والأمر للتهديد كما في "تفسير الكاشفي" ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ﴾ أي : العلماء الذين
٢١٠
قرأوا الكتب السالفة من قبل تنزيله وعرفوا حقيقة الوحي وإمارات النبوة وتمكنوا من التمييز بين الحق والباطل والمحق والمبطل نحو عبد الله بن سلام واتباعه من اليهود والنجاشي وأصحابه من النصارى ﴿إِذَا يُتْلَى﴾ أي : القرآن ﴿عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلاذْقَانِ﴾ (بيفتند برزنخهاى خود) أي : يسقطون على وجوههم فاللام بمعنى على والأذقان الوجوه على سبيل التعبير عن الكل بالجزء مجازاً ﴿سُجَّدًا﴾ أي : حال كونهم ساجدين تعظيماً لأمر الله وهو تعليل لما يفهم من قوله آمنوا به أو لا تؤمنوا من عدم المبالاة بذلك أي : إن لم تؤمنوا فقد آمن به أحسن إيمان من هو خير منكم.
قال البيضاوي ذكر الذقن لأنه أول ما يلقى الأرض من وجه الساجد واللام فيه لاختصاص الخرور به.
قال سعدي المفتي في حواشيه فيه بحث فإنه ظاهر أن أول ما يلقى الأرض من وجه الساجد جبهته وأنفه إلا أن يقال إن طريق سجدتهم غير ما عرفناه انتهى.
يقول الفقير معنى اللقاء هنا كون الذقن أقرب شيء من الأرض من الأنف والجبهة حال السجدة إذ الأقرب إلى الأرض بالنسبة إلى حال الخرور الركبة ثم اليدان ثم الرأس وأقرب أجزاء الرأس الذقن والأقرب إلى السماء بالإضافة إلى حال الرفع الرأس وأقرب أجزاء الرأس الجبهة فافهم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠٩
﴿وَيَقُولُونَ﴾ في سجودهم ﴿سُبْحَـانَ رَبِّنَآ﴾ (اكست رورد كارما) عما يفعل الكفرة من التكذيب أو عن خلفه وعده الذي في الكتب السالفة ببعث محمد وإنزال القرآن عليه ﴿ءَانٍ﴾ أي : أن الشأن ﴿كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا﴾ كائناً لا محالة واقعاً البتة لأن الخلف نقص وهو محال على الله تعالى.
يقول الفقير : الظاهر أن المراد بالوعد وعد الآخرة كما يدل عليه سياق الآية من قصة موسى وفرعون وما قبلها من قصة قريش في إنكار البعث والله أعلم.
﴿وَيَخِرُّونَ لِلاذْقَانِ يَبْكُونَ﴾ أي : حال كونهم باكين من خشية الله تعالى كرر الخرور للاذقان لاختلاف السبب فإن الأول لتعظيم أمر الله والثاني لما أثر فيهم من مواعظ القرآن.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلّم "تضرعوا وابكوا فإن السموات والأرض والشمس القمر والنجوم يبكون من خشية الله" ﴿وَيَزِيدُهُمْ﴾ أي : القرآن بسماعهم ﴿خُشُوعًا﴾ كما يزيدهم علماً ويقيناً بالله والخشوع (فروتني) وتضرع.
واعلم أن التواضع والسجود من شأن الأرواح والبكاء والخشوع من شأن الأجساد وإنما أرسلت الأرواح إلى الأجساد لتحصيل هذه المنافع في العبودية.
قال الكاشفي :(اين سجده هارم است از سجدات قرآن وحضرت شيخ قدس سره اين را سجود العلماء خوانده وفرموده كه بحقيقت اين سجود متجليست زيرا كه خشوع از وقوع تجلى باشد بر ظاهر يابر هردو وون خبر دادكه خشوع ايشان زياده ميشود وخشوع نمى باشد الا از تجلى الهي س زيادتى خشوع دليل زيادتى تجلى باشد وبرآن تقدير اين سجود تجلى بود وساجد بايدكه ببركت اين سجده از فيض تجلى بهره مند وخضوع او بيفزايد) ما تجلى الله لشيء إلا خضع له :
لمعه نور تجلى از قدم
بر حدوث افتد فرو ريزدزهم
س خضوع اينجا زوال هستى است
وزبلندى موجب اين بستى است
٢١١
فعليك ببذل الوجود وإفنائه فإنه تعالى إنما يتجلى لأهل الفناء نعم إن الفناء من التجلي كما دل عليه الخبر المذكور، وفي "المثنوي" :
ون تجلى كرد أوصاف قديم
س بسوزد وصف محدث راكليم
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠٩
﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـانَ﴾.


الصفحة التالية
Icon