وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم جلس في مكان معه أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فتناول النبي عليه السلام سبع حصيات فوضعن في كفه فسبحن حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النحل، ثم وضعهن فخرسن ثم تناولهن فوضعهن في يد أبي بكر فسبحن حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النحل ثم وضعهن في يد عمر ثم في يد عثمان فسبحن حتى سمعت لهن حنيناً كحنين النحل.
وذكر عبد الله القرطبي أن داود عليه السلام قال : لأسبحن الله تعالى هذه الليلة تسبيحاً ما سبحه به أحد من خلقه فنادته ضفدع من ساقية في داره أتفخر على الله بتسبيحك وأن لي سبعين سنة ما جف لساني من ذكر الله وأن لي عشر ليال ما طعمت ولا شربت اشتغالاً بكلمتين فقال : وما هما؟ قالت :"يا مسبحاً بكل لسان ويا مذكوراً بكل مكان" فقال داود لنفسه وما عسى أن أقول أبلغ من هذا.
وذكر الشيخ أبو عمرو في سبب توبته أني كنت ليلة على ظهري متوجهاً إلى السماء فرأيت خمس حمامات : إحداهن تقول : سبحان من عنده خزائن كل شيء وما ينزله إلا بقدر معلوم.
والثاني تقول : سبحان من أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.
والثالثة تقول : سبحان من بعث الأنبياء حجة على خلقه وفضل عليهم محمداً صلى الله عليه وسلّم والرابعة تقول : كل ما في الدنيا باطل إلا ما كانولرسوله.
والخامسة تقول : يا أهل الغفلة قوموا إلى ربكم رب كريم يعطي الجزيل ويغفر الذنب العظيم فلما سمعت ذلك ذهبت عني فلما جئت إليّ وجدت قلبي خالياً عن حب الدنيا فلما أصبحت سلكت طريقاً بنية أن أسلم نفسي إلى مرشد فلقيت شيخاً ذا هيبة ووقار فبعد التسليم أقسمت بالله أن يخبرني من هو؟ فقال : أنا الخضر وقد كنت عند الشيخ عبد القادر وهو سيد العارفين في الوقت فقال لي : يا أبا العباس إن رجلاً أصابه جذبة إلهية ونودي من فوق السماء مرحباً بك عبدي وعاهد الله على أن يسلم نفسه إلى شيخ فائتني به ثم قال لي الخضر : فعليك بملازمته ثم وجدت نفسي ببغداد فلقيت الشيخ عبد القادر فقال لي مرحباً بمن جذبه مولاه بألسنة الطير وجمع له كثيراً من الخير وبالجملة فالتسبيح غير ممتنع من الجمادات بل هو كائن من الكائنات لا ينكره إلا منكر خوارق العادات (درفتوحات مذكوراست كه اكر مراد ازين تسبيح آنست كه ايشان بلسان الحال كويند س درايراد ولكن لا تفقهون تسبيحهم فائده نباشد) يعني أن قوله ولكن الخ يحقق أن المراد هو حقيقة التسبيح لا الدلالة
١٦٤
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٦٢
على وحدانيته فالخطاب عند أهل الحقيقة في قوله : لا تفقهون عام للمسلمين والمشركين أي : لا تسمعون فلا تفقهون تسبيحهم لأنه ليس المقصود سماع اللفظ مجرداً بل التدبر فيه ليدرك ما أدى اللافظ فيسبح كما سبحه.
قال في "الكواشي" :﴿وَلَـاكِن لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ لأنه ليس بلغتكم ويجوز أن يفهم تعالى بعض عباده تسبيح بعض الجمادات والعجماوات كداود وسليمان عليهما السلام.
يقول الفقير : هذا التعليل غير مناسب لعموم الآية لأن لغات ماله أصوات مختلفة لا تفقه وإن كانت مسموعة ومن الأشياء ما ليس له صوت مسموع وقد أثبت له أيضاً تسبيح فافقه (سلمى از ابو عثمان مغربي قدس سرهما نقل ميكندكه تمام مكونات باختلاف لغات تسبيح الهي ميكويند اما آنرانشنود وفهم نكند مكر عالم رباني كه كوش دل او كشاده بود) ونعم ما قال :
بذكرش هره بيني درخروشت
دلى داند درين معنى كه كوشست
نه بلبل بركلش تسبيح خوانست
كه هر خارى بتسبيحش زبانست