ـ وروي ـ عن بعض الصحابة رضي الله عنه أنه قال :"إياكم والزنى فإن فيه ست خصال : ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة.
فأما التي في الدنيا فنقصان الرزق يعني : تذهب البركة من الرزق ويصير محروماً من الخير ونقصان العمر والبغض في قلوب الناس فإنه يذهب بالبهاء.
وأما الثلاث التي في الآخرة فغضب الرب وشدة الحساب والدخول في النار" وفي الخبر :"العينان تزنيان واليدان تزنيان"، وفي "المثنوي" :
مرغ زان دانه نظر خوش ميكند
دانه هم از دور راهش مى زند
اين نظر ازدور ون تيرست وسم
عشقت افزون مى شود صبرتوكم
واعلم أن غلبة الشهوة.
تورث الزنى فالشهوة هي الثالثة من العشر المذمومة فتبدلها الله تعالى بالعفة حين نهاهم عن الزنية.
ـ حكي ـ أنه كان بالبصرة رجل معروف بالمسكي لأنه كان يفوح منه رائحة المسك فسئل عنه فقال : كنت من أحسن الناس وجهاً وكان لي حياء فقيل لأبي : لو أجلسته في السوق لانبسط مع الناس فأجلسني في حانوت بزاز فجاءت عجوز فطلبت متاعاً فأخرجت لها ما طلبت فقالت : لو توجهت معي لثمنه فمضيت معها حتى أدخلتني في قصر عظيم
١٥٤
فيه قبة عظيمة عليها سرير فإذا فيه جارية على فرش مذهبة فجذبتني إلى صدرها فقلت : الله فقالت : لا بأس فقلت : إني حاقب ودخلت الخلاء وتغوطت ومسحت به وجهي وبدني فقيل : إنه مجنون فخلصت ورأيت الليلة رجلاً قال لي : أين أنت من يوسف بن يعقوب ثم قال : أتعرفني قلت : لا قال : أنا جبريل ثم مسح يده على وجهي وبدني فمن ذلك الوقت يفوح المسك علي من رائحة جبريل عليه السلام وذلك ببركة العفة والتقوى.
ولقي إبليس موسى عليه السلام فقال : يا موسى اذكرني حين تغضب فإن وجهي في قلبك وعيني في عينك وأجري منك مجرى الدم واذكرني حين تلقي الزحف فإني آتي ابن آدم حين يلقى الزحف فاذكره ولده وزوجته وأهله حتى يولي وإياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم فإني رسولها إليك ورسولك إليها كما في "آكام المرجان".
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٢
﴿وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ﴾ قتلها بأن عصمها بالإسلام أو بالعهد فدخل فيه الذمي والمعاهد.
﴿إِلا بِالْحَقِّ﴾ استثناء مفرغ أي : لا تقتلوها بسبب من الأسباب إلا بسبب الحق أي : بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان وزنى بعد إحصان وقتل نفس معصومة عمداً ﴿وَمِنْ﴾ (هركه) ﴿قُتِلَ مَظْلُومًا﴾ غير مرتكب واحدة من هذه الثلاث ﴿فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ﴾ لمن يلي أمره بعد وفاته من الوارث أو السلطان عند عدمه إذ هو ولي من لا ولي له ﴿سُلْطَـانًا﴾ تسلطاً واستيلاء على القاتل إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية ﴿فَلا يُسْرِف﴾ أي : الولي ﴿فِّى الْقَتْلِ﴾ أي : في أمر القتل بأن يجاوز الحد المشروع بأن يزيد عليه المثلة أو بأن يقتل غير القاتل من أقاربه وكانوا يقتلون غير القاتل إذا لم يكن القتل بواء أي سواء يقال فلان بواء لدم فلان أي سواء.
قال الكاشفي :(درجاهليت ون كسى كشته شدى وارث قاتل اورا نكشتى بلكه قصد مهتر قبيله قاتل كردى) أو بأن يقتل الاثنين مكان الواحد كعادة الجاهلية كان إذا قتل منهم شريف لا يرضون بالقاتل بل بأن يقتلوا معه جماعة من أقاربه أو بأن يقتل القاتل في مادة الدية ﴿أَنَّهُ﴾ أي : الولي ﴿كَانَ مَنصُورًا﴾ ينصره الشرع والسلطان يعني أن الله ينصره بأن أوجب له القصاص والدية وأمر الحكام بإعانته في الاستيفاء أو الهاء للمقتول ونصره قتل قاتله وحصول الأجل له.
فإن قلت : ما توبة القاتل عمداً؟ قلت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "توبة القاتل عمداً في ثلاث إما أن يقتل وإما أن يعفى عنه وإما أن يؤخذ منه الدية أي : هذه الخصال فعل به فهي توبته" رواه أنس رضي الله عنه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٢
﴿وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ﴾ فضلاً عن أن تتصرفوا فيه ﴿إِلا بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ﴾ إلا بالخصلة والطريقة التي هي أحسن الخصال والطرائق وهي حفظه واستثماره.
يعني :(معامله كنيدكه اصل مايه براى وى بما ندو ربح او بوصله معاش او نشيند) ﴿حَتَّى﴾ غاية لجواز التصرف على الوجه الأحسن المدلول عليه بالاستثناء.
﴿يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾ قوته وهو ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين واحد جاء على بناء الجمع كآنك ولا نظير لهما كما في "القاموس".
وقال في "بحر العلوم" : بلوغ الأشد بالإدراك وقيل إن يؤنس منه الرشد مع أن يكون بالغاً وآخره ثلاث وثلاثون سنة انتهى.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٥
﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ﴾ سواء جرى بينكم وبين ربكم أو بينكم وبين غيركم من الناس والإيفاء بالعهد والوفاء به هو القيام بمقتضاه بالمحافظة عليه ولا يكاد يستعمل إلا بالباء فرقاً بينه وبين الإيفاء
١٥٥


الصفحة التالية
Icon