شماست حضرت بحجره درآمد ويراهن بيرون كرده بوى داد وخود برهنه بنشست بلال قامت صلاة كشيد وياران منتظر خروج آن حضرت بودند وآن حضرت بسبب برهنكى بيرون نمى آمد آيت آمدكه ولا تجعل الخ).
قال في "برهان القرآن" : فدخل وقت الصلاة ولم يخرج للصلاة حياء فدخل عليه أصحابه فرأوه على تلك الصفة فلاموه على ذلك فأنزل الله ﴿فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا﴾ مكشوفاً هذا هو الأظهر من تفسيره انتهى.
يقول الفقير : وذلك لأن أصحابه لاموه فصار ملوماً وبقي عرياناً فصار محسوراً أي : مكشوفاً لأن الحسر الكشف فعلى هذا كان الأنسب أن يراد القعود حقيقة ولم يرض في الإرشاد بهذه الرواية بناء على أن السورة مكية والقصة مدنية والعلم عند الله تعالى.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٠
﴿إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ﴾ يوسعه على بعض ويضيقه على بعض آخرين بمشيئته التابعة للحكمة وبالفارسية (بدرستى كه روردكار توكشاده مى كرداند روزى را براى هركه خواهد وتنك مى سازد براى هركه ارادت واقتضاكند واين بسط وقبض ازمحض حكمت است وكس زهره اعتراض ندارد).
وفي "التأويلات النجمية" : يشير به إلى الخروج عن أوطان البشرية والطبيعية الإنسانية إلى قضاء العبودية بقدمي التوكل على الله وتفويض الأمور إليه فإن كان يبسط للنفس في بعض الأوقات ببعض المرادات ليفرش لها بساط البسط ويقدر عليها في بعض الأوقات متمناها ليضبط أحوالها بمجامع القبض فالأمور موكولة إلى حكمه البالغة وأحكامه الأزلية ﴿إِنَّه كَانَ بِعِبَادِه خَبِيرَا بَصِيرًا﴾ أي : يعلم سرهم وعلنهم فيعلم من مصالحهم ما يخفى عليهم قال الله تعالى :"وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا الغنى لو أفقرته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا الفقر لو أغنيته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا الصحة لو أسقمته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا السقم لو أصححته لأفسده ذلك إني أدبر أمر عبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير" رواه أنس رضي الله عنه كما في "بحر العلوم" فيغني الله ويفقر ويبسط ويقبض ولو أغناهم جميعاً لطغوا ولو أفقرهم لنسوا فهلكوا وفي الحديث :"بادروا بالأعمال خمساً : غنى مطغياً وفقراً منسياً وهرماً مفنداً ومرضاً مفسداً وموتاً مجهزاً" فإذا كان الغنى لبعض مطغياً صرفه الله تعالى عمن علم ذلك منه وأفقره لأن الفقر علم منه أنه لا ينسيه بل يشغل لسانه بذكره وحمده وقلبه بالتوكل عليه والالتجاء إليه وإذا كان الفقر لبعضهم منسياً صرفه عمن علم ذلك منه، وفي "المثنوي" :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٢
فقر ازين رو فخر آمد جاودان
كه بتقوى ماند دست نارسان
زان غنا وزان غنى مردود شد
از بلاى نفس ر حرص وغمان
فعلى العاقل التسليم لأمر الله تعالى والرضى بقضائه والصبر في موارد القبض والشكر في مواقع البسط والإنفاق مهما أمكن.
قال في "الأسرار المحمدية" : كان أويس القرني رحمه الله إذا أصبح أو أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والثياب ثم يقول : اللهم من مات جوعاً فلا تؤاخذني به ومن مات عرياناً فلا تؤاخذني به.
وكان الحلاج رحمه الله يقول مخبراً عن حاله : إذا قعد الرجل عشرين يوماً جائعاً ثم فتح له طعام فعرف أن في البلد من هو أحوج إلى ذلك منه فأكله ولم يؤثر به ذلك المحتاج فقد سقط عن رتبته وهذا مقام عال بالنسبة إلى حال أويس ظاهراً
١٥٢
ولكن قال الشيخ الكامل محمد بن علي العربي قدس سره : اعلم أن قول أويس ينبه على مقامه الأعلى وقطبيته المثلى لأن ذلك القول معرب عن حال إمام الوقت فيعطي ما ملك ويتضرع هذا التضرع لمن استخلفه على عبيده بالرحمة لهم والشفقة عليهم والمكمل من سبقت رحمته غضبه كما أخبر الله سبحانه عن أكمل الخلفاء وسيد الأقطاب بقوله :﴿وَمَآ أَرْسَلْنَـاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَـالَمِينَ﴾ (الأنبياء : ١٠٧) ولكن العارف إذا كان صاحب حال مثل الحلاج فرق بين نفسه ونفس غيره فعامل نفسه بالشدة والقهر والعذاب ونفس غيره بالإيثار والرحمة والشفقة.


الصفحة التالية
Icon