يأتيك قد غلب عليك وكانوا يسمون التابع من الجن الرئيّ بذلنا أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه أو نعذر فيك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "ما بي ما تقولون ما جئتكم بما جئتكم به لطلب أموالكم ولا للشرف فيكم ولا للملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولاً وأنزل عليّ كتاباً وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً فبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم" قالوا : يا محمد فإن كنت غير قابل منا ما عرضنا فقد علمت أنه ليس من الناس أحد أضيق بلاداً ولا أقل مالاً ولا أشد عيشاً منا فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك فليسر عنّا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا أو يبسط لنا بلادنا وليجر فيها أنهاراً كأنهار الشام والعراق وليبعث لنا ما مضى من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصي بن كلاب فإنه كان شيخاً صدوقاً فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل فإن صنعت ما سألناك صدقناك وعرفنا به منزلتك عند الله وأنه بعثك رسولاً كما تقول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "ما بهذا بعثت إنما جئتكم من عند الله بما بعثني به فقد بلغتكم ما أرسلت به فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه أصبر لأمر الله" قالوا : فإن لم تفعل هذا فسل ربك أن يبعث ملكاً يصدقك وسله أن يجعل لك جنات وكنوزاً وقصوراً من ذهب وفضة ويغنيك بها عما سواك فإنك تقوم في الأسواق وتلتمس المعاش فقال عليه السلام :"ما أنا بالذي يسأل ربه هذا وما بعثت إليكم بهذا ولكن الله بعثني بشيراً ونذيراً" قالوا : سله أن يسقط علينا السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل فقال عليه السلام :"ذلك إلى الله تعالى إن شاء فعل" وقال قائل منهم : لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلاً وقام عبد الله ابن أبي أمية بن المغيرة المخزومي وهو ابن عاتكة بنت عبد المطلب ابن عمة النبي عليه السلام ثم أسلم بعد وحسن إسلامه فقال : لا أومن بك أبداً حتى تتخذ إلى السماء سلماً وترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتينا وتأتي بنسخة منشورة معك ونفر من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى أهله حزيناً لما فاته من متابعة قومه لما رأى من مباعدتهم عنه فأنزل الله تعالى.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠١
﴿وَقَالُوا﴾ أي : مشركوا مكة ورؤساؤهم ﴿لَن نُّؤْمِنَ لَكَ﴾ لن نعترف لك يا محمد بنبوتك ورسالتك ﴿حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا﴾ (تا وقتى كه روان سازى براى ماء) ﴿مِّنَ الأرْضِ﴾ أرض مكة ﴿يَنابُوعًا﴾ (شمه ر آب هركز كم نكردد) فالينبوع العين الكثيرة الماء ينبع ماؤها ولا يغور ولا ينقطع.
﴿أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ﴾ بستان يستر أشجاره ما تحتها من العرصة ﴿مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ﴾ (از درختان خرما وانكور يعني مشتمل بران درختان) وهما اسم جمع لنخلة وعنبة ﴿فَتُفَجِّرَ الانْهَـارَ﴾ أي : تجريها بقوة ﴿خِلَـالَهَآ﴾ (درميان آن بستانها) قال في "القاموس" خلال الدار ما حوالي جدورها وما بين بيوتها وخلال السحاب مخارج الماء ﴿تَفْجِيرًا﴾ كثيراً والمراد إما إجراء الأنهار خلالها عند سقيها أو إدامة إجرائها كما ينبىء عنه الفاء لا ابتداؤه.
﴿أَوْ تُسْقِطَ السَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا﴾ جمع كسفة كقطع وقطعة لفظاً ومعنى حال من السماء والكاف في كما في محل النصب على أنه صفة مصدر محذوف أي : إسقاطاً مماثلاً لما زعمت يعنون بذلك قوله تعالى :﴿أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَآءِ﴾ ﴿أَوْ تَأْتِىَ﴾ (يابيارى)
٢٠٣
﴿بِاللَّهِ وَالْمَلَائكَةِ قَبِيلا﴾ مقابلاً كالعشير والمعاشر كما قال الكاشفي :(در مقابله يعني عيان نمايى انتهى) أو كفيلاً يشهد بصحة ما تدعيه وهو حال من الجلالة وحال الملائكة محذوفة لدلالتها عليها أي : والملائكة قبيلاً.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠١