنفق بعضهم نفقة في خير فأكثر فقال له صاحبه لا خير في السرف فقال لا سرف في الخير، سعدي :
كنون بركف دست نه هره هست
كه فردا بدندان كزى شت دست
﴿وَأَمَّآ﴾ (واكر) ﴿تُعْرِضَنَّ﴾ (اعراض كنى) ﴿عَنْهُمْ﴾ أي : إن اعتراك أمر اضطرك إلى أن تعرض عن أولئك المستحقين من ذوي القربى وغيرهم ﴿ابْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ﴾ أي : لفقد رزق من ربك إقامة للمسبب مقام السبب فإن الفقد سبب للابتغاء ﴿تَرْجُوهَا﴾ من الله تعالى لتعطيهم والجملة صفة رحمة وكان عليه السلام إذا سئل شيئاً وليس عنده سكت حياء وأمر بالقول الجميل لئلا يعتريهم الوحشة بسكوته فقيل :﴿فَقُل لَّهُمْ قَوْلا مَّيْسُورًا﴾ سهلاً ليناً وعدهم بوعد فيه يسر وراحة لهم وقيل القول الميسور الدعاء لهم بالميسور أي : اليسر فهو مصدر على مفعول أي : قل لهم أغناكم الله من فضله رزقنا الله وإياكم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٠
ـ روي ـ أن عيسى عليه السلام قال : من ردَّ سائلاً خائباً عن بابه لم تعبر الملائكة بيته سبعة أيام ومن مات فقيراً راضياً من الله بفقره لا يدخل الجنة أحد أغنى منه كذا في "الخالصة".
﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ﴾ (يدبسته بركردن خود واين كنايتست ازامساك) ﴿وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ (ومكشاى دست خودرا همه كشادن يعني اسراف مكن).
قال أهل التفسير : هما تمثيلان لمنع الشحيح وإعطاء المسرف زجراً لهما عنهما وحملا على ما بينهما من الاقتصاد الذي هو بين التقتير والإسراف وهو الكرم والجود، والمعنى ولا تمسك يدك عن النفقة في الحق كل الإمساك بحيث لا تقدر على مدها كمن يده مغلولة إلى عنقه فلا يقدر على إعطاء شيء ولا تجد كل الجود فتعطي جميع ما عندك ولا يبقى شيء منه كمن يبسط كفه كل البسط فلا يبقى شيء فيها ﴿فَتَقْعُدَ﴾ جواب للنهيين أي : فتصير ﴿مَلُومًا﴾ عند الله وعند الناس في الدارين وهو راجع لقوله :﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ﴾ ﴿مَّحْسُورًا﴾ نادماً أو منقطعاً بك لا شيء عندك وهو راجع إلى قوله :﴿وَلا تَبْسُطْهَا﴾ :
مبند ازسر امساك دست در كردن
كه خصلتيست نكوهيده يش اهل بها
مكن بجانب إسراف نيز ندان ميل
كه هره هست بيكدم كنى زدست رها
ودر ميانه اين هر دوراه ندانى
تفاوتست كه از آفتاب تابسها
س اختيار وسط راست در جميع امور
بدان دليل كه خير الأمور أوسطها
وفي "الكواشي" : الصحيح أن هذا خطاب للنبي والمراد غيره لأنه أفسح الناس صدراً وكان لا يدخر شيئاً لغد انتهى وسيأتي تحقيق المقام.
قال الكاشفي :(در اسباب نزول آمده كه مسلمه بايهوديه كرو بستند ومضمون رهن آنكه حضرت رسالت ناه عليه السلام از موسى كليم عليه السلام سخى ترست وسخاوت موسى آن بودكه سائل را رد نميكرد بيزيكه ازوفاضل بوده يابسخن خوش اورا خوشنود ميساخت القصه ازجهت ازمايش شخصى دختر خودرا بجانب نبوتآب فرستاد دخترك آمد وكفت كه يا رسول الله ما در من از شمايراهن ميطلبد حضرت فرمود زمان تازمان برسد توساعتى ديكر بازا ئى دخترك بعد از زمانى باز آدكه مادر من آن يراهنى ميطلبدكه دربر
١٥١


الصفحة التالية
Icon