﴿وَلَـاـاِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ﴾ اللام الأولى موطئة للقسم المحذوف والثانية لام الجواب وهذا الجواب ساد مسد جوابي القسم والشرط والمعنى والله إن شئنا ذهبنا بالقرآن ومحوناه من المصاحف والصدور فلم نترك منه أثراً وبقيت كما كنت لا تدري ما الكتاب وهذا الكلام وارد على سبيل الفرض والمحال يصح فرضه لغرض فكيف ما ليس بمحال ﴿ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ﴾ بالقرآن أي : بعد ذهابه كما قال الكاشفي :(س نيابي تو براي خود بآن يعني نيابي بعد ازبردن آن) ﴿عَلَيْنَا وَكِيلا﴾ (وكيلي كه آنرا استرداد برما كند وبسينها ومصحفها باز آرد) وعلينا متعلق بوكيلاً.
﴿إِلا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ﴾ إلا أن يرحمك ربك فيرد عليك كأن رحمته تتوكل عليك بالرد فالاستثناء متصل.
وقال الكاشفي :(ليكن رحمتست از روردكار توكه آنرا باقي ميكذارد ومحو نمى كند) فالاستثناء منقطع.
وفي "الكواشي" إلا رحمة مفعول له أي : حفظناه عليك للرحمة ثم قال : وهذا خطاب له عليه السلام والمراد غيره ﴿إِنَّ فَضْلَه كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا﴾ بإرسالك وإنزال الكتاب عليك وإبقائه في حفظك.
قال الكاشفي :(بدرستى كه فضل اوست برتو بزرك كه تراسيد ولد آدم ساخته وختم يغمبران كردانيد ولواء حمد ومقام محمود بتوداد وقرآن بتو فرستاده درميان امت نوباقى ميكذارد ومحو نمى سازد).
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٩٤
﴿قُلْ﴾ للذين لا يعرفون جلالة قدر التنزيل بل يزعمون أنه من كلام البشر ﴿لَّـاـاِنِ اجْتَمَعَتِ الانسُ وَالْجِنُّ﴾ أي : اتفقوا ﴿عَلَى أَن يَأْتُوا﴾ (بيارند) ﴿بِمِثْلِ هَـاذَا الْقُرْءَانِ﴾ في البلاغة وكمال المعنى وحسن النظم والاخبار عن الغيب وفهم العرب العرباء وأرباب البيان وأهل التحقيق وتخصيص الثقلين بالذكر لأن التحدي معهما لا مع الملائكة إذ المنكر لكونه من عند الله منهما لا من غيرهما وإلا فلا يقدر على إتيان مثله إلا الله تعالى وحده.
وفي "عين الحياة" لفظ الجن يتناول الملائكة وكل من لم يدركه حس البصر لأنهم مستورون عن البصر يقال جن بترسه إذا ستر به ولذا قيل للترس المجن.
وفي "بحر العلوم" ذكر الإنس والجن دون الملائكة إشارة إلى أن من شأن الثقلين
٢٠٠
أن يجتمعوا على المحال بخلاف الملائكة إذ ليس من شأنهم ذلك ﴿لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ﴾ بكلام مماثل له في صفاته البديعة وهو جواب قسم محذوف دل عليه اللام الموطئة وساد مسد جزاء الشرط ولولاها لكان جواباً له بغير جزم لكون الشرط ماضياً.
قال في "التأويلات النجمية" : وإنما قال : لا يأتون بمثله لأنه ليس لكلام الله تعالى مثل إذ كلامه صفته وكما أنه ليس لذاته مثل فكذلك ليس لصفاته مثل لأنها قديمة قائمة بذاته تبارك وتعالى وصفات المخلوقات مخلوقة قابلة للتغيير والفناء ﴿وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ مظاهراً ومعاوناً في الإتيان بمثله أي : لم يكن بعضهم ظهيراً لبعض ولو كان إلخ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٩٤
﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا﴾ أي : بالله قد رددناه وكررناه بوجوه مختلفة توجب زيادة تقرير وبيان ووكادة رسوخ واطمئنان ﴿لِلنَّاسِ فِى هَـاذَا الْقُرْءَانِ﴾ المنعوت بالنعوت الفاضلة ﴿مِن كُلِّ مَثَلٍ﴾ من كل معنى بديع هو كالمثل في الغرابة والحسن واستجلاب النفس ليتلقوه بالقبول ﴿فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا﴾ جحوداً وإنكاراً للحق وإنما جاز الاستثناء من الموجب مع أنه لا يصح ضربت إلا زيداً لأنه متأول بالنفي مثل لم يرد ولم يرض وما قيل وما اختار.
وفي الآية فوائد :
منها : أن القرآن العظيم أجل النعم وأعظمها فوجب على كل عالم وحافظ أن يقوم بشكره ويحافظ على أداء حقوقه قبل أن يخرج الأمر من يده.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه : إن أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما تفقدون الصلاة وليصلين قوم ولا دين لهم وإن هذا القرآن تصبحون يوماً وما فيكم منه شيء فقال رجل : كيف ذلك وقد أثبتناه في قلوبنا وأثبتناه في مصاحفنا نعلم أبناءنا ويعلم أبناؤنا أبناءهم فقال يسري عليه ليلاً فيصبح الناس منه فقراء ترفع المصاحف وينزع ما في القلوب.
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن من حيث نزل له دوي حول العرش كدوي النحل فيقول الرب تعالى : مالك؟ فيقول : يا رب أتلى ولا يعمل بي أتلى ولا يعمل بي وفي الحديث :"ثلاثة هم الغرباء في الدنيا القرآن في جوف الظالم والرجل الصالح في قوم سوء والمصحف في بيت لا يقرأ منه"، قال الشيخ سعدي :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠١
علم ندانكه بيشتر خواني
ون عمل نيست ناداني
نه محقق بود نه دانشمند
ار ايى برو كتاب ند
آن تهى مغزراه علم وخبر
كه برو هيزمست ويا دفتر
وقال :
عالم اندرميان جاهل را
مثلى كفته اند صديقان
شاهدي درميان كورانست
مصحفي درسيان زنديقان


الصفحة التالية
Icon