﴿سَيَقُولُونَ﴾ الضمائر في الأفعال الثلاثة للخائضين في قصتهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم من أهل الكتاب والمسلمين لكن لا على وجه إسناد كل قوللٍ فيها إلى كلهم بل إلى بعضهم سألوا رسول الله فأخر الجواب إلى أن يوحى إليه فيهم فنزلت إخباراً بما سيجري بينهم من اختلافهم في عددهم وأن المصيب منهم من يقول سبعة وثامنهم كلبهم أي : سيقول اليهود هم أي : أصحاب الكهف ﴿ثَلَـاثَةٌ﴾ أي : ثلاثة أشخاص ﴿رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ﴾ أي : جاعلهم أربعة بانضمامه إليهم كلبهم ﴿وَيَقُولُونَ﴾ أي : النصارى وإنما لم يجىء بالسين اكتفاء بعطفه على ما هو فيه ﴿خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمَا بِالْغَيْبِ﴾ رمياً بالخبر الخفي عليهم وإتياناً به كقوله :﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ﴾ (سبأ : ٥٣) أي : يأتون به أو ظناً بالغيب من قولهم رجماً بالظن إذا ظن وانتصابه على الحالية من الضمير في الفعلين معاً أي : راجمين أو على المصدر منهما فإن الرجم والقول واحد أي : يرجمون رجماً بالغيب ﴿وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ﴾ القائلون المسلمون بطرق التلقن من هذا الوحي وما فيه مما يرشدهم إلى ذلك من عدم نظم في سلك الرجم بالغيب وتغيير سبكه بزيادة الواو المفيدة لزيادة وكادة النسبة فيما بين طرفيها وذلك لأن الوحي مقدم على المقالة المذكورة على ما يدل عليه السنن ﴿قُلِ﴾ تحقيقاً للحق ورداً على الأولين ﴿رَّبِّى أَعْلَمُ﴾ قال سعدي المفتي أي : أقوى علماً وأزيد في الكيفية فإن مراتب اليقين متفاوتة في القوة ولا يجوز أن يكون التفضيل بالإضافة إلى الطائفتين الأوليين إذ لا شركة لهما في العلم
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٣٣
﴿بِعِدَّتِهِم﴾ بعددهم ﴿مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ﴾ ما يعلمهم عدتهم إلا قليل من الناس قد وفقهم الله للاستشهاد بتلك الشواهد.
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ حين وقعت الواو وانقطعت العدة أي : لم يبق بعدها عدة عاد يعتد بها وثبت أنهم سبعة وثامنهم كلبهم قطعاً وجزماً وعليه مدار قوله أنا من ذلك القليل.
وعن علي رضي الله عنهم سبعة نفر أسماؤهم يمليخا ومكشليينا ومشليينا هؤلاء أصحاب يمين الملك وكان عن يساره مرنوش ودبرنوش وشازنوش وكان يستشير هؤلاء الستة في أمره والسابع الراعي الذي وافقهم حين هربوا من ملكهم دقيانوس واسمه كفشططيوش أو كفيشيططيوش.
قال الكاشفي : الأصح أنه مرطوش.
قال النيسابوري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن أسماء أصحاب الكهف تصلح للطلب والهرب وإطفاء الحريق تكتب في خرقة ويرمى بها في وسط النار ولبكاء الطفل تكتب وتوضع تحت رأسه في المهد وللحرث تكتب على القرطاس وترفع على خشب منصوب في وسط الزرع وللضربان والحمى المثلثة والداع والغنى والجاه والدخول على السلاطين تشد على الفخذ اليمنى ولعسر الولادة تشد على فخذها اليسرى ولحفظ المال والركوب في البحر والنجاة من القتل ﴿فَلا تُمَارِ﴾ المماراة (ستيزه كردن) الفاء لتفريع النهي على ما قبله أي : إذ قد عرفت جهل أصحاب القولين الأولين فلا تجادلهم ﴿فِيهِمْ﴾ أي : في شأن أصحاب الكهف ﴿إِلا مِرَآءً ظَـاهِرًا﴾ إلا جدالاً ظاهراً غير متعمق فيه وهو أن تقص
٢٣٣
عليهم ما في القرآن من غير تصريح بجهلهم وتفضيح لهم فإنه مما يخل بمكارم الأخلاق ﴿وَلا تَسْتَفْتِ﴾ (وفتوى مجوى يعني مرس) ﴿فِيهِمْ﴾ أي : في شأنهم ﴿مِّنْهُمْ﴾ أي : من الخائضين ﴿أَحَدًا﴾ فإن فيما قص عليك لمندوحة عن ذلك مع أنه لا علم لهم بذلك.
قال الكاشفي :(أهل تأويل را درباب أصحاب كهف سخن سياراست بعض كويند اين قصه نمود از أحوال بدلاء سبعة است كه هفت اقليم عالم بوجود ايشان قائمست وكهف خلو تخانه ايشان بود وكلب نفس حيوانية).
وعن الخضر عليه السلام أنه قال : ثلاثمائة هم الأولياء وسبعون هم النجباء وأربعون هم أوتاد الأرض وعشرة هم النقباء وسبعة هم العرفاء وثلاثة هم المختارون وواحد هو الغوث لم يبلغوا ما بلغوا بكثرة الصوم والصلاة والتخشع وحسن الحلية ولكن بلغوا بصدق الورع وحسن النية وسلامة الصدر والرحمة لجميع المسلمين اصطفاهم الله بعلمه واستخلصهم لنفسه وهم لا يسبون شيئاً ولا يلعنونه ولا يؤذون من تحتهم ولا يحقرونه ولا يحسدون من فوقهم أطيب الناس خبراً وألينهم عريكة وأسخاهم نفساً كذا في "روض الرياحين" للإمام اليافعي رحمه الله (ونزد جمعى اشارتست بروح وقلب وعقل فطرى ومعيش وقوت قدسيه وسر وخفى كه تعلق بكهف بدن دارد ودقيانوس نفس أماره است).
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٣٣
كند مردرا نفس اماره خوار
اكر هو شمندى عزيزش مدار
مبرطاعت نفس شهوت رست
كه هرساعتش قبله ديكرست