غيره ضاع سعيه وانه رأس كل حكمة وملاكها ومن عدمه لم ينفعه علومه وحكمه وان بدّ فيها اساطين الحكماء وحك بيافوخه عنان السماء وما اغنت عن الفلاسفة اسفار الحكم وهم عن دين الله اضل من النعم وقد رتب عليه ما هو عائدة الاشراك فى الدنيا حيث قيل ﴿فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولا﴾ ورتب عليه ههنا نتيجته فى العقبى فقيل ﴿فَتُلْقَى فِى جَهَنَّمَ مَلُومًا﴾ تلوم نفسك وتذمك وتلومك الناس والملائكة ﴿مَّدْحُورًا﴾ مطرودا مبعدا من رحمة الله ومن كل خير وهو تمثيل فانه تعالى شبه من اشرك بالله استحقارا له بخشبة يأخذها آخذ فى كفه فيطرحها فى التنور فالتوحيد اصل الحسنات والشرك اصل السيآت.
قال اهل التحقيق ان كلمة لا اله الا الله اذا قالها الكافر تنفى ظلمة الكفر وتثبت فى قلبه نور التوحيد واذا قالها المؤمن تنفى عنه ظلمة النفس وتثبت فى قلبه نور الوحدانية وان من قالها فى كل يوم الف مرة فبكل مرة تنفى عنه شيأ لم تنفعه المرة الاولى ومقام العلم بالله لا ينتهى الى الابد قال تعالى
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٩
﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِى عِلْمًا﴾ اى برادر بى نهايت دركهيست
هركجا كه ميرسى بالله مأيست
قال يحيى بن معاذ رحمه الله ما طابت الدنيا الا بذكرك ولا الآخرة الا بعفوك ولا الجنة الا بلقائك وفى الحديث الدنيا ملعونة ملعون ما فيها الا ذكر الله وما والاه وعالم او متعلم والتوحيد اثبات الوحدة فاهله على الكمال من يفر من الكثرة الى الوحدة.
قال الشيخ ابو الحسن رحمه الله سمعت وصف ولىّ فى جبل فبت عند باب صومعته ليلة فسمعته يقول الهى ان بعض عبادك طلب منك تسخير الخلق فاعطيته مراده وانا اريد منك ان لا يحسنوا معاملتهم معى حتى لا التجئ الا الى حضرتك حققنا الله واياك بحقائق هذا المقام وشرفنا بالفرار كل لحظة الى جنابه العلام ومعنى الفرار ايثاره تعالى على ما سواه لان علو الهمة انما يظهر فيه - حكى - ان سلطانا كان يحب واحدا من وزرائه اكثر من غيره فحسدوه وطعنوا فيه فاراد السلطان ان يظهر حاله فى الحب فاضافهم فى دار مزينة بانواع الزينة ثم قال ليأخذ كل منكم ما اعجبه فى الدار فاخذ كل منهم ما اعجبه من الجواهر والمتاع واخذ الوزير المحسود السلطان وقال ما اعجبنى الا انت : قال الحافظ
كداى كوى توازهشت خلد مستغنيست
اسير عشق توازهر دوكون ازادست
يعنى ان العاشق الصاق لا يختار الا المعشوق ويصير حرا عن هوى غيره على كل حال.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٩
﴿أَفَأَصْفَـاـاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الملائكة إِنَـاثًا﴾ خطاب للقائلين بان الملائكة بنات الله وكان المشركون يستنكفون من البنات فيختارون لانفسهم الذكور ومع ذلك ينسبون اليه تعالى الاناث فانكر الله ذلك منهم.
والاصفاء بالشئ جعله خالصا والهمزة للانكار والفاء للعطف على مقدر يفسره المذكور وعبر عن البنات بالاناث اظهارار لجهة خساستهن لان الانوثة اخس اوصاف الحيوان.
والمعنى افضلكم على جنابه فخصكم بافضل الاولاد على وجه الخلوص وآثر لذاته اخسها وادناها كما فى قوله تعالى ﴿أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الانثَى﴾ اى هذا خلاف الحكمة وما عليه عقولكم وعادتكم فان العبيد لا يؤثرون بأجود الاشياء واصفاها من الشوب ويكون
١٦٠
أرداها وأدونها للسادات.
قال الكاشفي :(ايا بركزيد شمارا رورد كار شما به سران وفرا كرفت براى خودرا ازملائكه دختران اين خلاف آنست كه عادت شما بران جارى شده كه ازدختران ننك ميداريد وبه سران مى نازيد) ﴿إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ﴾ بإضافة الولد إليه تعالى ﴿قَوْلا عَظِيمًا﴾ لا يجترىء عليه أحد حيث تجعلونه من قبيل الأجسام المتجانسة السريعة الزوال ثم تضيفون إليه ما تكرهون من أخس الأولاد وتفضلون عليه أنفسكم بالبنين ثم تصفون الملائكة الذين هم من أشرف الخلق بالأنوثة التي هي أخس أوصاف الحيوان.
قال في "التأويلات النجمية" : قوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon