﴿وَأَمَّا مَنْ ءَامَنَ﴾ بموجب دعوتي ﴿وَعَمِلَ﴾ عملاً ﴿صَـالِحًا﴾ حسبما يقتضيه الإيمان ﴿فَلَهُ﴾ في الدارين ﴿جَزَآءً الْحُسْنَى﴾ أي : فله المثوبة الحسنى حال كونه مجزياً بها فجزاء حال أو فله في الدار الآخرة الجنة ﴿وَسَنَقُولُ لَه مِنْ أَمْرِنَا﴾ أي : مما نأمر به ﴿يُسْرًا﴾ أي : سهلاً متيسراً غير شاق.
وبالفارسية (كارى آسان فراخور طاقت او) وتقديره ذا يسر وأطلق عليه المصدر مبالغة يعني لا نأمره بما يصعب عليه بل بما يسهل.
قال الكاشفي :(آورده اندكه لشكر ظلمت مرا برقوم ناسك كاشت تابكوش ودهن در آمد وزنهار خواستند وبوى ايمان آوردند).
قال في "قصص الأنبياء" سار ذو القرنين نحو المغرب فلا يمر بأمة إلا دعاها إلى الله تعالى فإن أجابوه قبل منهم وإن لم يجيبوه غشيتهم الظلمة فألبست مدينتهم وقراهم وحصونهم وبيوتهم وأبصارهم ودخلت أفواههم وأنوفهم وآذانهم وأجوافهم فلا يزالون منها متحيرين حتى يستجيبوا له حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجد عندها القوم الذين ذكرهم الله
٢٩٣
في كتابه ففعل بهم كما فعل بغيرهم ثم مشى على ما في الظلمة ثمانية أيام كملاً وثماني ليال وأصحابه ينتظرون حتى انتهى إلى الجبل الذي هو محيط بالأرض كلها وإذا بملك قابض على الجبل وهو يقول : سبحان ربي من الأزل إلى منتهى الدهر وسبحان ربي من أول الدنيا إلى آخرها وسبحان ربي من موضع كفي إلى عرش ربي وسبحان ربي من منتهى الظلمة إلى النور بصوت رفيع شديد لا يفتر فلما رأى ذلك ذو القرنين خر ساجداًفلم يرفع رأسه حتى قواه الله وأعانه على النظر إلى ذلك الجبل والملك القابض عليه فقال له الملك : كيف قويت على أن تبلغ هذا الموضع ولم يبلغه أحد من ولد آدم قبلك قال : قواني الله الذي قواك على قبض هذا الجبل فأخبرني عن قبضك على هذا الجبل فقال : إني موكل به وهو جبل قاف المحيط بالأرض ولولا هذا الجبل انكفأت الأرض بأهلها وليس على ظهر الأرض جبل أعظم منه فلما أراد ذو القرنين الرجوع قال للملك : أوصني قال الملك : يا ذا القرنين لا يهمنك رزق غد، ولا تؤخر عمل اليوم لغد، ولا تحزن على ما فاتك وعليه بالرفق ولا تكن جباراً متكبراً.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٩٣
تكبر كند مرد حشمت رست
نداندكه حشمت بحلم اندرست
وجود تو شهريست رنيك وبد
تو سلطان ودستور دانا خرد
همانا كه دونان كردن فراز
درين شهر كبرست وسود اوآز
و سلطان عنايت كند بابدان
كجا ماند آسايش بخردان
تو خودراو كودك ادب كن بوب
بكرز كران مغز مردم مكوب
﴿ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا﴾ أي : تبع وسلك طريقاً راجعاً من مغرب الشمس موصلاً إلى مشرقها.
قال الكاشفي :(قوم تماسك را باخودبرده لشكر نوررا زيش روان كرد وعسكر ظلمت را ازس بداشت وبجانب جنوب متوجه شده قوم هاويل راكه قطر ايمن بود مسخر كرد بهمان طريق كه درناسك مذكور شد س روى بمشرق نهاد).
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٩٣
﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ﴾ (تاون رسيد) ﴿مَطْلِعَ الشَّمْسِ﴾ يعني الموضع الذي تطلع عليه الشمس أولاً من معمورة الأرض.
وبالفارسية :(موضعي كه مبدأ عماراتست از جانب شرق) إذ لا يمكنه أن يبلغ موضع طلوع الشمس قيل بلغه في اثنتي عشرة سنة وقيل في أقل من ذلك بناء على ما ذكر من أنه سخر له السحاب وطوي له الأسباب ﴿وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ﴾ عراة ﴿لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا﴾ من أمام الشمس ﴿سِتْرًا﴾ من اللباس والبناء يعني ليس لهم لباس يتسترون به من حر الشمس ولا بناء يستظلون فيه لأن أرضهم لا تمسك الأبنية لغاية رخاوتها وبها أسراب فإذا طلعت الشمس دخلوا الأسراب أو البحر من شدة الحر وإذا ارتفعت عنهم خرجوا يعني :(وقتى كه آفتاب ارتفاع ذير فتى وازسمت رأس ايشان دور كشتى اززير زمين بيرون آمده ماهى كرفتندى وبا آفتاب بريان كرده خوردندى).
قال الحدادي : ليس على رؤوسهم ولا على أجسادهم شعر وليس لهم حواجب وكأنما سلخت وجوههم وذلك من شدة حر بلادهم.
ـ وحكي ـ عن بعضهم خرجت حتى جاوزت الصين فسألت عن هؤلاء فقالوا : بينك وبينهم مسيرة يوم وليلة فبلغتهم فإذا أحدهم يفرش أذنه ويلتحف بالأخرى ومعي صاحب يعرف
٢٩٤