نعوذ بالله منها.
فعلى المؤمن الاجتناب عن الظلم والمعاصي والإصرار عليهما على تقدير الذلة فالتدارك بالاستغفار والندامة والاشتغال بالتوحيد والأذكار وإلا فالسفر بعيد وحر النار شديد وماؤها مهل وصديد وقيدها حديد وفي الحديث "إن أدنى أهل النار عذاباً ينعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حرارة نعله".
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٣٨
ـ روي ـ عن مالك بن دينار أنه قال : مررت على صبي وهو يلعب بالتراب يضحك تارة ويبكي أخرى فأردت أن أسلم عليه فمنعتني نفسي فقلت : يا نفس كان النبي صلى الله عليه وسلّم يسلم على الصغار والكبار فسلمت فقال : وعليك السلام ورحمة الله يا مالك فقلت : ومن أين عرفتني؟ قال : ألفت روحي بروحك في عالم الملكوت فعرفني الحي الذي لا يموت فقلت : ما الفرق بين النفس والعقل؟ فقال : نفسك التي منعتك عن السلام وعقلك الذي حرضك عليه فقلت : لم تلعب بالتراب؟ فقال : لأنا خلقنا منه ونعود إليه فقلت : ولم الضحك والبكاء؟ قال : إذا ذكرت عذاب ربي أبكي وإذا ذكرت رحمته أضحك فقلت : يا ولدي أي : ذنب لك حتى تبكي أي : لأنك لست بمكلف؟ قال : لا تقل هذا فإني رأيت أمي لم توقد الحطب الكبار إلا بالصغار فعليك بالاعتبار، وفي "المثنوي" :
نى ترا از روى ظاهر طاعتي
نى ترا درسر باطن نيتى
نى ترا شبها مناجات وقيام
نى ترا در روز رهيز وصيام
نى ترا حفظ زبان ز آزار كس
نى نظر كردن بعبرت يش وس
يش ه بود ياد مرك ونزع خويش
س ه باشد مردن ياران زيش
نى ترا بر ظلم توبه ر خروش
اي دغا كندم نماى جو فروش
ون ترازوى تو كج بود ودغا
راست ون جويى ترازوى جزا
ونكه اى ب بدى درغدروكاست
نامه ون آيد ترا دردست راست
ون جزا سايه است اى قد توخم
سايه تو كج فتد در يش هم
وعن يزيد الرقاشي أنه قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلّم متغير اللون قال النبي عليه السلام :"يا جبريل مالي أراك متغير اللون" فقال : يا محمد جئتك الساعة التي أمر الله فيها بمنافخ النار فقال صلى الله عليه وسلّم "صف لي جهنم" قال : يا محمد إن الله لما خلق جهنم جعلها سبع طبقات إن أهون طبقة منها فيها سبعون ألف ألف جبل من نار وفي كل جبل سبعون ألف ألف واد من نار وفي كل واد سبعون ألف ألف بيت من نار وفي كل بيت سبعون ألف ألف صندوق من نار وفي كل صندوق سبعون ألف ألف نوع من العذاب نعوذ بالله تعالى منه" كذا في "مشكاة الأنوار" وهذا غير محمول على المبالغة بل هو على حقيقته لأنه مقابل بنعيم الجنان فكل من العذاب والنعيم خارج عن دائرة العقل وليس للعاقل إلا التسليم والاحتراز عن موجبات العذاب الأليم.
﴿إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ﴾ جمعوا بين عمل القلب وعمل الأركان.
والصالحات جمع صالحة وهي في الأصل صفة ثم غلب استعمالها فيما حسنه الشرع من الأعمال فلم تحتج إلى موصوف ومثلها الحسنة فيما يتقرب به إلى الله تعالى ﴿إِنَّا لا نُضِيعُ﴾ (الإضاعة كم كردن) ﴿أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا﴾ الأجر الجزاء على العمل وعملاً مفعول أحسن والتنوين للتقليل ووضع الظاهر موضع
٢٤٢
الضمير للدلالة على أن الأجر إنما يستحق بالعمل دون العلم إذ به يستحق ارتفاع الدرجات والشرف والرتب كما في الحديث القدسي :"ادخلوا الجنة بفضلي واقتسموها بأعمالكم" وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قام أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلّم في حجة الوداع والنبي واقف بعرفات على ناقته العضباء فقال : إني رجل متعلم فخبرني عن قوله الله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ الآية فقال عليه السلام :"يا أعرابي ما أنت منهم ببعيد وما هم عنك ببعيد هم هؤلاء الأربعة الذين هم وقوف معي أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم فأعلم قومك أن هذه الآية نزلت في هؤلاء الأربعة" ذكره الإمام السهيلي في كتاب "التعريف والإعلام".
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٣٨


الصفحة التالية
Icon