تصاب في بدنك خير من أن تصاب في قلبك ولعدو ترجع به إلى مولاك خير من حبيب يشغلك عن مولاك وكل بلاء سوط من سياط الله تعالى يسوق إلى حقيقة التوحيد ويقطع أسباب العلاقات فهو لذة في صورة الم، قال الحافظ :
بدرد وصاف تراحكم نيست دم دركش
كه هره ساقىء ما كرد عين الطافست
واعلم أن النبي عليه السلام لم يتحرك لا في ظاهره ولا في باطنه إلا بتحريك الله تعالى فإلقاء أهل الفتنة لا يؤثر في باطنه المنور بفكر ما وميل لكن الله تعالى أشار إلى لزوم التحفظ والاحتياط في جميع الأمور فإن للإنسان أعداء ظاهرة وباطنة والصابر لا يرى إلا خيراً وهو زوال الابتلاء وهلاك الأعداء كما قال تعالى :﴿وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلَـافَكَ إِلا قَلِيلا﴾ وفي الحديث القدسي :"من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة" أي : من أغضب وآذى واحداً من أوليائي وهو المتقون حقيقة التقوى فقد بارزني بالمحاربة لأن الولي ينصر الله فيكون الله ناصره فمن عادى من كان الله ناصره فقد برز لمحاربة الله وظهر.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٩٠
﴿أَقِمِ الصَّلَواةَ﴾ أدمها ﴿لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ أي : وقت زوالها أو غروبها يقال : دلكت الشمس دلوكاً غربت أو اصفرت ومالت أو زالت عن كبد السماء كما في "القاموس".
﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ﴾ إلى ظلمته وهو وقت صلاة العشاء الأخيرة والغاسق الليل إذا غاب الشفق والمراد إقامة كل صلاة في وقتها المعين لا إقامتها فيما بين الوقتين على الاستمرار ﴿وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ﴾ أي : صلاة الفجر بالنصب عطفاً على مفعول أقم أو على الإغراء أي : الزم وسميت قرآناً لأنه ركنها كما تسمى ركوعاً وسجوداً فالآية تدل على تفسير الدلوك بالزوال جامعة للصلوات الخمس ﴿إِنَّ قُرْءَانَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ يشهده ويحضره ملائكة الليل وملائكة النهار ينزل هؤلاء ويصعد هؤلاء فهو في آخر ديوان الليل وأول ديوان النهار.
يعني :(فرشتكان شب اورا مشاهده ميكنند ودر آخر ديوان أَمال شب ثبت مى نمايند وملائكة روز اورا مى بينند وافتتاح أعمال روز ثبت ميكنند) وفي وقت الصباح أيضاً شواهد القدرة على تبدل الظلمة بالضياء والنوم الذي هو أخو الموت بالانتباه.
﴿وَمِنَ الَّيْلِ﴾ نصب على الظرفية أي : قم بعض الليل ﴿فَتَهَجَّدْ بِهِ﴾ أي : أزل والق الهجود وهو النوم فإن صيغة التفعل تجيىء للإزالة نحو تأثم أي : جانب الإثم وأزاله وبكون التهجد نوماً من الاضداد والضمير المجرور للقرآن من حيث هو لا بقيد إضافته إلى الفجر أو للبعض المفهوم من قوله ﴿وَمِنَ الَّيْلِ﴾ أي : تهجد في ذلك البعض على أن الباء بمعنى في ﴿نَافِلَةً لَّكَ﴾ النفل في الأصل بمعنى الزيادة أي : فريضة زائدة على الصلوات الخمس المفروضة خاصة بك دون الأمة كما روت عائشة رضي الله عنها "ثلاث علي فريضة وهي سنة لكم الوتر والسواك وقيام الليل" أو تطوعاً لزيادة الدرجات بخلاف تطوع الأمة فإنه لتكفير الذنوب وتدارك الخلل الواقع في فرائضهم كما قال قتادة ومجاهد أن الوجوب قد نسخ في حقه عليه السلام كما نسخ في حق الأمة فصارت الأمور المذكورة نافلة لأن الله تعالى قال :﴿نَافِلَةً لَّكَ﴾ ولم يقل عليك وانتصاب نافلة على المصدرية بتقدير تنفل ﴿عَسَى﴾ في اللغة للطمع والطمع والاشفاق من الله كالواجب.
قال الكاشفي :
١٩١
(شايد والبته نين بود) ﴿أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ﴾ من القبر فيقيمك ﴿مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾ عندك وعند جميع الناس وهو مقام الشفاعة العامة لأهل المحشر يغبطه به الأولون والآخرون لأن كل من قصد من الأنبياء للشفاعة يحيد عنها ويحيل على غيره حتى يأتوا محمداً للشفاعة فيقول : أنا لها ثم يشفع فيشفع فيمن كان من أهلها (صاحب فتوحات آورده كه مقام محمود مقاميست مرجع جميع مقامات ومنظر تمام أسماء الهية وآن خاصه حضرت محمد است وباب شفاعت درين مقام كشاده ميشود).
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٩٠
اي ذات تودردو كون مقصود وجود
نام تو محمد ومقامت محمود


الصفحة التالية
Icon