﴿هَؤُلاءِ﴾ مبتدأ وفي التعبير باسم إشارة تحقير لهم ﴿قَوْمُنَا﴾ عطف بيان له.
يعني :(اين كروه كه كسان ما اند درنسب يعني جمعي از هل افسوس).
وقال في "التأويلات النجمية" إنما قالوا :﴿قَوْمُنَا﴾ أي : كنا من جملتهم وبالضلالة في زمرتهم فأنعم الله علينا بالهداية والمعرفة وفرق بيننا وبينهم بالرعاية
٢٢٢
والعناية وخلصنا من عبادة الهوى والدنيا وشهواتها ﴿اتَّخَذُوا مِن دُونِه ءَالِهَةً﴾ خبره وهو إخبار في معنى الإنكار أي : عبدوا الأصنام وجعلوها آلهة جهلاً منهم.
قال أبو حيان : اتخذوا هنا يحتمل أن يكون بمعنى عملوا لأنها أصنام هم نحتوها وأن يكون بمعنى صيروا.
وفي "المثنوي" :
يش وب ويش سنك نقشي كنند
اي بسا كولان كه سرهامى نهندديو الحاح غوايت ميكند
شيخ الحاح هدايت ميكند ﴿لَّوْلا يَأْتُونَ﴾ هلا يأتون.
وبالفارسية (رانمى آرندكه كافران) ﴿عَلَيْهِم﴾ على ألوهيتهم ﴿بِسُلْطَـانا بَيِّنٍ﴾ بحجة ظاهرة الدلالة على مدعاهم يعني يعبدون آلهة لم يتمسكوا في صحة عبادتها ببرهان سماوي من جهة الوحي والسمع ولا لهم فيها علم ضروري ولا دليل عقلي.
وفيه دليل على أن ما لا دليل عليه من الديانات مردود والآية إنكار وتعجيز وتبكيت لأن الإتيان بالسلطان على عبادة الأوثان محال ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ﴾ (س كيست سمتكارتر) ﴿مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾ بنسبة الشريك إليه تعالى عن ذلك علواً كبيراً.
والمعنى أنه أظلم من كل ظالم وعذابه أعظم من كل عذاب لأن الظلم موجب للعذاب فيكون الأعظم للأظلم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٢١
﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ﴾ الاعتزال بالفارسية (جداشدن) أي : فارقتموهم في الاعتقاد وأردتم الاعتزال الجسماني وهو خطاب بعضهم لبعض حين صممت عزيمتهم على الفرار بدينهم.
قال الكاشفي :(قبل أزين كذشت كه دقيانوس بعد از معارضه ايشان مهلت دادوايشان فرار كردند يمليخا كه مهتر ايشان بود دراثناى طريق بايشان كفت) ﴿وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ﴾ عطف على الضمير المنصوب وما مصدرية أو موصولة أي : إذا اعتزلتموهم ومعبوديهم إلا الله أي : وعبادتهم إلا عبادة الله وعلى التقديرين فالاستثناء متصل على تقدير كونهم مشركين كأهل مكة ومنقطع على تقدير تمحضهم في عباد الأوثان ﴿فَأْوُوا﴾ التجئوا ﴿إِلَى الْكَهْفِ﴾ قال الفراء هو جواب إذ كما تقول إذ فعلت فافعل كذا وقيل هو دليل على جوابه أي : إذ اعتزلتموهم اعتزالاً اعتقادياً فاعتزلوهم اعتزالاً جسمانياً أو إذا أردتم اعتزالهم فافعلوا ذلك بالالتجاء إلى الكهف.
وفيه إشارة إلى أن الاعتزال الاعتقادي يوجب الاعتزال الجسماني.
ومن ثم قال في "مجمع الفناوي" سئل الرستغفني عن المناكحة بين أهل السنة وبين أهل الاعتزال فقال : لا يجوز ﴿يَنشُرْ لَكُمْ﴾ يبسط لكم ويوسع عليكم ﴿رَبُّكُمْ﴾ مالك أمركم ﴿مِّن رَّحْمَتِهِ﴾ من تفضله وإنعامه في الدارين ﴿وَيُهَيِّئْ لَكُم﴾ يسهل لكم ﴿مِّنْ أَمْرِكُم﴾ الذي أنتم بصدده من الفرار بالدين ﴿مِّرْفَقًا﴾ ما ترفقون وتنتفعون به وجزمهم بذلك لخلوص يقينهم عن شوب الشك وقوة وثوقهم.
وفي الحديث :"ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة" وفي الآية : إشارة إلى أن التائب الصادق والطالب المحق من اعتزل عن قومه وترك أهل صحبته وقطع عن إخوان سوئه واعتقد أن لا يعبد إلا الله يعرض عما سوى الله مستعيناً بالله متوكلاً على الله فارّاً إلى الله من غير الله، قال الحجندي :
وصل ميسر نشود جز بقطع
قطع نخست از همه ببريدنست
٢٢٣
ثم يأوي إلى كهف الخلوة، قال الجامي :
زابناى دهر وقت كسى خوش نميشود
خوش وقت آنكه معتكف كنج عزلتست
متمسكاً بذيل إرادة شيخ كامل مكمل واصل موصل ليربيه ويزيد في هدايته ويربط على قلبه بنور الولاية وقوة الرعاية كما كان حال أصحاب الكهف، وفي "المثنوي" :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٢١
كره شيرى ون روى ره بى دليل
خويش بيني در ضلالي وذليل
هين مر الا كه بارهاى شيخ
تابيني عون لشكرهاى شيخ


الصفحة التالية
Icon