﴿أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِى صُدُورِكُمْ﴾ يعظم عندكم من قبول الحياة لكونه أبعد شيء منها فإنكم مبعوثون ومعادون لا محالة أي : فإن قدرته تعالى لا تقصر عن إحيائكم لاشتراك الأجسام في قبول الأعراض فكيف إذا كنتم عظاماً مرفوتة وقد كانت غضة موصوفة بالحياة قبل والشيء أقبل لما عهد فيه مما لم يعهد والأمر وارد على التمثيل يعني في المثل (كرديد بتن خود سنك يا آهن) كما في تفسير الكاشفي.
وقال في "الكواشي" هو أمر تعجيز وتوبيخ لا أمر الزام.
وقال في "بحر العلوم" ليس الأمر ههنا على حقيقته بل على المجاز لأن المقصود إهانتهم وقلة المبالاة بهم لا طلب كونهم حجارة أو حديداً لعدم قدرتهم على ذلك وما يكبر في صدورهم السموات والجبال.
والجمهور على أنه الموت إذ ليس في النفس شيء أكبر من الموت أي : لو كنتم الموت بعينه لأميتكم ولأبعثكم ﴿فَسَيَقُولُونَ﴾ (س زود باشدكه كويند) ﴿مِنْ﴾ (كيست كه) ﴿يُعِيدُنَا﴾ يبعثنا بعد الموت.
يعني (زنده سازد مارا س ازمرك) وقد نسوا مبدئهم فلزمهم نسيان معيدهم ﴿قُلِ الَّذِى فَطَرَكُمْ﴾ أي : يعيدكم القادر العظيم الذي اخترعكم وأنشأكم ﴿أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ من غير مثال وكنتم تراباً ما شم رائحة الحياة فهو المبدىء والمعيد.
يعني :(س آنكه خاك را تواندجان داد در بدايت هم خاك را زنده تواند ساخت در نهايت) ﴿فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ﴾ انغض حرك أي : سيحرّكونها نحوك تعجباً وإنكاراً ﴿وَيَقُولُونَ﴾ استهزاء ﴿مَتَى هُوَ﴾ أي : ما ذكرت من الإعادة فهو سؤال عن وقت البعث بعد تعيين الباعث ﴿قُلْ﴾ لهم ﴿عَسَى أَن يَكُونَ﴾ ذلك ﴿قَرِيبًا﴾ فإن كل آت قريب أو لأنه مضى أكثر الزمان وبقي أقله.
قال في "بحر العلوم" أي : هو قريب لأن عسى في الأصل للطمع والإشفاق من الله تعالى واجب يعني أنه قرب وقته فقد قرب ما يكون فيه من الحساب والعقاب.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٦٢
﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ﴾ من الأجداث كما دعاكم من العدم ﴿فَتَسْتَجِيبُونَ﴾ منها استجابة الأحياء أي : اذكروا يوم يبعثكم فتنبعثون وقد استعير لهما الدعاء والإجابة إيذاناً بكمال سهولة التأتي.
وقال أبو حيان والظاهر أن الدعاء حقيقة أي : يدعوكم بالنداء الذي يسمعكم وهو النفخة الأخيرة كما قال :﴿يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ﴾ (ق : ٤١) ومعنى فتستجيبون توافقون الداعي فيما دعاكم إليه كما قال الكاشفي :(بخواند شمارا اسرافيل در نفخه اخيره بجهت قيام ازقبور س شما اجابت كنيد اسرافيل را).
وقال بعضهم : المقصود منها الإحضار للمحاسبة والجزاء.
يقول الفقير : لا يخفى أن الدعوى متعددة فدعاء البعث والنشر ودعاء الحشر كما قال تعالى :﴿مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ﴾ (القمر : ٨) أي : مسرعين ودعاء الكتاب كما قال تعالى :﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةًا كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَـابِهَا الْيَوْمَ﴾ (الجاثية : ٢٨) والمراد في هذا المقام هو الدعوة الأولى لأن الكلام في البعث ﴿بِحَمْدِهِ﴾ حال من فاعل تستجيبون أي : حامدينتعالى على قدرته على البعث كما قال سعيد بن جبير أنهم ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون : سبحانك اللهم وبحمدك فيقدسونه ويحمدونه حين لا ينفعهم ذلك.
وفي "الكواشي" "بحمده" أي : بإرادته وأمره كما قال الكاشفي :(در تفسير بصائر حمدرا بمعنى أمر داشت نانه درآيت فسبح بحمد ربك أي : صل بأمره س معنى آيت نين بودكه خداى شمارا بخواند بامر او واجابت كنيد اورا) ﴿وَتَظُنُّونَ﴾
١٧٠
عندما تروه من الأمور الهائلة ﴿إِن لَّبِثْتُمْ﴾ أي : ما لبثتم في القبور أو في الدنيا ﴿إِلا قَلِيلا﴾ بالنسبة إلى لبثكم بعد الإحياء إلى الأبد.
فإن قيل : كل أحد يستقصر مدة حياته في الدنيا ولو عمر أطول الأعمار.
قلنا ذلك الاستقصار مع العلم بمدة العمر لطويل أمله وفي القيامة يذهل عن تلك المدة لشدة الهول.
قال الكاشفي :(يعني زندكى خودرا دردنيا اندك شمريد نسبت بآن س بايدكه خردمند آكاه نيز حياة دنيارا درجنب زندكى عقبى اندك شمرد واين اندك فانى را دركار آن بسيار باقى صرف كند تادران يوز بعذا بحسرت وندامت درنماند).
قال الشيخ سعدي قدس سره :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٦٢
بديني توانى كه عقبى خرى
بخرجان من ورنه حسرت خورى
كسى كوى دولت زدنيا ببرد
كه باخود نصيبي بعقبى ببرد
فلا بد من الاستعداد ليوم القيامة بالأعمال الصالحة والاجتناب عن المعاصي فإنه عما قريب يصير العلم عيناً.