الجنتين من ثمر ماله الذي ذكر.
وقال الشيخ في تفسيره بفتحتين جمع ثمرة وهي المجني من الفاكهة وذكرها وإن كانت الجنة لا تخلو عنها إيذان بكثرة الحاصل له في الجنتين من الثمار وغيرها.
وقال الكاشفي :﴿وَكَانَ لَه ثَمَرٌ﴾ (همه ميوه يعني از انكور خرما وميوهاى ديكر داشت واختصاص آنها بذكر غالبيت بوده) ﴿فَقَالَ لِصَـاحِبِهِ﴾ أخيه المؤمن ﴿وَهُوَ﴾ أي : والحال أن القائل ﴿يُحَاوِرُهُ﴾ يكلمه ويراجعه الكلام من حار إذا رجع.
قال الكاشفي :(واو مجادله مى كرد با او وسخن باز مى كردانيد انتهى) ولهذه المحاورة والمعية أطلق عليه الصاحب ﴿أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالا﴾ عن محمد بن الحسن ـ رحمه الله ـ : المال كله ما يتملكه الناس من دراهم أو دنانير أو ذهب أو فضة وحنطة أو خبز أو حيوان أو ثياب أو صلاح أو غير ذلك والمال العين هو المضروب ﴿وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾ حشماً وأعواناً وأولاداً ذكوراً لأنهم الذي ينفرون معه دون الإناث والنفر بفتحتين من الثلاثة إلى العشرة من الرجال ولا يقال فيما فوق العشرة يقول الفقير : لاح لي ههنا إشكال وهو أنه إن حمل أفعل على حقيقته في التفضيل يلزم أن يكون الرجلان المذكوران مقدرين لا محققين أخوين لأنه على تقدير التحقيق يقتضي أن لا يكون لأحدهما مال أصلاً كما يفصح عنه البيان السابق وقد أثبت ههنا الأكثرية للكافر والأقلية للمؤمن وجوابه يستنبط من السؤال والله أعلم بحقيقة الحال.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٤٤
﴿وَدَخَلَ﴾ صاحب الجنتين وهو قطروس ﴿جَنَّتَهُ﴾ بصاحبه يطوف به فيها ويعجبه منها ويفاخره بها وتوحيدها يعني : بعد التثنية لاتصال إحداهما بالأخرى وإما لأن الدخول يكون في واحدة فواحدة.
وقال الشيخ : افردها إرادة للروضة ﴿وَهُوَ﴾ أي : والحال أنه ﴿ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾ ضار لها يعجب بماله وكفره بالمبدأ والمعاد وهو أقبح الظلم كأنه قيل : فماذا قال إذ ذاك؟ ﴿قَالَ مَآ أَظُنُّ﴾ كثيراً ما يستعار الظن للعلم لأن الظن الغالب يداني العلم ويقوم مقامه في العادات والأحكام ومنه المظنة للعلم ﴿أَن تَبِيدَ﴾ تفنى وتهلك وتنعدم من باد إذا ذهب وانقطع ﴿هَـاذِهِ﴾ الجنة ﴿أَبَدًا﴾ الأبد الدهر وانتصابه على الظرف والمراد هنا المكث الطويل وهو مدة حياته لا الدوام المؤبد إذ لا يظنه عاقل لدلالة الحس والحدس على أن أحوال الدنيا ذاهبة باطلة فلطول أمله وتمادي غفلته واغتراره بمهلته قال بمقابلة موعظة صاحبه وتذكيره بفناء جنته والاغترار بها وأمره بتحصيل الباقيات الصالحات.
﴿وَمَآ أَظُنُّ السَّاعَةَ﴾ أي : القيامة التي هي عبارة عن وقت البعث ﴿قَا ـاِمَةً﴾ كائنة فيما سيأتي ﴿وَلَـاـاِن رُّدِدتُّ﴾ والله لئن رجعت ﴿إِلَى رَبِّى﴾ بالبعث على الفرض والتقدير كما زعمت فليس فيه دلالة على أنه كان عارفاً بربه مع أن العرفان لا ينافي الإشراك وكان كافراً مشركاً.
قال في "البرهان" قال تعالى :﴿وَلَـاـاِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّى﴾ (فصلت : ٥٠) وفي حم ﴿وَلَـاـاِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّى﴾ لأن الرد على الشيء يتضمن كراهة المردود ولما كان في الكهف تقديره ولئن رددت عن جنتي هذه التي أظن أن لا تبيد أبداً إلى ربي كان لفظ الرد الذي يتضمن الكراهة أولى وليس في حم ما يدل على كراهته فذكر بلفظ الرجع ليقع في كل سورة ما يليق بها ﴿لاجِدَنَّ﴾ يومئذٍ ﴿خَيْرًا مِّنْهَا﴾ من هذه الجنة ﴿مُنقَلَبًا﴾ تمييز أي : مرجعاً وعاقبة ومدار هذا الطمع واليمين الفاجرة اعتقاد أنه تعالى إنما أولاه في الدنيا لاستحقاقه الذاتي وكرامته عليه سبحانه وهو معه أينما توجه
٢٤٦
ولم يدر أن ذلك استدراج، يعني :(مقتضاي استحقاق من رنست كه فردا بهشت بمن دهد نانه امروز اين باغ بمن داده) فقول من قال إنه كريم رحيم يعطيني في الآخرة خيراً مما أعطاني في الدنيا وهو مخالف لأوامره ونواهيه غاية الغرور بالله تعالى كما قال : يا اأَيُّهَا الانسَـانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} (الانفطار : ٦) إلى قوله :﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِى جَحِيمٍ﴾ (الانفطار : ١٤) :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٤٦
آتشي خوش برفروزيم ازكرم
تانما ندجرم وزلت بيش وكم


الصفحة التالية
Icon