﴿انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الامْثَالَ﴾ أي : مثلوك بالشاعر والساحر والمجنون.
قال الكاشفي :(بزدند براى تو مثلها وترا توصيف كردند بمجنون وساحر وكاهن وشاعر) ﴿فُضِّلُوا﴾ في جميع ذلك عن منهاج المحاجة ﴿فَلا يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلا﴾ إلى طعن يمكن أن يقبله أحد فيتهافتون ويخطون كالمتحير في أمر لا يدري ما يصنع ويأتون بما لا يرتاب في بطلانه أحد أو فضلوا عن الحق والرشاد فلا يستطيعون سبيلاً إليه لأنهم بالغوا في الضلالة والإنكار وكانوا مستمعين بالهوى فيستمعون الأساطير والسحر والشعر ولو استمعوا بالله لاستمعوا كلام الله وصفاته ولانحراف مزاجهم وحصول المرض في قلوبهم كانوا يتنفرون عند استماع ذكر الواحد الأحد بالوحدانية والوحدة ولا يجدون حلاوة التوحد بل يجدون منه المرارة لسوء المزاج.
ومن هذا القبيل إكباب أهل الهوى في كل عصر على استماع القصص والأساطير معرضين عن كلام الله الملك العلي الكبير بل وأكثرهم لا يريد إلا المحادثة الدنيوية والمذاكرة العرفية والتعدي إلى أعراض الناس والاتباع إلى ما يوسوس به الوسواس الخناس والقدح في شأن أهل الحق الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.
وقد ورد في التوراة أنه تعالى قال : يا عبدي أما تستحيى مني إذا يأتيك كتاب من بعض إخوانك وأنت في الطريق تمشي فتعدل عن الطريق وتقعد لأجله وتقرأه وتتدبره حرفاً حرفاً حتى لا يفوتك منه شيء وهذا كتابي أنزلته إليك انظره كم فصلت لك فيه من القول وكم كررت فيه عليك لتتأمل طوله وعرضه ثم أنت معرض عنه أو كنت أهون عليك من بعض إخوانك.
يا عبدي إليك بعض إخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغى إلى حديثه بكل قلبك فإن تكلم متكلم أو شغلك شاغل في حديثه أومأت إليه إن كف وها أنا إذن مقبل عليك ومحدث لك وأنت معرض بقلبك عني أفجعلتني أهون عندك من بعض إخوانك كذا في "الإحياء".
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٦٢
هركه تعظيم حق كند دائم
شود از دل بامراو قائم
﴿وَقَالُوا﴾ أي : الكفرة المنكرون للبعث من أهل مكة نسوا بداية خلقهم أنهم خلقوا من تراب بل أنهم خلقوا من لا شيء كقوله تعالى :﴿خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْـاًا﴾ (مريم : ٩) فقالوا على سبيل الإنكار والاستبعاد ﴿أَءِذَا كُنَّا﴾ (آيا آنهنكام كه شويم ما بعد ازمرك بمرور زمان) ﴿عِظَـامًا﴾ ﴿عِظَـامًا﴾ (استخوانها) ﴿وَرُفَـاتًا﴾ هو ما بولغ في دقه وتفتيته ﴿أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ (آيابر انكيخته شد كان شويم) ﴿خَلْقًا جَدِيدًا﴾ نصب على المصدر من غير لفظه أو على الحالية على أن الخلق بمعنى المخلوق.
قوله إذا متمحضة للظرفية وهو الأظهر والعامل فيها ما دل عليه مبعوثون لا نفسه لأن ما بعد أن والهمزة واللام لا يعمل فيما قبلها وهو نبعث أو نعاد وهو المرجع للإنكار أي : حياتنا بعد الموت محال منكر لما بين غضاضة الحي ويبوسة الرميم من التنافي وتقييده بالوقت المذكور ليس لتخصيصه به فإنهم منكرون للاحياء بعد الموت وإن كان البدن على حاله بل لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه إليه في حالة منافية له.
﴿قُلْ﴾ جواباً لهم ﴿كُونُوا حِجَارَةً﴾
١٦٩
(سنك) ﴿أَوْ حَدِيدًا﴾ (يا آهن).
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٦٢