وفي الحديث "من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه" يعني : من أخره في الآخرة عمله السييء أو تفريطه في العمل الصالح لم ينفعه شرف النسب من جهة الدنيا ولم ينجبر به نقيصته فإن نسبه ينقطع هناك ألا ترى أن الغصن اليابس يقطع من الشجرة ليبوسته ورطوبة الباقي وغضارته إذ لا مناسبة بينه وبين الأغصان الغضة الطرية فهو وإن كان غصن تلك الشجرة متعلقاً بها منسوباً إليها لكنه ليبوسته حري بالقطع وإنما النسب المفيد هو نسبة التقوى ولذا قال عليه السلام :"كل تقي نقي آلي" وكل من لم يكن متصفاً بالتقوى والنقاوة فليس من آله كأبي لهب ونحوه وليس له طريق ينتهي إلى الله تعالى فيا حسرة قوم ظنوا الوصول مع تضييع الأصول وبذل النقد في الفضول وعرضت على بعض الأكابر عطية من الله تعالى بلا واسطة فقال : لا أقبلها إلا على يد محمد صلى الله عليه وسلّم يعني على الصراط السوي فجاءته من تم فقد ضوعفت فهذا شاهد بأن صحة الاتصال بالله إنما هي بصحة الاتصال بواسطة وهو الرسول صلى الله عليه وسلّم وأن الرسول وشريعته محك فتضرب المواهب والعطايا عليه فإن جاءت موافقة لما أمره قبلت وإلا ردت إذ يحتمل أن يكون ذلك من قبل الشيطان والنفس جاء ملبوساً بلباس الحق مزخرفاً فلا بد من التمييز وهو من أصعب الأمور فعليك أيها الأخ في الله بالثبات والوقار ولا يستفزك العدو حتى لا تقع في ورطة البوار، قال الحافظ :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠٨
در راه عشق وسوسه اهر من بسيست
هش دار وكوش دل بيام سروش كن
والله المنجي والموفق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠٨
﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَـاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ﴾ أي : وما أنزلنا القرآن إلا ملتبساً بالحق
٢٠٩
المقتضى لإنزاله وما نزل إلا ملتبساف بالحق الذي اشتمل عليه فالمراد بالحق في كل من الموضعين معنى يغاير الآخر فلا يرد أن الثاني تأكيد للأول.
قال الكاشفي :(درتبيان آمده كه با بمعنى على است ومراد ازحق محمد صلى الله عليه وسلّم يعني وعلى محمد نزل.
درمدارك آورده احمد ابن أبي كجواري كفت محمد بن سماك بيمارشد قاروزه أو بطبيب ترسا مى برديم مردى نيكو روى وخوشبوى وجامه اكيزه وشيده بما رسيد وصورت حال رسيد بوى كفتيم فرمودكه سبحان الله در مهم دوست خداى تعالى از دشمن خداى استعانت مى كنيد باز كرديد وباين سماك بكوييدكه دست خود برموضع وجع بنه وبكوى ﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَـاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ﴾ وازشم ما غائب شد باز كشتيم وقصه بعرض شيخ وسانيديم دست بران موضع نهاد واين كلمات بكفت في الحال شفا يافت وكفته اند آن كس خضر عليه السلام بود أثر حكمت اين كار طبيبان الهيست).
وفي "التأويلات النجمية" إنزال القرآن كان بالحق لا بالباطل وذلك لأنه تعالى لما خلق الأرواح المقدسة في أحسن تقويم ثم بالنفخة رده إلى أسفل سافلين وهو القالب الإنساني احتاجت الأرواح في الرجوع إلى أعلى عليين قرب الحق وجواره إلى حبل تعتصم به في الرجوع فأنزل الله القرآن وهو حبله المتين وقال :﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا﴾ (آل عمران : ١٠٣) وبالحق نزل ليضل به أهل الشقاوة وبالرد والجحود والامتناع عن الاعتصام به ويبقى في الأسفل حكمة بالغة منه ويهدي به أهل السعادة بالقبول والإيمان والاعتصام به والتخلق بخلقه إلى أن يصل به إلى كمال قربه فيعتصم به كما قال :﴿وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَـاـاكُمْ﴾ (الحج : ٧٨) ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَـاكَ إِلا مُبَشِّرًا﴾ للمطيع بالثواب ﴿وَنَذِيرًا﴾ للعاصي من العقاب فلا عليك إلا التبشير والإنذار.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠٩
وفي "التأويلات النجمية" :﴿مُبَشِّرًا﴾ لأهل السعادة بسعادة الوصول والعرفان عند التمسك بالقرآن ﴿وَنَذِيرًا﴾ لأهل الشقاوة بشقاوة البعد والحرمان والخلود في النيران عند الانفصام عن حبل القرآن وترك الاعتصام به (سلمى قدس سره فرموده كه مده دهنده آنراكه از ما روى بكرداند وبيم كننده آنراكه روى بما آورد يعني بدكارانرا بشارت دهد بسعت رحمت وكمال عفو ما تا روى بدركاه ما آرند) :
حافظاً رحمت او بهر كنهكارا نست
نا اميدى مكن اي دوست كه فاسق باشى
نيكانرا انذار كندا از أثر هيبت وجلال تابر أعمال خود اعتماد ننمايند :
زاهد غرور داشت سلامت نبرد راه
رنده ازره نياز بدار السلام رفت
﴿وَقُرْءَانًا﴾ منصوب بمضمر يفسره قوله تعالى :﴿فَرَقْنَـاهُ﴾ نزلناه مفرقاً.
وبالفارسية (ورا كنده فرستاديم قر آنرا يعني آيت آيت وسوره سوره) ﴿لِتَقْرَأَه عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾ أي : مهل وتأن فإنه أيسر للحفظ وأعون على الفهم ﴿أَنزَلْنَـاهُ﴾ في ثلاث وعشرين سنة ﴿تَنزِيلا﴾ على قانون الحكمة وحسب الحوادث وجوابات السائلين.
﴿قُلْ﴾ للذين كفروا ﴿بِه أَوْ﴾ أي : بالقرآن ﴿أَوْ لا تُؤْمِنُوا﴾ فإن إيمانكم به لا يزيده كمالاً وامتناعكم عنه لا يورثه نقصاً :
حاجت مشاطه نيست روى دلارام را†