واعلم أنك إذا مت فقد قامت قيامتك لأن الإنسان إذا مات فقد عاين أمر القيامة لأنه يرى الجنة والنار والملائكة ولا يقدر على عمل من الأعمال فصار بمنزلة من حضر يوم القيامة فختم على عمله بالموت فيقوم يوم القيامة على ما مات عليه فطوبى لمن كان خاتمته بخير.
قال أبو بكر الواسطي ـ رحمه الله ـ : الدولة ثلاث دولة في الحياة وهي أن يعيش في طاعة الله تعالى، ودولة عند الموت وهي أن تخرج روحه بشهادة أن لا إله إلا الله، ودولة يوم القيامة وهو أن يأتيه البشير بالجنة حين يخرج من قبره ولا ريب في أن العاصي ومنكر البعث يأتيه النذير بالنار فلا بد من الطاعة والإقرار فإن الله تعالى يحيي الأرض بعد موتها وهو دليل على النشور، وفي "المثنوي" :
خاك را ونطفه را ومضغه را
يش شم ما همى دارد خدا
كز كجا آوردمت اي بدنيت
كه ازان آيد همني خفريقيت
توبدان عاشق بدى در دور آن
منكر اين فضل يودى آن زمان
اين كرم ون دفع آن انكارتست
كه ميان خاك مى كردى نخست
حجت انكار شد انشار تو
از دوابدتر ترشد اين بيمارتو
خاك را تصوير اين كار از كجا
نطفه را خصمى وانكار از كجا
ون دران دم بى دل وبى سربدى
فكرت وانكار را منكر بدى
از جمادى ونكه انكارت برست
هم ازين انكار حشرت شد درست
س مثال تووآن حلفه زنيست
كزدرونش خواجه كوبد خواجه نيست
حلقه زن زين نيست دريابدكه هست
س ز خلقه بر تدارد هي دست
س هم انكارت مبين ميكند
كز جماد او جشر صدفن ميكند
﴿وَقُلْ﴾ يا محمد ﴿لِّعِبَادِىَ﴾ أي : المؤمنين ﴿يَقُولُوا﴾ أي : للمشركين عند محاورتهم معهم بني على حذف النون لما كان بمعنى الأمر كما بني الاسم المتمكن في النداء في قولك يا زيد على الضمة لما أشبه قبل وبعد ﴿الَّتِى﴾ أي : الكلمة التي ﴿هِىَ أَحْسَنُ﴾ ولا يخاشنوهم كقوله تعالى :﴿وَلا تُجَـادِلُوا أَهْلَ الْكِتَـابِ إِلا بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ﴾ (العنكبوت : ٤٦).
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٦٢
قال في "التأويلات النجمية" : فيه إشارة
١٧١
إلى أن اختصاص بعض العباد بتشريف الإضافة إلى نفسه يؤدي إلى تأثير نظر العناية فيهم فيخرج منهم القول الأحسن والفعل الأحسن والخلق الأحسن.
أما القول الأحسن فهو الدعاء إلى الله بلا إله إلا الله مخلصاً.
وأما الفعل الأحسن فهو ما كان على قانون الشريعة وآداب الطريقة متوجهاً إلى عالم الحقيقة.
وأما الخلق الأحسن فهو مع الله بأن يسلم وجههمحسناً في طلبه ومع الخلق بأن يحسن إليهم بلا طمع في الإحسان والشكر منهم ويتجاوز عن إساءتهم إليه ويعيش فيهم بالنصيحة يأمرهم بالمعروف بلا عنف وينهاهم عن المنكر بلا فضيحة ﴿إِنَّ الشَّيْطَـانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ﴾ يقال : نزغ بينهم أفسد وأغرى ووسوس أي : يفسد ويهيج الشر والمراء بينهم فلعل المخاشنة بهم تفضي إلى العناد وازدياد الفساد.
وفي "التأويلات ﴿إِنَّ الشَّيْطَـانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ﴾ إذا لم يعيشوا بالنصيحة فينبغي لعقلاء كل زمان أن يكونوا في باب النصيحة مثل الأصحاب رضي الله عنهم بحيث أن حالهم ومعاملتهم مع أهالي زمانهم لا يتفاوت على حالهم لو كانوا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلّم ﴿إِنَّ الشَّيْطَـانَ كَانَ﴾ قدماً ﴿لِلانسَـانِ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾ ظاهر العداوة لا يزيد صلاحهم أصلاً بل يريد هلاكهم وقد أبان عداوته لهم إذ أخرج أباهم من الجنة ونزع عنه لباس النور.
﴿رَبُّكُمْ﴾ أيها المشركون ﴿أَعْلَمُ بِكُمْ﴾ منا ﴿إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ﴾ بالتوفيق للإيمان ﴿إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ﴾ بالإماتة على الكفر فهو تفسير للتي هي أحسن وما بينهما اعتراض أي : قولوا لهم هذه الكلمة وما يشاكلها ولا تصرحوا بأنهم من أهل النار فإنه مما يهيجهم على الشر مع أن العاقبة مما لا يعلمه إلا الله فعسى يهديهم إلى الإيمان هذا ما ذهب إليه صاحب الكشاف وتبعه البيضاوي وأبو السعود رحمهما الله.
وقال الجمهور : المراد بالتي هي أحسن هي المحاورة الحسنة بحسب المعنى والرحمة الإنجاء من كفار مكة وأذاهم والتعذيب تسليطهم عليهم فيكون الخطاب في ربكم للمؤمنين.
وفي "التأويلات" : هو أعلم بمن جعله منكم مظهر صفة لطفه ورحمته فيرحمه ويخلصه من إضلال الشيطان وإغوائه وبمن جعله منكم مظهر صفة قهره وعذابه فيعذبه بإضلاله وإغوائه ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَـاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلا﴾ موكولاً إليك يا محمد أمورهم ومفوضاً تجبرهم على الإيمان كما قال :﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الامْرِ شَىْءٌ﴾ (آل عمران : ١٢٨) وإنما أرسلناك بشيراً ونذيراً فدارهم ومر أصحابك بالمداراة والاحتمال وترك المخاصمة وعنه عليه السلام :"إن الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض"، حافظ :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٦٢
اسايشى دوكيتى تفسير اين دوحرفست
بادوستان تلطف بادشمنان مدارا


الصفحة التالية
Icon