وفي "التأويلات النجمية" : إذ جاءهم موسى بهذه الآيات هل رأوها واستدلوا بها وآمنوا كاهل الحق ممن جعلهم الله يهدون بأمره وكانوا بآياته يوقنون ﴿فَقَالَ لَه فِرْعَوْنُ﴾ قال في "الإرشاد" الفاء فصيحة أي : فأظهر عند فرعون ما آتيناه من الآيات البينات وبلغه ما أرسل به فقال له فرعون :﴿إِنِّى لاظُنُّكَ يا مُوسَى مَسْحُورًا﴾ سحرت فتخبط عقلك ولذا تتكلم بمثل هذه الكلمات الغير المعقولة وهذا يشبه قوله :﴿إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ﴾ (الشعراء : ٢٧) ويجوز أن يكون المسحور للنسبة بمعنى ذي السحر كما قال في "التأويلات النجمية" : لما كان فرعون من أهل الظن لا من أهل اليقين رآه بنظر الظن الكاذب ساحراً ورأى الآيات سحراً.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠٦
﴿قَالَ﴾ موسى ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ﴾ (بدرستي كه تو دانسته اي فرعون بدل خود اكره بزبان تلفظ نكنى).
وفي "التأويلات النجمية" : لو نظرت بنظر العقل لعلمت أنه ﴿مَآ أَنزَلَ هَؤُلاءِ﴾ يعني : الآيات التي أظهرها ﴿إِلا رَبُّ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ خالقهما ومدبهما ﴿بَصَآاـاِرَ﴾ حال من الآيات أي : بينات مكشوفات تبصرك صدقي ولكنك تعاند وتكابر.
وبالفارسية (آيتهاي روشن كه هريك دليلست برنبوت من).
وفي "التأويلات النجمية" : أي ترى بنور البصيرة والعقل انتهى.
قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر : العلم ليس جالباً للسعادة إلا من حيث طرده الجهل فلا تحجب بعلمك فإن فرعون علم نبوة موسى وإبليس علم حال آدم واليهود علموا نبوة محمد صلى الله عليه وسلّم وعلى إخوانه وحرموا التوفيق للإيمان فأشقاهم زماناً ذلك الاستيقان قال تعالى :﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ (النمل : ١٤) قال الكمال الخجندي :
در علم محققان جدل نيست
از علم مراد جز عمل نيست
وقال الحافظ :
نه من زبى عملى درجهان ملولم وبس
ملالت علما هم ز علم بي عملست
﴿وَإِنِّى لاظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا﴾ مصروفاً على الخير مطبوعاً على الشر من قولهم ما ثبرك عن هذا أي : ما صرفك أو هالكاً فإن الثبور الهلاك.
وفي "التأويلات النجمية" أي : بلا بصيرة وعقل والظن ظنان : ظن كاذب، وظن صادق، وكان ظن فرعون كاذباً وظن موسى صادقاً.
﴿فَأَرَادَ﴾ أي : فرعون من نتائج ظنه الكاذب ﴿أَن يَسْتَفِزَّهُم﴾ الاستفزاز الإزعاج.
والمعنى بالفارسية
٢٠٨
(برانكيزد ودور كند موسى وقوم او) ﴿مِّنَ الأرْضِ﴾ أي : أرض مصر أو من وجه الأرض بالقتل والاستئصال ﴿فَأَغْرَقْنَـاهُ﴾ أي : فرعون ﴿وَمَن مَّعَهُ﴾ من القبط ﴿جَمِيعًا﴾ ونجينا موسى وقومه من نتائج ظنه الصادق.
قال في "الإرشاد" : فعكسنا عليه مكره واستفززناه وقومه بالإغراق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠٨
﴿وَقُلْنَا مِنا بَعْدِهِ﴾ أي : من بعد إغراق فرعون ﴿لِّبَنِى إِسْرَاءِيلَ﴾ أولاد يعقوب ﴿اسْكُنُوا الارْضَ﴾ التي أراد أن يستفزكم منها وهي أرض مصر إن صح أنهم دخلوها بعده أو الأرض مطلقاً ﴿فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الاخِرَةِ﴾ يعني قيامة الساعة ﴿جِئْنَا بِكُمْ﴾ (بياريم شما وايشانرا بحشر كاه) ﴿لَفِيفًا﴾ (جماعتي آميخته باهم س حكم كنيم ميان شما) تمييز سعداء وأشقياء.
واللفيف الجماعات من قبائل شتى قد لف بعضها ببعض.
قال في "القاموس" :﴿جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا﴾ مجتمعين مختلطين من كل قبيلة انتهى.
وفي "التأويلات النجمية" : أي : يلتف الكافرون بالمؤمنين لعلهم ينجون بهم من العذاب فيخاطبون بقوله تعالى :﴿وَامْتَـازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ (يس : ٥٩) ولا ينفعهم التلفف بل يقال لهم :﴿فَرِيقٌ فِى الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِى السَّعِيرِ﴾ (الشورى : ٧) انتهى.
يقول الفقير : وذلك لأن التلفف الصوري والارتباط الظاهري لا ينفع الكفار والمنافقين إذ لم يجمع بينهم وبين المؤمنين الاعتقاد الخالص والعمل الصالح فكانوا كمن انكسرت سفينتهم فتعلق من لا يحسن السباحة بالسباح فتعلقه هذا لا ينفعه إذ البحر عميق والساحل بعيد فكم من سباح لا ينجو فكيف غيره، سعدي :
در آبى كه يدا نباشد كنار
غرور شناور نيايد بكار


الصفحة التالية
Icon