ـ روي ـ أنه عليه السلام خرج على قومه فقال :"خذوا جنتكم" قالوا : يا رسول الله أمن عدو حضر قال :"لا بل من النار" قالوا : وما جنتنا من النار قال :"سبحان الله" إلى آخر الكلمات.
قال الكاشفي :(بعض علما برانندكه باقيات صالحات بنات است كه بحكم هن ستر من النار سبب خلاص والدين باشند) وفي الحديث :"من ابتلى" الابتلاء هو الامتحان لكن أكثر استعمال الابتلاء في المحن والبنات مما تعد منها لأن غالب هوى الخلق في الذكور "من هذه البنات بشيء" من بيانية مع مجرورها حال من شيء "فأحسن إليهن" فسر الشارح هنا الإحسان بالتزويج بالأكفاء لكن الأوجه أن يعمم الإحسان "كن له ستراً من النار" لأن احتياجهن إليه كان أكثر حال الصغر والكبر فمن يسترهن بالإحسان يجازي بالستر من النيران كما في "شرح المشارق" لابن الملك ﴿خَيْرٌ﴾ من الفانيات الفاسدات من المال والبنين ﴿عِندَ رَبِّكَ﴾ أي : في الآخرة ﴿ثَوَابًا﴾ عائدة تعود إلى صاحبها ﴿وَخَيْرٌ أَمَلا﴾ رجاء حيث ينال بها صاحبها في الآخرة كل ما كان يؤمله في الدنيا وأما ما مر من المال والبنين فليس لصاحبه أمل يناله.
والآية تزهيد للمؤمنين في زينة الحياة الدنيا الفانية وتوبيخ للمفتخرين بها قال بعضهم : لا ينجو من زينة الحياة الدنيا إلا من كان باطنه مزيناً بأنوار المعرفة وضياء المحبة ولمعان الشوق وظاهره مزيناً بآداب الخدمة وشرف الهمة وعلو النفس وتغلب زينة باطنه زينة حب الدنيا شوقاً منه إلى ربه وتغلب زينة ظاهره زينة الدنيا لأن زينتها أزين.
وعن الضحاك عن النبي عليه السلام أنه قيل : يا رسول الله من أزهد الناس؟ قال :"من لم ينس القبر والبلى وترك فضول زينة الدنيا وآثر ما يبقى على ما يفنى ولم يعد من أيامه غداً وعد نفسه من الموتى" وفي الحديث :"قال الله تعالى : يفرح عبدي المؤمن إذا بسطت له شيئاً من الدنيا وذلك أبعد له مني ويحزن إذا اقترت عليه الدنيا وذلك أقرب له مني" ثم تلا عليه السلام هذه الآية ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِه مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِى الْخَيْرَاتِا بَل لا يَشْعُرُونَ﴾ (المؤمنون : ٥٥ ـ ٥٦) إن ذلك فتنة لهم، قال الشيخ سعدي :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٤٧
يكى ارسا سيرت وحق رست
فتادش يكى خشت زرين بدست
همه شب در انديشه كين كنج ومال
درو تازيم ره نيابد زوال
دكر قامت عجزم ازبهر خواست
نيايد بزكس دوتا كرد وراست
سرايى كنم اى بستش رخام
ردختان سقفش همه عود خام
يكى حجره خاص ازى دوستان
در حجره اندر سرا بوستان
بفرسودم ازرقعه بررقعه دوخت
تف ديكران شم ومغزم بسوخت
ديكر زير دستان برندم خورش
براخت دهم روح را رورش
بسختى بكشت اين نمد سترم
روم زين سس عبقرى كسترم
خيالش حزف كرد وكاليوه رنك
بمغزش فرو برده خرنك نك
فراغ مناجات وزارش نماند
خور وخواب وذكر ونمازش نماند
بصحرا در آمد سراز عشوه مست
كه جايى نبودش قرار نشست
يكى بر سركور كل ميسرشت
كه حاصل كند زان كل كور خشت
بانديشه لختى فرو رفت ير
كه اى نفس كوته نظر ندكير
ه ندى درين خشت زرين دلت
كه يك روز خشتى كنند از كلت
توغافل در انديشه سود ومال
كه سرمايه عمرشد ايمال
بكن سرمه غفلت از شم اك
كه فردا شوى سرمه در شم خاك
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٤٧
﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ﴾ أي : اذكر حين نقلعها من أماكنها وتسير في الجو على هيآتها أو تسير أجزاؤها بعد أن نجعلها هباء منبثاً والمراد بتذكيره تحذير المشركين مما فيه من الدواهي ﴿وَتَرَى﴾ يا محمد أوياكل من يصلح للرؤية ﴿الارْضَ﴾ جميع جوانبها ﴿بَارِزَةً﴾ ظاهرة ليس عليها ما يسترها من جبل ولا شجر ولا نبات ﴿وَحَشَرْنَـاهُمْ﴾ جمعنا أهل الإيمان والكفر إلى الموقف من جانب ﴿فَلَمْ نُغَادِرْ﴾ لم نترك ﴿مِّنْهُمْ أَحَدًا﴾ تحت الأرض يقال غادره واغدره إذا تركه ومنه الغدر الذي هو ترك الوفاء والغدير ما غادره السيل وتركه في الأرض الغائرة.
﴿وَعُرِضُوا﴾ أي : الخلائق يوم القيامة يعني المحشورين ﴿عَلَى رَبِّكَ﴾ على حكمه وحسابه ﴿صَفًّا﴾ مفرد منزل منزلة الجمع كقوله تعالى :﴿ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلا﴾ (فاطر : ٦٧) أي : أطفالاً والمعنى صفوفاً يقف بعضهم وراء بعض غير متفرقين ولا مختلطين شبهت حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان ليحكم فيهم بما أراد لا ليعرفهم ﴿لَّقَدْ جِئْتُمُونَا﴾ أي : فيقال لهم ثمة لقد جئتمونا كائنين ﴿كَمَا خَلَقْنَـاكُمْ أَوَّلَ مَرَّة﴾ حفاة عراة لا شيء من المال والولد.
وعن عائشة رضي الله عنها قلت : يا رسول الله كيف يحشر الناس يوم القيامة؟ قال :"عراة حفاة" قلت : والنساء؟ قال :"نعم" قلت : يا رسول الله نستحيى قال :"يا عائشة الأمر أشد من ذلك لن يهمهم أن ينظر بعضهم إلى بعض".
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٥٢


الصفحة التالية
Icon