وفي "الخصائص الصغرى" : أن في غزوة تبوك اجتمع عليه السلام بالياس فعن أنس رضي الله عنه غزونا مع النبي عليه السلام حتى إذا كنا بفج الناقة عند الحجر سمعنا صوتاً يقول : اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة المغفور لها المستجاب لها فقال عليه السلام :"يا أنس انظر ما هذا الصوت" فدخلت الجبل فإذا رجل عليه ثياب بياض أبيض الرأس واللحية طوله أكثر من ثلاثمائة ذراع فلما رآني قال : أنت رسول النبي عليه السلام؟ قلت : نعم قال : ارجع إليه وأقرئه السلام وقل له هذا أخوك الياس يريد أن يلقاك فرجعت إلى النبي عليه السلام فأخبرته فجاء عليه السلام يمشي وأنا معه حتى إذا كنا قريباً منه تقدم النبي وتأخرت أنا فتحدثا طويلاً فنزل عليهما من السماء شيء يشبه السفرة ودعواني فأكلت معهما قليلاً فإذا فيها كمأة ورمان وحوت وتمر وكرفس فلما أكلت قمت فتنحيت ثم جاءت سحابة فاحتملته فأنا أنظر إلى بياض ثيابه فيها تهوى به قبل الشام فقلت للنبي عليه السلام بأبي أنت وأمي هذا الطعام الذي أكلنا من السماء نزل عليه؟ قال عليه السلام :"سألته عنه فقال : يأتيني به جبرائيل في كل أربعين يوماً أكلة وفي كل حول شربة من ماء زمزم وربما رأيته على الجب يملأ بالدلو فيشرب وربما سقاني" والأكثر من المحدثين على وفاة الخضر سئل البخاري عن الخضر والياس هل هما في الأحياء؟ قال : كيف يكون ذلك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم "لا يبقى على رأس المائة ممن هو اليوم على وجه الأرض أحد" وقد قال الله تعالى :﴿وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ﴾ والجواب أن هذا الحكم جار على الأكثر ولا حكم للنادر الذي يعيش فوق المائة فقد عاش سلمان ومعدي كرب وأبو طفيل فوق المائة وكانوا موجودين في ذلك الزمان عند إخباره عليه السلام والمراد بالخلود هو التأبيد ولا شك أن حياة الخضر وغيره منقطعة عند الصعقة قبل القيامة فيمتنع الخلود.
وأما من قال من العلماء لا يجوز أن يكون الخضر باقياً لأنه لا نبي بعد نبينا فلا عبرة لكلامه لأنه لم يتنبأ بعده بل قبله كعيسى أبقاه الله لمعنى وحكمة إلى أن يرتفع القرآن من وجه الأرض.
وذكر الشيخ الأكبر قدس سره في بعض كتبه أنه يظهر مع أصحاب الكهف في آخر الزمان عند ظهور المهدي ويستشهد ويكون من أفضل شهداء عساكر المهدي.
وفي آخر صحيح مسلم في أحاديث الدجال أنه يقتل رجلاً ثم يحيي قال إبراهيم بن سفيان صاحب مسلم يقال : إن هذا الرجل هو الخضر وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ يلتقي الخضر والياس في كل عام في الموسم فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ويتفرقان على هذه الكلمات "بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله" من قالهن ثلاث مرات حين يصبح ويمسي آمنه الله من الحرق والغرق والسرق ومن الشيطان والحية والعقرب، وزاد أحمد في الزهد أنهما يصومان رمضان في بيت المقدس.
وعن علي رضي الله عنه مسكن الخضر بيت المقدس فيما بين باب الرحمة إلى باب الأسباط.
قال القاشاني : الخضر كناية عن البسط والياس عن القبض وأما كون الخضر شخصاً إنساناً باقياً من زمان موسى إلى هذا العهد أو روحانياً يتمثل بصورته لمن يرشده فغير متحقق عندي بل قد يتمثل ويتخيل معناه له بالصفة الغالبة عليه ثم يضمحل وهو روح ذلك الشخص أو روح القدس انتهى.
يقول الفقير : تمثل
٢٦٩
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٦٥


الصفحة التالية
Icon