كوش شانرا رده سازم ازصمم
شمشانرا نيز سازم شم بند
تابيبنند وكلامت نشنوند
قال في "الإرشاد" : وهذا تمثيل لإعراضهم عن الأدلة السمعية كما أن الأول تصوير لتعاميهم عن الآيات المشاهدة بالابصار قال بعض الكبار : كانت أعين نفوسهم في غطاء الغفلة عن نظر العبرة وأعين قلوبهم في غطاء حب الدنيا وشهواتها عن رؤية درجات الآخرة ودركاتها
٣٠٢
وأعين أسرارهم في غطاء الالتفات إلى الكونين عن شواهد المكون وأعين أرواحهم في غطاء تذكار ما سوى الله تعالى عن ذكر الله تعالى فإذا فتحت العين الباطنة بالمشاهدة فتحت العين الظاهرة بنظر الاعتبار وكذا السمع بظاهر السمع تابع لسمع الباطن ويدخل في سماع كلام الحق سماع سنن المصطفى صلى الله عليه وسلّم وسير الصالحين.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٩٩
﴿أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الهمزة للإنكار والتوبيخ على معنى إنكار الواقع واستقباحه كما في قولك أضربت أباك لإنكار الوقوع كما في أتضرب أباك والفاء للعطف على مقدر تفصح عنه الصلة على توجيه الإنكار والتوبيخ إلى المعطوفين جميعاً أي : أكفروا بي مع جلالة شأني فحسبوا وظنوا ﴿أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِى﴾ من الملائكة وعيسى وعزير وهم تحت سلطاني وملكوتي ﴿مِن دُونِى﴾ مجاوزين إياي أي : تاركين عبادتي ﴿أَوْلِيَآءَ﴾ معبودين ينصرونهم من بأسي على معنى أن ذلك ليس من الاتخاذ في شيء لما أنه إنما يكون من الجانبين وهم عليهم السلام منزهون عن ولايتهم بالمرة لقولهم سبحانك أنت ولينا من دونهم وقيل مفعوله الثاني محذوف أي : أفحسبوا اتخاذهم نافعاً لهم والوجه هو الأول لأن في هذا تسليماً لنفس الاتخاذ واعتداداً به في الجملة كذا في "الإرشاد".
﴿إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ﴾ هيأناها ﴿لِّلْكَـافِرِينَ﴾ المعهودين ﴿نُزُلا﴾ وهو ما يعد للنزيل والضيف أي : أحضرنا جهنم للكافرين كالنزل المعد للضيف وفيه تهكم بهم كقوله :﴿فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (آل عمران : ٢١) وإيماء إلى أن لهم وراء جهنم من العذاب ما هي أنموذج له وهو كونهم محجوبين عن رؤية الله تعالى كما قال تعالى :﴿كَلا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَـاـاِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ﴾ (المطففين : ١٥) جعل الصليّ أي : الدخول تالياً في المرتبة للمحجوبية فهو دونها في الرتبة وفسره ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بموضع النزول والمثوى.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٠٣
فالمعنى بالفارسية (منزل ومأوايى كه براى مهمان آرند ودرين معنى تهكم است برآنكه ايشانرا عذابها خواهد بودكه دوزخ دريش آن يزى محقر باشد).
وفي الآية إشارة إلى أن من ادعى محبة الله وولاءه لا يتخذ من دون الله أولياء إذ لا يجتمع ولاية الحق وولاية الخلق ومن كفر بنعمة الولاء واتخذ من دون الله أولياء فله جهنم البعد والقطيعة أبداً.
وقد قال بعض المحققين : أبت المحبة أن تستعمل محباً لغير محبوبه وحب الله تعالى قطب تدور عليه الخيرات وأصل جامع لأنواع الكرامات وعلامته الجريان على موجب الأمر والنهي كما قال بعضهم نزه ربك وعظمه من أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك فالذين كفروا أضاعوا أيامهم بالكفر والآثام وعبدوا المعدوم وهو ما سوى الله الملك العلام وأكلوا وشربوا في الدنيا كالأنعام فلا جرم جعل الله لهم جهنم نزلاً وشر مقام وأما المؤمنين فقد جاهدوا في الله بالطاعات واشتغلوا بالرياضات والمجاهدات وما عبدوا غير الموجود الحقيقي في وقت من الأوقات فلا جرم أحسن الله إليهم بالدرجات العاليات فالخلاص والنجاة في التوجه إلى الله رفيع الدرجات.
ـ حكي ـ أنه كان ملك مشرك جبار فأخذه المسلمون فجعلوه في قمقمة ووضعوها في نار شديدة فأسلم وتضرع إلى الله تعالى فأمطرت السماء فخرجت ريح شديدة وألقتها في مملكة فرآها أهل تلك المملكة وسألوه فقال : أنا الملك الفلاني فلما أسلمت وتضرعت إلى الله خلصني من الشدة فأسلم أهل تلك المملكة لِمَا رأوا عظم قدرة
٣٠٣
الله تعالى وشاهدوا شواهد توحيده والحمدتعالى.
﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم﴾ نخبركم أنا ومن تبعني من المؤمنين أيها الكفرة.
﴿بِالاخْسَرِينَ أَعْمَـالا﴾ نصب على التمييز والجمع للإيذان بتنوعها أي : بالقوم الذين هم أشد الخلق وأعظمهم خسراناً فيما عملوا.
وبالفارسية (برزيانكار ترين مردمان ازروى كردارها).
قال في "الإرشاد" : هذا بيان حال الكفرة باعتبار ما صدر عنهم من الأعمال الحسنة في أنفسها من صلة الرحم وإطعام الفقراء وعتق الرقاب ونحوها وفي حسبانهم أيضاً حيث كانوا معجبين بها واثقين بنيل ثوابها ومشاهدة آثارها غب بيان حالهم باعتبار أعمالهم السيئة في أنفسها مع كونها حسنة في حسبانها.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٠٣