﴿أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ﴾ من ذهب وأصله الزينة.
قال الكاشفي (خانه از زركه در انجا بنشيني واز درويشي يا زرهى) ﴿أَوْ تَرْقَى﴾ تصعد ﴿فِى السَّمَآءِ﴾ في معارجها فحذف المضاف يقال رقي في السلم وفي الدرجة كرضى رقياً أي : صعد وعلا صعوداً وعلواً ﴿وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ﴾ أي : لأجل رقيك فيها وحده أي : صعودك فاللام للتعليل أو لن نصدق رقيك فيها فاللام صلة ﴿حَتَّى تُنَزِّلَ﴾ منها ﴿عَلَيْنَا كِتَـابًا﴾ فيه تصديقك ﴿نَّقْرَؤُهُ﴾ نحن من غير أن يتلقى من قبلك وكانوا يقصدون بمثل هذه الإقتراحات اللج والعناد ولو كان مرادهم الاسترشاد لكفاهم ما شاهدوا من المعجزات ﴿قُلْ﴾ تعجباً من شدة شكيمتهم واقتراحهم وتنزيهاً لساحة السبحان ﴿سُبْحَانَ رَبِّى﴾ (اكست روردكار من از آنكه بروى تحكم كند كسى يا شريك أو شود در قدرت) ﴿هَلْ كُنتُ﴾ (آيا هست من) ﴿اِلا بَشَرًا﴾ لا ملكاً حتى يتصور مني الترقي في السماء ونحوه ﴿رَسُولا﴾ مأموراً من قبل ربي بتبليغ الرسالة من غير أن يكون لي خيرة في الأمر كسائر الرسل وكانوا لا يأتون قومهم إلا بما يظهره الله على أيديهم حسبما يلائم حال قومهم ولم تكن الآيات إليهم ولا لهم أن يتحكموا على الله بشيء منها وقوله بشراً خبر كنت ورسولاً صفته وفيه إشارة إلى أنهم أرباب الحس الحيواني يطلبون الإعجاز من ظاهر المحسوسات مالهم بصيرة يبصرون بها شواهد الحق ودلائل النبوة وإعجاز عالم المعاني بالولاية الروحانية والقوة الربانية فيطلبون فيه تزكية النفوس وتصفية القلوب وتحلية الأرواح وتفجير ينابيع الحكمة من أرض القلوب لينبت منها تخيل المشاهدات وأعناب المكاشفات في جنات المواصلات.
فعلى السالك الصادق أن يطلب الوصول إلى عالم المعنى فإنه هو المطلب الأعلى ولن يصل إليه إلا بقدمي العلم والعمل والرجوع إلى حالة التراب بالتواضع قال عيسى عليه السلام : أين تنبت الحبة؟ قالوا : في الأرض فقال عيسى : كذلك الحكمة لا تنبت إلا في قلب مثل الأرض يشير إلى التواضع ورفع الكبر وإلى هذا الإشارة بقول سيد البشر صلى الله عليه وسلّم "ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه" والينابيع لا تكون إلا في الأرض وهو موضع نبع الماء وهذا المقام إنما يحصل بترك الرياسة وهو بمعرفة النفس وعبوديتها فلا يجتمع العبودية والرياسة أبداً فإن واحداً لا يصير سلطاناً ورعية معاً وإلى هذا يشير المولى الجامي بقوله :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠١
بالباس فقر بايد خلعت شاهى درست
زشت باشد جامه نيمى اطلس ونيمى لاس
فانظر في هذه الآيات إلى سوء أدب المشركين بالاقتراحات المنقولة عنهم وإلى كمال الأدب المحمدي والفناء الأحمدي وترك الاعتراض.
ـ حكي ـ أن ليلى لما كسرت إناء قيس المجنون رقص ثلاثة أيام من الشوق فقيل : أيها المجنون كنت تظن أن ليلى تحبك فقد كسرت إناءك فضلاً عن المحبة فقال : إنما المجنون من لم يتفطن لهذا السر يعني : أن كسر الوعاء عبارة عن الإفناء فالطالب لا يصل إلى مقصوده إلا بعد إفناء وجوده.
خمير مايه هرنيك وبدتويى جامى
خلاص ازهمه مى بابدت زخود بكريز
٢٠٤
فالعاقل يسعى في إفناء الوجود واستجلاب الشهود ويجهد في تطهير القلب عن الإدناس ولا يأنس بشيء سوى ذكر رب الناس.
وقال الإمام الغزالي رحمه الله : لا يبقى مع العبد عند الموت إلا ثلاث : صفات صفاء القلب أعني طهارته عن أدناس الدنيا وأنسه بذكر الله تعالى وحبهوصفاء القلب وطهارته لا يكون إلا بالمعرفة ولا تحصل المعرفة إلا بدوام الذكر والفكر وهذه الصفات الثلاث هي المنجيات.
﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ﴾ أي : قريشاً من ﴿أَن يُؤْمِنُوا﴾ بالقرآن وبالنبوة ﴿إِذْ جَآءَهُمُ الْهُدَى﴾ وقت مجيىء الوحي ظرف لمنع أو يؤمنوا ﴿إِلا أَن قَالُوا﴾ إلا قولهم ﴿أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا﴾ حال من ﴿رَسُولا﴾ منكرين أن يكون رسول الله من جنس البشر فالمانع هو الاعتقاد المستلزم لهذا القول.
﴿قُلْ﴾ جواباً لشبهتهم ﴿لَّوْ كَانَ﴾ لو وجد واستقر ﴿فِى الأرْضِ﴾ بدل البشر ﴿مَلَائكَةٌ يَمْشُونَ﴾ على أقدامهم كما يمشي الناس ولا يطيرون بأجنحتهم إلى السماء فيسمعوا من أهلها ويعلموا ما يجب علمه ﴿مُطْمَـاـاِنِّينَ﴾ ساكنين فيها قارين ﴿لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَآءِ مَلَكًا﴾ حال من ﴿رَسُولا﴾ ليبين لهم ما يحتاجون إليه من أمور الدنيا والدين لأن الجنس إلى الجنس يميل ولما كان سكان الأرض بشراً وجب أن يكون رسولهم بشراً ليمكن الإفادة والاستفادة وهم جهلوا أن التجانس يورث التوانس والتخالف يوجب التنافر.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠١
أو بشر فرمود وخودرا مثلكم
تا بجنس آيندوكم كر دندوكم
زانكه جنسيت عجائب جاذبيست
جاذب جنست هر جاطا البيست