وفي "التأويلات النجمية" : ومن آداب الشيخ أنه لو ابتلى المريد بنوع من الاعتراض أو مما يوجب الفرقة يعفو عنه مرة أو مرتين ويصفح ولا يفارقه فإن عاد إلى الثالثة فلا يصاحبه لأنه قد بلغ من لدنه عذراً ويقول كما قال الخضر هذا فراق بيني وبينك.
ومنها أنه لو آل أمر الصحبة إلى المفارقة بالاختيار أو بالاضطرار فلا يفارقه إلا على النصيحة فينبئه عن سر ما كان عليه الاعتراض ويخبره عن حكمته التي لم يحط بها خبراً ويبين له تأويل ما لم يستطع عليه صبراً لئلا يبقى معه إنكار فلا يفلح إذا أبدا انتهى.
يقول القير وهو المراد بقول بعض الكبار من قال لأستاذه لم لم يفلح؟ قال أبو يزيد البسطامي قدس سره في حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين الله فرؤي بعد ذلك من المحنثين وسرق فقطعت يده هذا لما نكث العهد فأين هو ممن وفي بيعته مثل تلميذ أبي سليمان الداراني قدس سره قيل له : ألققِ نفسك في التنور فألقى نفسه فيه فعاد عليه برداً وسلاماً وهذه نتيجة الوفاء، وفي المثنوي :
جرعه بر خاك وفا آنكس كه ريخت
كى تواند صيد دولت زو كريخت
جعلنا الله وإياكم من المتحققين بحقائق المواثيق والعهود.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٨١
﴿أَمَّا السَّفِينَةُ﴾ التي خرقتها ﴿فَكَانَتْ لِمَسَـاكِينَ﴾ لضعفاء لا يقدرون على مدافعة الظلمة وكانوا عشرة إخوة خمسة منهم زمنى ﴿يَعْمَلُونَ فِى الْبَحْرِ﴾ بها مؤاجرة طلباً للكسب فإسناد العمل إلى الكل بطريق التغليب أو لأن عمل الوكلاء بمنزلة عمل الموكلين.
اعلم أن الفقير في الشريعة من له مال لا يبلغ نصاباً قدر مائتي درهم أو قيمتها فاضلاً عن حاجته الأصلية سواء كان نامياً أو لا والمسكين من لا شيء له من المال هذا هو الصحيح عند الحنفية والشافعية يعكسون.
قال القاضي في الآية دليل أن المسكين يطلق على من يملك شيئاً لم يكفه وحمل اللام على التمليك.
وقال مولانا سعدي : إنما يكون دليلاً
٢٨٣
إذا ثبت أن السفينة كانت ملكاً لهم لكن للخصم أن يقول اللام للدلالة على اختصاصها بهم لكونها في يدهم عارية أو كونهم أجراء كما ورد في الأثر انتهى.
وقد نص على هذين الوجهين صاحب "الكفاية في شرح الهداية" ولئن سلمنا أن السفينة كانت ملكاً لهم فإنما سماهم الله مساكين دون فقراء لعجزهم عن دفع الملك الظالم ولزمانتهم والمسكين يقع على من أذله شيء وهو غير المسكين المشهور في مصرف الصدقة هذا هو تحقيق المقام ﴿فَأَرَدتُّ﴾ بحكم الله وإرادته ﴿أَنْ أَعِيبَهَا﴾ أي : اجعلها ذات عيب ﴿وَكَانَ﴾ (وجال آنكه هست) ﴿وَرَآءَهُم﴾ أمامهم كقوله : ومن ورائهم برزخ فوراء من الأضداد مثل قوله فما فوقها أي : دونها أريد به ههنا الأمام دون الخلف على ما يأتي من القصص ﴿مَّلِكٌ﴾ كافر اسمه جلندي بن كركرد كان بجزيرة الأندلس ببلدة قرطبة وأول فساد ظهر في البحر كان ظلمه على ما ذكره أبو الليث وأول فساد ظهر في البر قتل قابيل وهابيل على ما ذكره أيضاً عند تفسير قوله تعالى :﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ﴾ (الروم : ٤١) الآية ﴿يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ﴾ صحيحة جيدة وهو من قبيل إيجاز الحذف ﴿غَصْبًا﴾ من أصحابها وانتصابه على أنه مصدر مبين لنوع الأخذ أو على الحالية بمعنى غاصباً والغصب أخذ الشيء ظلماً وقهراً ويسمى المغصوب غصباً وخوف الغصب سبب لإرادة عيبها لكنه أخر عنها لقصد العناية بذكرها مقدماً وجه العناية أن موسى لما أنكر خرقها وقال : أخرقتها لتغرق أهلها اقتضى المقام الاهتمام لدفع مبنى إنكاره بأن الخرق لقصد التعييب لا لقصد الإغراق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٨٣
ـ وروي ـ أن الخضر اعتذر إلى القوم وذكر لهم شأن الملك الغاصب ولم يكونوا يعلمون بخبره.
وفي قصص الأنبياء فبينما هم كذلك استقبلتهم السفينة فيها جنود الملك وقالوا إن الملك يريد أن يأخذ سفينتكم إن لم يكن فيها عيب ثم صعدوا إليها وكشفوها فوجدوا موضع اللوح مفتوحاً فانصرفوا فلما بعدوا عنهم أخذ الخضر ذلك اللوح ورده إلى مكانه، وفي المثنوي :
كر خضر در بحر كشتى را شكست
صد درشتى درشكست خضر هست فظاهر فعله تخريب وباطنه تعمير، وفي المثنوي :
آن يكى آمد زمين را مى شكافت
ابلهى فرياد كرد وبرنتافتكين زمين را ازه ويران ميكنى
مى شكافيّ وريشان ميكنى
كفت اي ابله برو برمن مران
تو عمارت از خرابى باز دان
كى شود كلزار وكندم زار اين
تا نكردد زشت وويران ابن زمين
كى شود بستان وكشت وبرك بر
تا نكردد نظم او زير وزبر
تا نبشكا فى بنشتر ريش غز
كى شود نيكو وكى كرديد نغز
تا نشوزد خلطهايت از دوا
كى رود شورش كجا آيد شفا
اره اره كرد درزى جامه را
كس زند آن درزى علامه را
كه را اين اطلس بكز يده را
بر دريدى ه كنم بدر يده را
هر بناى كهنه كآبادان كنند
نى كه اول كهنه را ويران كنند
همنين نجار وحداد وقصاب
هستشان يش از عمارتها خراب
٢٨٤
آن هليله وان بليله كوفتن
زان تلف كردند معمورى تن
تا نكوبى كندم اندر آسيا
كى شود آراسته زان خوان ما