قال في "الكواشي" : اختلفوا في الروح وماهيته ولم يأت أحد منهم على دعواه بدليل قطعي غير أنه شيء بمفارقته يموت الإنسان وبملازمته له يبقى انتهى.
يقول الفقير : الروح سلطاني وحيواني والأول من عالم الأمر ويقال له المفارق أيضاً لمفارقته عن البدن وتعلقه به تعلق التدبير والتصرف وهو لا يفنى بخراب هذا البدن وإنما يفنى تصرفه في أعضاء البدن ومحل تعينه هو القلب الصنوبري والقلب من عالم الملكوت والثاني من عالم الخلق ويقال له : القلب والعقل والنفس أيضاً وهو سار في جميع أعضاء البدن إلا أن سلطانه قوي في الدم فهو أقوى مظاهره ومحل تعينه هو الدماغ وهو إنما حدث بعد تعلق الروح السلطاني بهذا الهيكل المحسوس فهو من انعكاس أنوار الروح السلطاني وهو مبدأ الأفعال والحركات فإن الحياة أمر مغيب مستور في الحي لا يعلم إلا بآثاره كالحس والحركة والعلم والإرادة وغيرها ولولا هذا الروح ما صدر من الإنسان ما صدر من الآثار المختلفة لأنه بمنزلة الصفة من الذات فكما أن الأفعال الإلهية تبتني على اجتماع الذات بالصفة كذلك الأفعال الإنسانية تتفرع من اجتماع الروح السلطاني بالروح الحيواني وكما أن الصفات الإلهية الكمالية كانت في باطن غيب الذات الأحدية قبل وجود هذه الأفعال والآثار كذلك هذا الروح الحيواني كان بالقوة في باطن الروح السلطاني قبل تعلقه بهذا البدن فإذا عرفت هذا وقفت على معنى قوله عليه السلام :"أولياء الله لا يموتون بل ينقلون من دار إلى دار" لأن الانتقال كالانسلاخ حال الفناء التام.
وللروح خمسة أحوال :
حالة العدم : قال الله تعالى :﴿هَلْ أَتَى عَلَى الانسَـانِ﴾ (الإنسان : ١) الآية.
وحالة الوجود في عالم الأرواح قال الله تعالى :"خلقت الأرواح
١٩٧
قبل الأجساد بألفي سنة".
وحالة التعلق : قال :﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى﴾ (الحجر : ٢٩).
وحالة المفارقة : قال :﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآاـاِقَةُ الْمَوْتِ﴾ (آل عمران : ١٨٥).
وحالة الإعادة : قال :﴿سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا الاولَى﴾ (طه : ٢١).
أما فائدة حالة العدم فلحصول المعرفة بحدوث نفس وقدم صانعه.
وأما فائدة حالة الوجود في عالم الأرواح فلمعرفة الله بالصفات الذاتية من القادرية والحياتية والعالمية والموجودية والسميعية والبصرية والمتكلمية والمريدية.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٩٤
وأما فائدة تعلقه بالجسد فلاكتساب كمال المعرفة في عالم الغيب والشهادة من الجزئيات والكليات.
وأما فائدة نفخ الروح في البدن فلحصول المعرفة بالصفات الفعلية من الرزاقية والتوابية والغفارية والرحمانية والرحيمية والمنعمية والمحسنية والوهابية.
وأما فائدة حالة المفارقة فلدفع الخبائث التي حصلت للروح بصحبة الأجسام ولشرب الذوق في مقام العندية.
وأما فائدة حالة الإعادة فلحصول التنعمات الأخروية.