الحسي كإيفاء الكيل والوزن ﴿إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْـاُولا﴾ مطلوباً يطلب من المعاهد أن لا يضيعه ويفي به فمسئولا من سألته الشيء أو كان مسئولا عنه على أن يكون من سألته عن الشيء فيكون من باب الحذف والإيصال فإن جعل الضمير بعد انقلابه مرفوعاً مستكناً في اسم المفعول كقوله تعالى :﴿وَذَالِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ﴾ (هود : ١٠٣) أي : مشهود فيه.
وفي "الكواشي" أو يسأل حقيقة توبيخاً لناكثيه كسؤال الموءودة لم قتلت توبيخاً لقاتلها فيكون تمثيلاً أي : جعل العهد متمثلاً على هيئة من يتوجه السؤال إليه كما تجعل الحسنات أجساماً نورانية والسيآت أجساماً ظلمانية فتوزن كما في "حواش" سعدي المفتي ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ﴾ أي : أتموه ولا تخسروه ﴿إِذَا كِلْتُمْ﴾ وقت كيلكم للمشترين وتقييد الأمر بذلك لأن التطفيف هناك وأما وقت الاكتيال على الناس فلا حاجة إلى الأمر بالتعديل قال تعالى :﴿إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ﴾ (المطففين : ٢) ﴿وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ﴾ وهو القرسطون أي : القبان وهو معرب كبان بمعنى الميزان العظيم أو هو كل ما يوزن به من موازين العدل صغيراً كان أو كبيراً.
قال بعضهم : هو معرب رومي ولا يقدح ذلك في عربية القرآن لانتظام المعربات في سلك الكلم العربية.
وقال في "بحر العلوم" : والجمهور على أنه عربي مأخوذ من القسط وهو العدل وهو الأصح فإن كان من القسط وجعلت العين مكررة فوزنه فعلاس وإلا فهو رباعي على وزن فعلال ﴿الْمُسْتَقِيمَ﴾ أي : العدل السوي ولعل الاكتفاء باستقامته عن الأمر بإيفاء الوزن لما أنه عند استقامته لا يتصور الجور غالباً بخلاف الكيل فإن كثيراً ما يقع التطفيف مع استقامة الآلة كما أن الاكتفاء بإيفاء الكيل عن الأمر بتعديله لما أن إيفاءه لا يتصور بدون تعديل المكيال وقد أمر بتقويمه أيضاً في قوله تعالى :﴿أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ﴾ ﴿ذَالِكَ﴾ أي : إيفاء الكيل والوزن السوي ﴿خَيْرٌ﴾ لكم في الدنيا إذ هو أمانة توجب الرغبة في معاملته والذكر الجميل ﴿وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا﴾ عاقبة تفعيل من آل إذا رجع والمراد ما يؤول إليه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٥
إعلم أن رابع الخصال العشر المذمومة الغضب وهي في قوله تعالى :﴿وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ﴾ فإن استيلاء الغضب يورث القتل بغير الحق فبدله بالحلم في قوله :﴿وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّه سُلْطَـانًا﴾ وفي الحديث :"قرب الخلائق من عرش الرحمن يوم القيامة المؤمن الذي قتل مظلوماً رأسه عن يمينه وقاتله عن شماله وأوداجه تشخب دماً فيقول : رب سل هذا لِمَ قتلني فبم حال بيني وبين صلواتي فيقول الله تعست ويذهب به إلى النار".
قال أنوشروان : أربع قبائح وهي في أربعة أقبح البخل في الملوك والكذب في القضاة والحدة في العلماء أي : شدة الغضب والوقاحة في النساء وهي قلة الحياء قيل الحلم حجاب الآفات.
وخامسها : الإسراف فإن الإفراط في كل شيء يورث الإسراف فبدله بالقوام في قوله :﴿فَلا يُسْرِف فِّى الْقَتْلِا إِنَّه كَانَ مَنصُورًا﴾ وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : مر رسول الله بسعد وهو يتوضأ فقال :"ما هذا السرف يا سعد" قال : أفي الوضوء سرف؟ قال :"نعم وإن كنت على نهر جار".
وسادسها : الحرص وهو في قوله :﴿وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ﴾ فإن التصرف في مال اليتيم من الحرص فبدله بالقناعة في قوله :﴿إِلا بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ﴾ قيل لحكيم : ما بال الشيخ أحرص على الدنيا من الشاب؟ قال : لأنه ذاق من طعم الدنيا ما لم يذقه الشاب، قال الصائب :
ريشه نخل كهن سال ازجوان افزونترست
بيشتر دلبستكى باشد بدنيا ير را
١٥٦
وعن الثوري رحمه الله : من باع الحرص بالقناعة فقد ظدر بالغنى.
وسابعها : نقض العهد فبدله بالوفاء به بقوله :﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِا إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْـاُولا﴾ (سلمى رورده كه خدا يرا عهد هست بر جوارح آدمي بملازمت آداب وبرنفس او باداء فرائض وبردل او بخوف وخشيت وبرجان او بآنكه از مقام قرب دور نشود وبر سر او بآنكه مشاهده ما سوى نكند وازهر عهدي خواهند رسيد) :
تاكسى از عهده آن عهد ون آيد برون†
ولا شك أن إخوان الزمان ليس وفاء لا بحقوق الله تعالى ولا بحقوق الناس، حافظ :
وفا مجوى زكس ورسخن نمى شنوى
بهره ز طالب سيمرغ وكيميا ميباش
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٥