فيحفرون السد حتى يبقى منه اليسير فيقول لهم : ارجعوا فستحفرون غداً إن شاء الله تعالى فإذا عادوا من الغد إلى الحفر قال لهم : قولوا بسم الله فيحفرونه ويخرجون على الناس فكل من لحقوه قتلوه وأكلوه ولا يمرون على شيء إلا أكلوه ولا بماء إلا شربوه فيشربون ماء دجلة والفرات ويأكلون ما فيه من السمك والسرطان والسلحفاة وسائر الدواب حتى يأتوا بحيرة طبرية بالشام وهي مملوءة ماء فيشربون فيأتي آخرهم فلا يجدون فيها قطرة ماء فيقولون : لقد كان بهذه مرة ماء وطافوا الأرض إلا أنهم لا يستطيعون أن يأتوا المساجد الأربعة مسجد مكة ومسجد المدينة ومسجد بيت المقدس ومسجد طور سيناء ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر وهو جبل بيت المقدس فيقولون لقد قتلنا من في الأرض هلم فنقتل من في السماء فيرمون بنشابهم إلى السماء فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دماً ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه في جبل الطور حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم فيدعون عليهم عيسى عليه السلام فيرسل الله عليهم دوداً تسمى النغف فتأخذهم في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ثم يهبط عيسى وأصحابه من الطور فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيدعو الله فيرسل الله طيراً كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ويستوقد المسلمون من قسيهم ونشابهم وجعابهم سبع سنين منتخب من "المصابيح وتفسير التبيان" وغيرهما.
وعن زينب أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم دخل عليها فزعاً يقول :"لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها" قالت زينب : فقلت يا رسول الله أفنهلك وفينا الصالحون؟ قال :"نعم إذا كثر الخبث" أي : الزنى والمراد بهذا الحديث أنه لم يكن في ذلك الردم ثقية إلى هذا اليوم وقد انفتحت فيه ثقبة وانفتاح الثقبة فيه من علامات قرب القيامة وإذا توسعت خرجوا منها وخروجهم بعد خروج الدجال.
قال في "فتح القريب" المراد بالويل الحزم وقد وقع ما أخبر به عليه السلام بما استأثر به عليهم من الملك والدولة والأموال والأمارة وصار ذلك في غيرهم من الترك والعجم وتشتتوا في البوادي بعد أن كان العز والملك والدنيا لهم ببركته عليه السلام وما جاء من الإسلام والدين فلما لم يشكروا النعمة وكفروها بقتل بعضهم بعضاً وسلب بعضهم أموال بعض سلبها الله منهم ونقلها إلى غيرهم كما قال تعالى :﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ (محمد : ٣٨) فعلى العاقل أن يحترز من فتنة يأجوج النفس والطبيعة والشيطان ويبني عليها سد الشريعة الحصينة والطريقة المتينة ويكون اسكندر إقليم الباطن والملكوت واللاهوت.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٩٩
﴿وَتَرَكْنَا﴾ في "القاموس" : الترك الجعل كأنه ضد أي : وجعلنا ﴿بَعْضَهُمْ﴾ بعض الخلائق ﴿يَوْمَـاـاِذٍ﴾ يوم إذ جاء الوعد بمجيىء بعض مباديه ﴿يَمُوجُ فِى بَعْضٍ﴾ آخر والموج الاضطراب أي : يضطربون اضطراب أمواج البحر ويختلط أنسهم وجنهم حيارى من شدة الهول.
وبالفارسية (روز قيامت انس وجن ازروى تحير واضطراب درهم آميزند).
قال في "الإرشاد" : لعل ذلك قبل النفخة الأولى ﴿وَنُفِخَ فِى الصُّورِ﴾ هي النفخة الثانية التي عندها يكون الحشر بمقتضى الفاء التي بعدها ولعل عدم التعرض لذكر النفخة الأولى لئلا يقع
٣٠٠
الفصل بين ما يقع في النشأة الأولى من الأحوال والأهوال وبين ما يقع منها في النشأة الآخرة.
والمعنى : نفخ إسرافيل في الصور أرواح الخلائق عند استعداد صور الأجساد لقبول الأرواح كاستعداد الحشيش لقبول الاشتعال فتشتعل بأرواحها فإذا هم قيام ينظرون وكل يتخيل أن ذلك الذي كان فيه منام كما يتخيله المستيقظ وقد كان حين مات وانتقل إلى البرزخ كالمستيقظ هناك وأن الحياة الدنيا كانت له كالمنام وفي الآخرة يعتقد في أمر الدنيا والبرزخ أنه منام في منام وأن اليقظة الصحيحة هي التي هو عليها في الدار الآخرة حيث لا نوم فيها.
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الصور فقال :"هو قرن من نور ألقمه إسرافيل".